المحكمة الاتحادية العليا

رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن تاجر مخدرات ضد الحكم بالسجن المؤبد وإبعاده عن الدولة، مؤكدة في الحيثيات توافر حالة التلبس بحق المتهم، إذ تم ضبطه يبيع المخدرات إلى أحد رجال مكافحة المخدرات الذي انتحل صفة المشتري.وكان المتهم جلب 50 كبسولة مخدر عن طريق بلع هذه المواد، وتمكن من الدخول إلى الدولة واتفق في اليوم التالي مع المصدر السري على بيعها، لكن تم ضبطه في حالة تلبس من قبل رجال مكافحة المخدرات.

وأحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة الجزائية، موجهة إليه تهمتي جلب بقصد الاتجار مخدر الهيروين ومؤثرات عقلية في غير الأحوال المصرح بها قانونًا، مطالبة بمعاقبته.

وقضت محكمة أول درجة بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد عما أسند إليه وإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة مع مصادرة المواد المضبوطة، ثم استأنف المتهم قضاء ذلك الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول لبطلانه، والقضاء مجددًا بمعاقبته بالسجن المؤبد مع إبعاده عن البلاد ومصادرة المضبوطات، فطعن المتهم على هذا الحكم بالنقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها خلصت فيها إلى طلب رفض الطعن.

وذكر دفاع المتهم، إن الحكم خالف القانون وأخل بحق الدفاع، حينما دان المتهم عن التهمتين الموجهتين إليه استنادًا إلى أدلة مستمدة من إجراء القبض، وهو إجراء باطل، ذلك أن المتهم دفع أمام محكمة الاستئناف مصدرة الحكم المطعون فيه ببطلان أمر القبض لحصوله في غير الحالات المنصوص عليها قانونًا، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بأن القبض قد تم صحيحًا لوجود حالة تلبس، رغم أن مأموري الضبط القضائي القائمين بالضبط لم يستصدروا إذنًا من النيابة العامة بضبطه، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، مبينة أنه من المقرر في قضاء المحكمة، أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع باستخلاصها بغير معقب ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة، ويكفي لتوافر حالة التلبس في حيازة المخدرات أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وأنه من المقرر أن مهمة مأمور الضبط القضائي هو الكشف عن الجرائم وكل إجراء يقوم به في هذا الشأن يعد صحيحًا منتجًا لإثاره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض عليها طالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة، ولا تثريب على مأمور الضبط القضائي في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل ما يكشف عن الجريمة.

وأشارت إلى أن حكم الاستئناف عرض لدفاع المتهم وخلص من الأوراق إلى أن سبب ضبطه وجود دلائل كافية تتمثل في قيامه ببيع المخدر إلى أحد رجال مكافحة المخدرات بعد أن انتحل صفة المشتري، والذي أسفر عن ضبط كميات المخدرات المضبوطة، ومن ثم فإن ضبط المتهم وتفتيشه تم وفقًا للإجراءات المقررة قانونًا، ولا يعدو النعي إلا ضربًا من ضروب الدفاع وتشكيكًا في سلطة محكمة الموضوع تقدير صحة الأدلة والأخذ بها، وهي مسائل موضوعية لا يجوز إثارتها أمام هذه المحكمة ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس خليق بالرفض.

ورفضت المحكمة طعن المتهم ضد الحكم بشأن صدور اعترافه مخالفًا للحقيقة، مؤكدة أن فهم الواقع وتقدير الأدلة فيها والأخذ بما تراه منها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا رقيب عليها في ذلك، ولها الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو الاستدلال أو المحاكمة، طالما اطمأنت لصحته وصدوره عن إرادة حرة واعية مختارة، ولو عدل عنه بعد ذلك، إذ العبرة في الإثبات في المسائل الجزائية باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الأدلة المطروحة عليها، ولا يصح مصادرتها في ذلك، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما يثيره المتهم من قول أو حجج.