بلديه الكفريات

في ظل استمرار رفض الهيئات المحلية في قرى الكفريات جنوب طولكرم، لفكرة البلدية المشتركة، والمطالبة بحلها، في الوقت الذي تصر فيه وزارة الحكم المحلي على إبقائها وبصيغة جديدة أوسع من الأولى، على اعتبار أنها مصلحة عامة، .يتساءل مواطنو قرى الكفريات عن مصير هذه البلدية، ومقدراتهم ومستحقاتهم المترتبة على البلدية السابقة.

وترى المجالس والهيئات المحلية في عملية المد والجزر بشأن مصير البلدية مضيعة للوقت، واستنزافا لمقدرات سبع قرى، خاصة وأن مصروفات البلدية تفوق بكثير عن وارداتها.

وكانت البلدية المشتركة للقرى السبع تأسست بتاريخ 1-6-2016- بمرسوم رئاسي وبتنسيب من وزارة ووزير الحكم المحلي، وضمت في عضويتها قرى وبلدات: كفر عبوش، وكفر زيباد، وكفر جمال، وكفر صور، وكور، والراس، وجبارة، لتحل محل بلدية الكفريات التي تأسست في العام 2010م.

 وفي الانتخابات التكميلية التي جرت بتاريخ 22-12-2013، خاضت البلدية الوليدة في حينه، الانتخابات موحدة، رغم وعود الحكم المحلي بعدم إجراء الانتخابات فيها لحين إقرار قانون ونظام يحكم عملية الدمج، وهي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، حسب وصف بعض التجمعات.

 وفي الانتخابات الأخيرة التي جرت العام الماضي 2017، خاضت كل هيئة محلية الانتخابات بمفردها بعد أن استبدلت وزارة الحكم المحلي صيغة الدمج وطريقته.

 ويعمل في البلدية المشتركة 12 موظفا ما بين مهندس وفني وعامل وسائق، 10 منهم مثبتون ومصنفون رسميا، واثنان على عقد بانتظار التثبيت.

هشام يعقوب الموظف في وزارة الحكم المحلي والقائم بأعمال رئيس البلدية المشتركة منذ تأسيسها، قال لـ"وفا": الهدف من إنشاء هذا الكيان هو معالجة الخلل الحاصل بالنسبة لتمثيل التجمعات السكانية الصغيرة في عضوية بلدية الكفريات، الذين شعروا بواقع الظلم عليهم، حيث ارتأت الوزارة وبعد دراسات مستفيضة استبدال هذا الكيان، واستحدثت البلدية المشتركة ضمن صلاحيات جديدة تضمن معالجة الخلل الحاصل على اعتبار أن عملية الدمج تجربة جديدة في فلسطين.

وأضاف يعقوب أن هذا الكيان قوبل برفض من بعض الهيئات المحلية، وقبول مشروط من قبل هيئات أخرى لأسباب، منها احتجاج بعض المجالس والهيئات المحلية على حل البلدية السابقة الناجحة كما يرون، إضافة إلى عدم وجود نظام مالي وإداري واضح يحكم هذا الدمج.

وأقرّ بأن مصروفات البلدية تفوق عائداتها، وقال: هذا حقيقي وتبلغ المدخولات 26 ألف شيقل والمصروفات 68 ألف شيقل، بعجز واضح يزيد عن 60%.

وأشار يعقوب الى أن وزارة الحكم المحلي عالجت وتعالج هذا الأمر، ودعمت ميزانية البلدية من الحكومة ووزارة المالية بمبلغ 50 ألف شيقل شهريا لمدة نصف عام، إضافة إلى توسيع المخطط الهيكلي وصلاحيات اللجنة المحلية للتنظيم والبناء، ليشمل الترخيص مساحة 48 ألف دونم، بما فيها المنطقة (ج). كما أن البلدية وضمن الخطة التطويرية لها، ارتأت تفعيل معدات البلدية وآلياتها للعمل لدى المجالس والمواطنين، مقابل رسوم معقولة تحقق أرباحا لميزانيتها.

وتدير البلدية منذ تأسيسها لجنة تسيير أعمال من وزارة الحكم المحلي، لحين تسوية الأمور مع المجالس السبعة حسب المرسوم الرئاسي، والذي حدد وقتها تمثيل الأعضاء للبلدية بحسب أعداد السكان، وبواقع 13 عضوا: كفر جمال وهي أكبر التجمعات أربعة أعضاء، وكفر عبوش عضوان، وكفر زيباد عضوان، وكفر صور عضوان، وعضو واحد لكل من: الراس وخربة جبارة وكور.

ويعزو بعض رؤساء التجمعات السكانية الرفض للبلدية المشتركة بعدم قدرتهم ومجالسهم على تحمل تكاليف المصاريف التشغيلية العالية، كالرواتب والمحروقات، إضافة إلى عدم وجود نظام داخلي تفسيري يحكم العلاقة بين التجمعات السبعة للبلدية.

ويحمل ممثلو عدد من الهيئات المحلية، وزارة الحكم المحلي المسؤولية عن الرفض، بعدما أقدمت على حل بلدية ناجحة، ما عزز لديهم فكرة رفض أي عمل مشترك.

وترى بعض التجمعات أن ايراداتها المالية أضعاف ما تصرف بداخلها، معتبرة ذلك إجحافا بحقهم.

