أبوظبي – صوت الإمارات
منذ البدايات اقترن اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالعطاء، وتقديم العون لكل محتاج، بصرف النظر عن الدين أو العرق، ما جعل منه رمزاً من رموز العطاء والإحسان على مستوى العالم، وجعل من الإمارات مساهِمة رئيسة في العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم. والآن؛ وبينما تمر الذكرى الـ12 على رحيل الوالد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في 19 رمضان الجاري، سيبقى الشيخ زايد يلهم العالم أجمع في العطاء والتسامح والتعايش والعمل الإنساني والاجتماعي.
وكان الشيخ زايد يؤمن بأن الثروة التي تتمتع بها أبوظبي جعلت من واجبه تقديم المساعدة حيثما استطاع، في الداخل أو في الخارج؛ فكان يبادر بعمل الخير على الدوام، وسيرة عطائه مشهود لها منذ أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي، وبقي يفعل ذلك طوال 35 سنة بعيداً عن عدسات الكاميرات ووسائل الإعلام.
وبحسب التقديرات، فقد أنفقت الإمارات على المساعدات الخارجية بين عامي 1971 و1996 ما يزيد على 17.4 مليار دولار، واستفاد منها أكثر من 40 بلداً في ثلاث قارات. وكان، رحمه الله، يتعاطف كثيراً مع الناس العاديين في أوقات المحنة والمعاناة، كما يذكر الكاتب، غريم ويسلون، في كتابه "رجل بنى أمة"، الصادر عن الأرشيف الوطني، ويتناول مواقف شاهده على إنسانية الشيخ زايد وعطائه غير المحدود.
ويشير ويلسون في كتابه إلى أن الشيخ زايد، في منتصف السبعينات من القرن الماضي، كان يضع مليارات الدولارات بتصرف المنظمات الخيرية العالمية المعنية بالمساعدات الإنسانية، الأمر الذي وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول المساهمة في ميزانيات هذه المنظمات الدولية.
وكانت الإمارات عضواً قيادياً في "صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية"، الذي أنشئ لتمويل مشروعات التنمية في البلدان العربية عام 1973، برأسمال 1.5 مليار دولار، وكان المؤسسة الإماراتية الرئيسة المعلن عنها لتقديم المساعدات، وتوسع عمل الصندوق بعد تأسيسه، فتبنى مشروعات في إفريقيا وآسيا، وقد رفع الشيخ زايد رأسمال الصندوق ليصل 4.4 مليارات دولار، وبذلك تمكن الصندوق من رفع وتيرة نشاطه، فقدم الهبات والقروض الميسرة التي توزعت على أكثر من 50 مشروعاً بين عامي 1974 و1975، منها 31 مشروعاً في الوطن العربي، و10 مشروعات في إفريقيا، وتسعة في آسيا، وكان الشيخ زايد حريصاً على حسن إدارة الصندوق، وكثيراً ما كان يلغي بعض الديون المترتبة شريطة عدم الإعلان عن ذلك، وكان الاهتمام يتركز على مشروعات البنى التحتية التي من شأنها الارتقاء بحياة الإنسان.
وكان الشيخ زايد يدرك أنه لا يستطيع مساعدة كل الناس، لكنه كان مؤمناً بأن أموال المساعدات إذا تم إنفاقها في وجهتها الصحيحة تتسع فائدتها، ويمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في المجتمعات المستفيدة وفي بلاد بأسرها، حتى إن إنشاء مدرسة يمكن أن يغير مجرى حياة منطقة.
وتفرد الشيخ زايد بحرصه الشديد، من خلال مساعديه، على متابعة برامج المساعدات خطوة بخطوة، وهو ما ساعد كثيراً في نجاح المساعدات الخيرية التي قادها.
وطالما احتلت قضية فلسطين صدارة اهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، حيث أدرك المعاناة التي كابدها الشعب الفلسطيني، وكان نصيراً لقضيتهم؛ إذ قدم الشيخ زايد الكثير من المعونات لتمويل الإغاثة والإسعافات الطبية في المخيمات، وحيثما ذهبت في الأراضي الفلسطينية تجد المدارس والمستشفيات التي تحمل اسمه، والكثير سواها مما لا يحمل اسمه، وإنما يعود الفضل في إنشائها إلى أياديه البيضاء.