قال مؤسس أوَّل حزب سلفي في الجزائر الشيخ عبد الفتاح حمداش زراوي، أنَّ حزبه لا يسعى للاستيلاء على السلطة، غير أنَّ الظروف المحيطة بالجزائر داخليًا وخارجيًا لا تسمح بتأخر التيار السلفي عن خوض غمار الحياة السياسية أكثر من ذلك، وحاول زراوي طمأنة الشعب الجزائري والسلطات في البلاد قائلًا أنَّ حزبه السلفي "جبهة الصحوة الحرَّة" - قيد التأسيس - جاء لبناء الأمة وإصلاح مؤسساتها وليس السعي وراء المناصب والسلطة، وانتقد زراوي، وزير الشؤون الدينية بوعلام الله غلام الله لتهجمه على التيار السلفي في مناسبات عدّة آخرها الأسبوع الماضي حينما قال "أنَّ التيار السلفي يرغب في الاستيلاء على السلطة". وأكدَّ رئيس "صحوة أبناء المساجد" الشيخ عبد الفتاح حمداش زراوي، في حديث خاص لـ"مصر اليوم" أنَّ التيار السلفي يريد "التعاطي بالإيجاب مع مختلف الهيئات والأحزاب المتواجدة بالساحة السياسية، لسنا سلبيين ولا خطيرين، بالعكس نريد مواصلة رسالة علماء الجزائر الذين حرروا عقل المجتمع وحضروا رسالة الثورة التحريرية الظافرة"، معربًا عن أسفه لخرجات وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وتهجمه المتواصل على التيار السلفي، قائلًا " الوزير أبان عدوانية تجاه السلفيين، مرة يصفه بالتيار الخطير على الأمة، ومرة التيار الشيعي الدخيل على المجتمع الجزائري، وهذا مالا نقبله"، وخاطب الشيخ حمداش زراوي الوزير وكلّ من يدعي أنَّ السلفيين خطر على الجزائر، قائلًا أنَّ التجربة المريرة التي مرّت بها الجزائر خلال التسعينيات جعلت الشعب يتخوّف من مصطلح الإسلاميين وخاصة السلفيين، وأكدَّ ي السياق ذاته أنَّ التيار السلفي يحمل ذات الهمّ الذي حملته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام تأسيسها 1931، قائلا "نسير على خطى ابن باديس والإبراهيمي والشيخ العقبي والعربي التبسي وعلماء الجزائر، الذين كان لهم الفضل في محاربة آلة الشر والانحلال التي زرعها المستعمر الغاشم". ودافع الشيخ حمداش عن حقّ التيار السلفي الذي يمثل أغلبية ساحقة في المجتمع الجزائري، في المساهمة في بناء الأمة من خلال ولوج الحياة السياسية التي أضحت –كما يقول- "تخضع لمصالح ذاتية، ومستوى متدني من الممارسة"، مشيرًا إلى أنَّ اتهام السلفيين بالاستيلاء على السلطة أمر سابق لأوانه لأنَّ التيار لا "يستولي" إنَّما "الحق الدستوري" يكفل له الدخول وتمثيل الشعب وسيكون هذا آجلا أم عاجلا وفق الإطار القانوني للدولة الجزائرية. وأشار رئيس "صحوة أبناء المساجد" إلى أنَّ الحزب الجديد جاء ليجمع التيار السلفي الذي يؤمن بالعمل السياسي في مفهومه القيمي، مضيفًا أنَّه على جميع الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية القبول بهذا التيار الضارب في أعماق المجتمع الجزائري، مؤكدًا أنَّ اتصالات جرت مع أحزاب إسلامية غير السلفية وتمّ الاتفاق على التحالف لخير هذه البلاد، مشيرًا إلى أنَّ الممارسة السياسية "حق شرعي طبيعي ودستوري لكل الجزائريين". واتهم الشيخ حمداش بعض الدوائر الليبرالية في الحكم التي تريد قبر الإسلاميين، مشيرا إلى أنَّ اختيار "جبهة الصحوة الحرة" دخول الحياة السياسية الآن يهدف إلى الوقوف أمام من يريد تمييع الشعب وإحلال ثقافة الغرب في المجتمع الجزائري بدل الإسلام، وقال الشيخ حمداش "فضَّلنا دخول المعترك السياسي لأجل التربية والإصلاح والتكوين، لأنَّ أي تأخر آخر سيسمح بسنّ قوانين منافية للشرع الحنيف، ممن استولوا على الحكم"، مضيفًا "أن الشعب الجزائري لم يجد بديلًا إسلاميًا صلبًا يستند عليه لإعادة توازن المجتمع الجزائري".    وهوّن الشيخ حمداش من التهويل الذي يتبع وصف الدولة الإسلامية من أشكال الرجم والتعزير والجلد، قائلا إنَّ الشريعة الإسلامية هي رحمة وحياة ومكارم أخلاق، وأضاف المتحدث موضحًا "نقول للمتخوفين من السلفية أنَّنا على نهج الإمام مالك والسلفية الجزائرية لها مرجع ثابت على هذا المذهب الذي سار عليه علماء الجزائر الأفاضل"، وردّ على المتخوفين أنَّ سيّد البشرية أرسى دولة الحق خلال 23 سنة بالشريعة وكانت أعظم دولة في التاريخ، "وعلينا اليوم أن نقيم دولة الحق والشريعة لمحو رواسب الاحتلال الفرنسي كليا من المجتمع الجزائري، ببناء الفرد ومؤسسات الدولة". وقال الشيخ حمداش زراوي، أنَّ التيار السلفي في الجزائر لم يتأثر بما يحدث في الوطن العربي بعد اعتلاء الإسلاميين الحكم في عدد من أجزائه، مشيرًا إلى أن السلفيين في الجزائر كانوا السباقين إلى العمل السياسي منذ تسعينيات القرن الماضي، وأضاف معلقًا في ذات السياق أنَّه "يبارك النماذج العربية وخاصة مصر"، قائلا "أنَّه لا مانع من أخذ الخير من كل الدول" وأضاف "نحن أمة مسلمة ويجب العمل على بناء أمة الحق وفق الشريعة السمحة".