طفل سوري يفلت من محاولة تجنيده في "داعش"

 

لا يخفي تنظيم "داعش" قيامه بعمليات تجنيد الأطفال في صفوف عناصره، مستغلا الظروف المعيشية الصعبة والوضع الأمني وتداعياته في سوريا والعراق، حيث يعتمد التنظيم سياسة التجويع وإغراء الأهالي بإرسال أطفالهم وتجنيدهم مقابل المال أو تحت مبدأ "القتال في سبيل الله".

"علي" هو طفل سوري يبلغ من العمر 11 عاماً، كاد أن يقع في شباك التنظيم خلال رحلة لجوئه مع عائلته إلى الأردن. قصة علي ليست الوحيدة بين مئات الآلاف من أبناء جلدته الهاربين من النزاع المسلح في أرضهم إلى بلدان اللجوء والشتات.

وفي تفاصيل الحكاية و"رحلة الموت" كما أراد والد علي أن يسميها، يقول الطفل السوري لـ"ا" إن مجموعة مسلحين تمكنوا من قطع الطريق أمام العائلات السورية اللاجئة ومن بينهم عائلته، التي تنوي الوصول إلى الأردن طلباً للأمن والأمان، إلا أن عمليات اختطافهم كانت في المرصاد.

ويستذكر الطفل ما حدث وقتذاك، فيما مظاهر الخوف ما زالت واضحة على جسده الغض الذي يشهد على جرائم التنظيم الذي حاول مراراً وتكراراً ضمه إلى صفوفه، فبعد أن هربت العائلات السورية من رحم الأنقاض والبراميل المتفجرة من مدينته "حلب" وصولاً إلى "تدمر" كانت الوجهة الأخرى هي الأردن... والعبور إلى هناك من خلال المنطقة الحدودية الفاصلة بين البلدين "الركبان".

وبالفعل وقبل أن تدنو العائلات من تلك المنطقة اعترضت مجموعة مسلحة تستقل سيارة طريقهم، وسرعان ما أخذ المسلحون توجيه أسلحتهم نحو العائلات وطالبوهم بافتراش الأرض ثم ساقوهم بعدما تم فرز الذكور عن الإناث والأطفال إلى مكان مجهول داخل الصحراء، وما هي لحظات حتى تم احتجازهم داخل غرف مهجورة لمدة شهر كامل.
لحى وشعر طويل

كان المشهد قاسياً ومرعباً للأطفال والعائلات، لا سيما علي، الذي يصف أشكال الخاطفين بأنهم مخيفون وشعر رؤوسهم ولحاهم طويل جدا، ويقول "كنت خائفاً جداً عندما رأيت النساء والأطفال يصرخون بشدة، خصوصاً والدتي وأخي الصغير، لا أحد يعرف مصيره، كانت نظراتنا تشهد على خوفنا وقلق أولياء الأمور علينا".

وكان التنظيم يقدم للعائلات رغيف خبز واحد في اليوم والقليل من الماء، متبعاً سياسة التجويع حتى يتسنى لهم إجبار العائلات للخضوع لمطالبهم وهي تقديم الأطفال كجنود لهم للمشاركة في العمليات القتالية، وبعد مطالبات متتالية لإقناع العائلات، إلا أنها قوبلت بالرفض، وفقا لرواية "والد علي".

ويقول والد علي، لـ"العربية.نت" إن التنظيم كان يحاول إقناع الأطفال وإخضاعهم لعمليات غسل أدمغة ومن بينهم طفله "علي" الذي كان يعاني ضغوطات نفسية جراء محاولات عناصر التنظيم معه، وإرغامه على استخدام السلاح، إلا أن "علي" أبدى عجزه عن حمل السلاح قائلاً "ما بعرف أحمل اسلاح".
داعش يلاحق الطفل "علي" في منامه

ويضيف والد علي "مكثنا تحت قبضة تنظيم داعش نحو شهر كامل، حاول خلالها التنظيم تجنيد 15 طفلا وأخذوا يتّبعون أسلوب إقناع الأطفال على التدريب وحمل السلاح، مشترطين على الأطفال القبول بإطلاق سراح العائلات، فكان الأمر صعبا جدا عليهم".

وبعد شهر كامل تحت جحيم تنظيم داعش، اشتد القصف الجوي على التنظيم في تلك المنطقة، ما ساعد العائلات السورية على الهروب، بعدما فر عناصر داعش.

سارت العائلات السورية في طريقها إلى الحدود الأردنية السورية محاطة بخوف وقلق شديدين جراء تجربتها مع التنظيم، وصولاً إلى مخيم "الركبان"، وبعد عمليات تفتيش من قبل السلطات الأردنية سمح للعائلات بالدخول ومن بينهم عائلة علي.

يعيش "علي" مع عائلته الآن في ضواحي العاصمة الأردنية عمّان، يكد والداه في العمل لتأمين لقمة العيش، انضم الطفل وأخاه إلى مقاعد الدراسة إلا أن خوفه من التنظيم مازال يلاحقه في منامه، فهو شاهد على تصرفات داعش وطرق حياتهم وأساليبهم في التجنيد والتنشئة والقتال.
تدريبات قاسية للأطفال

في المقابل أظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، الكثير من الصور ومقاطع الفيديو معسكرات ما يسمّى "أشبال الخلافة" حيث يقوم التنظيم بإخضاع الأطفال لتدريبات قاسية وتدريبهم على استخدام السلاح بمختلف أنواعه، ومراحل قيام التنظيم بتجنيد الأطفال بعد غسل أدمغتهم.

حيث يستخدم هؤلاء الأطفال المجندون، كدروع بشرية وللقيام بعمليات انتحارية وقتالية كما جرى في منطقة عين العرب حيث ظهرت جثث الأطفال ضمن عناصر داعش، وتم القبض على العديد منهم، وأحياناً في الأعمال الميدانية المواكبة لأعمال الصراع مثل: الطهي والتنظيف وجلب الماء، أو تقديم المساعدات الطبية للجرحى.

وقام التنظيم بإعداد الكثير من الأطفال الانتحاريين بعد أن غسل عقولهم بأفكاره المتطرفة، حيث وضعهم في الخطوط الأمامية خلال المعارك أو دروعا بشرية، كما واستخدموا الأطفال لعمليات تجسس على الأهالي لمعرفة ماذا يقول السكان عن التنظيم.