عمان ـ صوت الإمارات
أكدت مصادر سياسية وحزبية أردنية من داخل جماعة الإخوان المسلمين، أن قيادة حماس منحت الضوء الأخضر لقيادات تاريخية في” إخوان الأردن” لتأسيس حزب سياسي.
وقالت المصادر؛ إن قياديين محسوبين على تيار الاعتدال زارا قطر والسودان سرا قبل شهرين، للحصول على ضوء أخضر لتأسيس حزب سياسي، نقيض لحزب جبهة العمل الإسلامي ( الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين).
وحسب المصادر، فإن القياديين اللذين زارا السودان وقطر، هما المراقب العام السابق للجماعة “سالم الفلاحات” الذي زار قطر، ومكث فيها نحو أسبوع في نهاية أيلول سبتمبر الماضي، وأمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي السابق “حمزه منصور” الذي زار السودان في نهاية شهر تشرين ثاني نوفمبر الماضي، ومكث في الخرطوم 8 أيام.
وأشارت المصادر، إلى أن القياديين حصلا على مباركة من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وقيادة الحركة في السودان، للمضي في تأسيس حزب جديد.
وتؤكد المعلومات الراشحة عن لقاءات قيادات تيار الإعتدال، التي أطلقت على نفسها إسم (مبادرة الشراكة والإنقاذ الإخوانية)، أن هذه المبادرة قطعت شوطاً كبيراً في وضع قواعد لحزب سياسي جديد، يكون عنوانه الشراكة والبعد عن الإقصاء والتهميش، في إشارة إلى ما كان يمارسة حزب جبهة العمل الإسلامي من إقصاء وتهميش لقيادات تاريخية وقواعد الحزب.
وبحسب مراقبين، من داخل البيت الإخواني، فإن جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، التي يقودها همام سعيد، وحزبها (حزب جبهة العمل الإسلامي) استنفذ حضورهما السياسي، خصوصا بعد جولات مكوكية قامت بها قيادات من مبادرة الشراكة والإنقاذ، شملت زيارات لدول عربية وإسلامية لمعرفة الآراء والمواقف حول خطوتهم، خاصة أن جميع أعضاء المبادرة من قيادات الجماعة الوازنين السابقين.
المعلومات المؤكدة من داخل البيت الإخواني، تقول بأن مبادرة الشراكة والإنقاذ ما زالت أسيرة لأفكار وبيعة جماعة همام سعيد، إذ أعلنت نيتها تشكيل إطار سياسي جديد، مع احتفاظهم بعضويتهم داخل جماعة همام سعيد والتزامهم بقرارات الجماعة في رسالة تطمين إلى الأفراد الداعمين للمبادرة بأنهم لن يفصلوا.
وعبّر أفراد مبادرة الشراكة، أن هذه الخطوة تمثل ضرورة ملحة تخدم الجماعة وتحافظ على مسارها الدعوي، وتخفف من حدة التجاذبات والإستقطابات داخل الحركة.
واللافت في الأمر، أن هذه الخطوة سبقتها محطات ومراحل عديدة من أجل أخذ الموافقات والمشروعية التنظيمية، لضمان مصالح الجماعة الداخلية ومصالح الأطراف الخارجية المؤثرة، في قرارات الجماعة وفي تصوراتها الداخلية والخارجية.
وهذا الحراك، تمثل بلقاءات وحوارات بين أعضاء المبادرة مع المكتب التنفيذي لجماعة سعيد، من أجل تشخيص الأزمة الداخلية، خصوصاً بعد عملية التصويب القانوني، التي قامت بها قيادات بارزة في الجماعة، ولقاءات خارجية في كل من قطر وتركيا والسودان ضمتهم بأعضاء من مكتب الإرشاد، وكذلك بممثلي حركة حماس في الخارج.
ويدعي القائمون على المبادرة، أنهم تعرضوا لهجمة شرسة من قبل أعضاء جماعة سعيد، نتيجة قرارهم بتشكيل هذه اللافتة السياسية الجديدة، إلّا أن ما يدور في الخفاء يشي بأن هناك توافقات ورؤى، تم انضاجها مع أطراف لها الصولة والجولة في الساحة الإخوانية الأردنية، أعطتهم الضوء الأخضر بالعمل على إنشاء الحزب الجديد، ضمن خطوط ومدارات معينة تحفظ مصالحها على الساحة الأردنية.
أول اعتراف
وبعد هذه الخطوة، أصدر “همام سعيد”، بياناً توجه فيه إلى القواعد الإخوانية، ورأى عدد من المراقبين والمحللين أن هذا البيان كان بمثابة أول إعتراف حقيقي بأن الجماعة تعيش أزمة حقيقية، هذا “التطنيش” المقصود من همام سعيد للأزمة التي تعانيها الجماعة منذ ثلاث سنوات، أي منذ انطلاقة مبادرة “زمزم”، التي فصل أعضائها وهم رحيل غرايبه وجميل الدهيسات ونبيل الكوفحي، مروراً بمرحلة تصويب الأوضاع القانونية للجماعة وصحوته من هذه الغيبوبة فجأة، يفسر حجم التنسيق العالي بينه وبين الأطراف الخارجية وكذلك بين أعضاء المبادرة مع تلك الأطراف، من أجل إقصاء الأصوات، التي نادت مبكراً بالإصلاح والتي وضعت يدها مبكراً على نقاط الخراب.
أسباب.. ومبررات
وبيّن أعضاء مبادرة “الشراكة والإنقاذ”، الأسباب التي دفعتهم إلى تشكيل اللافتة السياسية الجديدة، لكن المحيّر في الأمر أن هذه الأسباب قد تحدث بها أعضاء الجماعة الشرعية بشكل صريح ومعلن منذ سنوات، ونالوا ما نالوه من التخوين والشيطنة، فتم تأسيس المحاكم وقرارت الفصل التنظيمية بحقهم وإنشاء مؤسسات إعلامية للترويج لأفكارهم.
والسؤال المطروح الآن، في الأوساط الإخوانية، لماذا تتعامل جماعة سعيد مع أصحاب المبادرة الجديدة بهذه المرونة والإحتواء دون التلويح بمحاكمتهم وفصلهم، على غرار ما فعلته مع قادة “زمزم” ومع قيادات الجماعة الشرعية؟.
فكرياً، تحدث القائمون على المبادرة بأن هذا الحزب، هو إطار سياسي وطني سيسهم في بناء المشروع الوطني الأردني، لكن هذا الطرح واقعياً يصطدم مع مشروعية الحزب ذاته، فمشروعيته من الخارج، خاصة ان تنظيم الإخوان مرتبط بمكتب الإرشاد العالمي، ومباركته جاءت بناءً على تفاهمات إخوانية داخلية خارجية بحتة، بعيدة عن أولويات المشروع الوطني ولا تفقه أدواته، بالإضافة إلى البون الشاسع بينها وبين مصالح الدولة الأردنية العليا.