كشف بابا الفاتيكان السابق بنيديكت السادس عشر لأحد أصدقائه بعد ستة أشهر من استقالته من منصبه كرئيس للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، في مطلع هذا العام، عن أن الرب أوحى له بالاستقالة ، فيما يذكر أن قرار استقالة البابا، الذي يبلغ من العمر 86 عامًا، كان أصاب 1.2 مليار كاثوليكي في العالم بالصدمة. ونسبت وكالة أنباء "زينيت"، وهي وكالة كاثوليكية في روما، إلى صديق حميم للبابا لم تذكر اسمه، أن البابا أبلغه أن الرب زرع في قلبه "رغبة مطلقة" في الاستقالة، وأن يُكرِّسَ نفسه لحياة من الصلاة والتأمل. وقال البابا: إن ذلك لم يكن شكلاً من أشكال التهيؤات أو الخيالات وإنما كان بمثابة نتيجة "لتجربة صوفية روحانية" تلقاها خلال "تواصل مباشر مع الرب". وأضاف أنه كلما رأى جاذبية وكاريزما البابا فرانسيس الذي جاء بعده اقتنع بأن "مشيئة الرب" هي التي جعلته أول بابا منذ 600 عام يستقيل من منصبه. ويحظى البابا فرانسيس (المطران السابق لبيونيس أيرس) الآن بشعبية ضخمة بفضل أسلوبه البسيط والواقعي والمباشر، وتخلّيه عن العديد من زخارف المنصب، وزيارته أحد الأحياء الفقيرة خلال رحلته إلى البرازيل، الشهر الماضي، والتي استغرقت أسبوعًا، بالإضافة إلى مطالبته بما يُسمَّى بكنيسة فقيرة. وقالت وكالة الأنباء "إن الحوار الذي دار بين بنيديكت وصديقه الحميم كان وقع في دير ماتير إيكليسيا، وهو دير سابق داخل الفاتيكان، ثم تحول إلى مأوى للبابا الألماني السابق". وأكدت مصادر في الفاتيكان صحة تلك الأنباء، ولكنها رفضت الكشف عن هوية الصديق الحميم الذي تحدث معه البابا السابق. ونسبت صحيفة "ديلي تلغراف" إلى مصدر مطلع قوله "إن التقرير صحيح بلا شك، وذلك على الرغم من أنه ليس بمثابة بيان رسمي عن الفاتيكان أو رأيه". وأصاب بنيديكت العالم بمن فيهم الكاردينالات ومساعديه المقرَّبين عندما أعرب عن اعتزامه الاستقاله في 11 شباط/ فبراير الماضي. واختار أن يعلن تلك المفاجئة باللغة اللاتينية خلال اجتماع للكاردينالات، الذين لم يفهم معظمهم ما قاله البابا، ولكن مراسلة وكالة أنباء "أنسا" الإيطالية التي كانت تفهم اللاتينية التقطت الخبر. ويُعَد البابا فرانسيس هو أول بابا غير أوروبي يتم انتخابه على مدى 1300 سنة، كما أنه أول بابا من الأميركتين، وتم انتخابه في آذار/ مارس الماضي، في اجتماع سري لعدد 115 من الكرادلة. وعاد بنيديكت إلى الفاتيكان في أيار/ مايو الماضي بعد إجازة صيف أمضاها في كاستل غاندولفو خارج روما، وقال إنه سوف يظل مختفيًا عن العالم، ومكرِّسًا البقية الباقية من حياته في الصلاة والدراسة اللاهوتية. ومن شأن تصريحاته التي أدلى بها إلى صديقه الحميم أن تُخفِّف من حدّة التكهنات بشأن أسباب رحيله. وتقول صحيفة "ديلي تلغراف": "إنه على الرغم من أنه طاعن في السن وضعيف إلا أنه لا يعاني من أيّ مرض، الأمر الذي يثير تكهنات بشأن دوافعه الحقيقية". وكانت فترة البابوية التي اعتلى كرسيَّها العام 2005، حافلة بالفضائح بشأن القساوسة المتورّطين في الشذوذ الجنسي مع الأطفال في الأبرشيات الكاثوليكية حول العالم، بالإضافة إلى مزاعم تورُّط بنك الفاتيكان في عمليات غسيل أموال، وكذلك مكائد ودسائس إدارة الفاتيكان السرية المعروفة باسم "العشيرة". ويُقال إنه تأثر بشدة بخيانة كبير خَدَمِه باولو غابريل، الذي سرق وثائق سرية للفاتيكان، وسلمها لصحافي إيطالي قام بنشرها في كتاب.