قوات النظام تسيطر على بلدة عتمان الاستراتيجية في درعا

حقّقت القوات النظامية السورية أمس، بغطاء جوي روسي، ودعم من «حزب الله» اللبناني، تقدماً كبيراً في محافظة درعا في جنوب البلاد، وسيطرت على بلدة عتمان الاستراتيجية، الواقعة على طريق دمشق درعا القديم، في وقت احتُجز آلاف المدنيين قرب الحدود التركية، بعد فرارهم من محافظة حلب، حيث تشنّ قوات النظام وحلفاؤها هجوماً واسعاً مع استمرار السلطات التركية في إقفال الحدود.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، إن قوات النظام والمسلحين الموالين لها، استعادت السيطرة بالكامل على بلدة عتمان، الواقعة على بعد كيلومترين شمال مدينة درعا، بدعم من مقاتلي «حزب الله» اللبناني والطيران الروسي.

وتسيطر الفصائل المعارضة والإسلامية على عتمان منذ العام 2013، وبحسب عبدالرحمن، فإن الفصائل كانت «تقصف أحياء سيطرة قوات النظام في درعا انطلاقاً من البلدة».

وللبلدة موقع استراتيجي، إذ تقع عند بوابة درعا من الجهة الشمالية، وعلى طريق يربط دمشق بدرعا (طريق دمشق درعا القديم)، كما لها منافذ عدة إلى مدينة درعا.

وبحسب المرصد، شنّت الطائرات الحربية الروسية خلال 48 ساعة من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين أكثر من 80 ضربة جوية، مشيراً إلى مقتل 10 مقاتلين من الفصائل على الأفل.

ويأتي تقدم قوات النظام في درعا بعد سيطرتها قبل أقل من أسبوعين على بلدة الشيخ مسكين الاستراتيجية شمال عتمان، والقريبة من الحدود الأردنية، كما سيطرت نهاية العام الماضي على مقر «اللواء 82» القريب من الشيخ مسكين.

وتعمل قوات النظام، وفق عبدالرحمن، على «تقوية مواقعها شمال مدينة درعا، حيث لم يبق أمامها إلا السيطرة على قريتي داعل وإبطع، الواقعتين بين الشيخ مسكين وعتمان».

وتسيطر الفصائل المقاتلة على معظم محافظة درعا، فيما تسيطر قوات النظام على جزء من مدينة درعا، مركز المحافظة، وعلى بلدات عدة في الريف الشمالي الغربي بشكل رئيس.

ومكنت الغارات الروسية قوات النظام خلال الأشهر الأخيرة من التقدم على جبهات عدة في البلاد، آخرها في محافظة حلب (شمال) وقبلها في اللاذقية (غرب) ودرعا.

في السياق، احتُجز الآلاف من المدنيين قرب الحدود التركية، بعد فرارهم من محافظة حلب، حيث تشن قوات النظام هجوماً واسعاً بدعم جوي روسي.

وفي منطقة إعزاز (شمال) قرب الحدود التركية، وجد آلاف المدنيين أنفسهم عالقين عند معبر باب السلامة مع استمرار السلطات التركية في إقفال الحدود.

والتقطت وكالة «فرانس برس» صوراً ولقطات بالفيديو لمئات الأشخاص، بينهم نساء وأطفال، وهم يسيرون حاملين أمتعة في صرر وأكياس، في حقل زيتون في بلدة أكدة الصغيرة القريبة من الحدود.

وفرّ نحو 40 ألف شخص على الأقل، وفق المرصد، منذ الاثنين من بلدات ريف حلب الشمالي، حيث تواصل قوات النظام هجوماً واسعاً بدأته الاثنين بغطاء جوي روسي.

وفي بلدة رتيان بريف حلب الشمالي، قال عبدالرحمن إن أكثر من 120 قتيلاً يتوزعون مناصفة بين قوات النظام والموالين لها والفصائل المقاتلة قضوا، إثر تجدد الاشتباكات بين الطرفين، مؤكداً أن مقاتلي الفصائل تمكنوا من استعادة السيطرة على أكثر من نصف مساحة البلدة بعدما كانت قوات النظام سيطرت بالكامل عليها صباح أمس.

وأوضح أن تقدم الفصائل جاء بعد هجوم معاكس شنته في البلدة على الرغم من القصف الروسي الكثيف، مؤكداً اندلاع اشتباكات عنيفة بين الفصائل من جهة وقوات النظام ومقاتلين من الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» من جهة ثانية.

وأفاد عبدالرحمن بأن «حركة نزوح كبيرة للأهالي من بلدات عندان وحريتان وحيان وبيانون، التي لاتزال تحت سيطرة الفصائل المقاتلة»، هرباً من القصف وخشية سقوط مناطقهم في يد الجيش. وأضاف أن هذه البلدات «باتت شبه خالية من المدنيين، ولم يبق فيها إلا المقاتلين، وعدد قليل من المدنيين الذين لم يتمكنوا من النزوح».

وقضى الآلاف ليلتهم في العراء وفي البساتين قرب الحدود مع تركيا، وفي مناطق أخرى لجأوا إليها في محافظة حلب، وبقيت الحدود من الجهة التركية مقفلة.

وقال صحافي من «فرانس برس»، إن الوضع هادئ عند معبر أونجوبينار المقابل لمعبر باب السلامة في سورية، ولم يكن أي دخول أو خروج عبر المعبر مسموحاً من الجهة التركية.

وأعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أول من أمس، أن «10 آلاف لاجئ جدد ينتظرون عند بوابة كيليس (بلدة تركية حدودية) بسبب الغارات الجوية والقصف على حلب»، مضيفاً أن «بين 60 و70 ألف شخص يتحركون من المخيمات شمال حلب نحو تركيا».

وتمكنت قوات النظام السوري، الخميس الماضي، مدعومة بقصف جوي روسي كثيف من قطع طريق إمداد رئيسة للفصائل المقاتلة المعارضة يربط مدينة حلب بالريف الشمالي حتى تركيا.

من جهته، قال قائد «لواء صقور الجبل»، التابع للجيش السوري الحر، الذي تلقى تدريباً عسكرياً أميركياً، حسن حاج علي، إن القوات الحكومية السورية والقوات الحليفة لها طوقت ريف حلب الشمالي تماماً، وإن القصف الروسي العنيف مستمر.

وأضاف أن الغطاء الروسي مستمر ليل نهار، وأن المنطقة شهدت أكثر من 250 ضربة جوية في يوم واحد.

وأشار إلى أن النظام يحاول الآن توسيع المنطقة التي بسط سيطرته عليها، مضيفاً أن ريف حلب الشمالي محاصر تماماً الآن، وأن الوضع الإنساني صعب جداً.

إلى ذلك، قال السفير الروسي في جنيف أليكسي بورودافكين، لـ«رويترز»، أمس، إن وفد المعارضة السوري الذي حضر محادثات السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة هذا الأسبوع كان ينبغي أن يرحب بهجوم الحكومة السورية حول مدينة حلب، بدلاً من أن يترك المحادثات.

وتساءل: «لماذا اشتكت المعارضة التي رحلت عن جنيف الهجوم على حلب، الذي استهدف في حقيقة الأمر (جبهة النصرة)، وغيرها من الجماعات المتطرفة؟».

وأضاف أن «مجلس الأمن الدولي يعتبر (جبهة النصرة) منظمة إرهابية، إنها جناح تنظيم القاعدة. ينبغي أن تسعد المعارضة بأن الإرهابيين يهزمون، لكنهم على النقيض شعروا بخيبة أمل، وتركوا المفاوضات».