مقر مجلس قروي الراس

رئيس مجلس قروي الراس محمد طاهر، قال إن رفض القرية المشاركة في البلدية الجديدة يعود إلى أهالي القرية الذين رفضوا فكرة الدمج أساسا، والذي طبق في حينه دون موافقتهم.

وأضاف، أنه وبشكل شبه يومي يقوم بعقد اجتماعات ولقاءات مع الأهالي لإقناعهم بفكرة البلدية، إلا أن ذلك لم يثنهم عن رفض الفكرة، ولهذا السبب جاء رفضه ومجلسه المشاركة في البلدية المشتركة، رغم أنهم منتخبون.

وحمّل رئيس مجلس قروي كفر صور المنتخب عماد الزبدة، وزارة الحكم المحلي المسؤولية في ذلك، عندما حلت بلدية الكفريات الأولى التي كانت ناجحة الى حد ما، ما أثار سخط المواطنين في قريته الذين قرروا عدم المشاركة بأي كيان جديد.

وأضاف الزبدة أنه وطوال عمره وفترات توليه رئاسة مجلس كفر صورـ يطالب بالوحدة العادلة التي تجمع القرى السبع، إلا أن سياسة الوزارة أجبرته ومواطني قريته على اتخاذ هذا القرار.

رئيس مجلس قروي جبارة احسان عوض، قال، إنه وقريته مع جسم موحد للكفريات، بصلاحيات أقل من البلدية، كمجلس خدمات مشترك، لتخفيف العبء على المواطنين حيث التجمعات السبعة صغيرة ومحدودة الإيرادات.

وأشار إلى أن المنطقة اتجهت نحو الوحدة في العام 1998، وأقامت مجلس خدمات مشترك، ووصف حينها من أنجح المجالس الخدماتية في الوطن، حيث لاقى تقبل المواطنين، ونفذ مشاريع لكل تجمع تفوق ما أنجزته بلدية الكفريات.

ويرى رئيس مجلس قروي كفر زيباد فاروق غنايم، وهو أول رئيس لبلدية الكفريات المشتركة، أنها عنصر جيد إذا ما استغل الاستغلال الصحيح من قبل القائمين على البلدية أولا، ووزارة الحكم المحلي ثانيا، من خلال توخي العدالة والدقة في التعامل مع التجمعات السكانية، وإذا ما ضمنت الانتخابات التمثيل المناسب لكل تجمع سكاني.

وقال مدير عام الحكم المحلي في طولكرم المندس إياد خلف، إن ما تم ليس إلغاءً لعملية الدمج، وإنما إعادة صياغة الدمج، ما يشمل حقوق وتمثيل للجميع ونظام للتعامل مع الهيئات المحلية، حيث لم يكن هناك نظام وقانون يحكم عملية الدمج.

وأوضح أن هناك سبب آخر سياسي أجبر الوزارة على تغيير سياسة الدمج والمتمثل بضرورة أن تبقى هوية المجالس القروية ذات التاريخ العريق بمسمياتها، وهذه الأسباب دعتنا لدراسة الموضوع وتقييم التجربة، وأعدناها بصياغة جديدة، وتم إعادة الهيئات المحلية بكامل صلاحياتها المالية والإدارية ومسمياتها، والإبقاء على بلدية مشتركة لها صلاحيات خارج المخططات الهيكلية، إضافة إلى صلاحية التنظيم والبناء، وبهذا ضمنا هوية الهيئات المحلية وأيضا ضمنا العمل الفردي والجماعي والتنمية. وتم إقرار نظام وقانون يحدد الصلاحيات للبلدية المشتركة والمجالس المحلية، وأسندت القضايا العامة للبلدية والقضايا الخاصة والداخلية للهيئات المحلية.

وأضاف: وأكثر من ذلك، أقرت الوزارة مشروع مخطط هيكلي لكامل مساحة بلدية الكفريات بحدودها الكاملة،  من اجل تخطيط المنطقة وتشجيع الاستثمار والتنمية وتحديد المناطق السكنية والزراعية.

وقال خلف: أبقينا على بلدية مشتركة للاستفادة من صندوق البلديات، الذي لا يتعامل مع المجالس المحلية، كما تم الإبقاء على المسمى للبلدية المشتركة لتبقى عنوانا للاستثمار والتنمية مع القطاع الخاص، حيث يتم حاليا العمل على خطة استراتيجية لتنمية المنطقة وبشمولية.

وبخصوص الرفض الحالي للبلدية، اعتبر أن لا داعي له، لأن الوزارة أعادت الصلاحيات كاملة للهيئات المحلية، ووضعت نظاما وقانونا يحدد العلاقة بين البلدية المشتركة والهيئات المحلية.

وفي مجمل رده بخصوص استنزاف البلدية لمقدرات سبع قرى، قال خلف إن هذا الادعاء غير صحيح ولا يوجد حدة بين البلدية والهيئات المحلية، كما يصوره البعض.

وأشار إلى أن التسويات المالية جاهزة لكل هيئة محلية من مقدرات بلدية الكفريات السابقة، وقريبا سنجتمع معهم لتسليمهم إياها، ونحث الهيئات المحلية بضرورة تفهم الموضوع لأهميته وهو مصلحة للجميع.

واختتم حديثه، بأن البلدية المشتركة ثابتة وموجودة ووزارة الحكم المحلي ستدعمها ماديا ومعنويا، وبالتعاون مع صندوق البلديات، على اعتبار أنها منطقة واعدة وبحاجة الى استثمار فيها.