الدكتور حنيف حسن القاسم

أكد رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، الدكتور حنيف حسن القاسم، أن الجريمة التي ارتكبها المتهم بقتل والديه حرقاً بالنار، أحمد الشحي، تعتبر حالة فردية ولا تمثل أخلاق وتربية واعتدال المجتمع الإماراتي، كما أنها لا تمثل وسطية الدين الذين ننتمي إليه، وتابع "هناك جذور للفكر المتطرف الذي يقود للإرهاب الذي يرتكب جرائم القتل".

وأوضح القاسم أن الجريمة جاءت نتيجة لأفكار المتهم المتشددة وتكفيره لأسرته ومَن حوله، موضحاً أن مؤشرات التطرف ظهرت عليه قبل ارتكابه لجريمته، وكان ينبغي اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه فور ظهور علامات التطرف عليه، منها تكفيره للآخرين، وغلوه في الدين، وتشدده في كثير من المسائل الدينية، وتحريم وتحليل المعتقدات الدينية حسب آرائه الشخصية.

وذكر إن "الشحي كان متطرفاً وتكفيرياً طوال السنوات الماضية، وبعد ارتكابه جريمة القتل البشعة صار ارهابيا"، مشيراً إلى أن وجوده طوال السنوات الماضية طليقاً من دون نصحه وتقديم المعالجة الفكرية له، كان يشكل خطراً على المجتمع الإماراتي والمقيمين في الدولة، إذ كان باستطاعته ارتكاب جريمته في أي مكان خارج نطاق أسرته.

وأشار إلى وجود مؤشرات إلى الانحراف الفكري للشحي قبل ارتكابه جريمة قتل والديه حرقاً، وهي وجود خلل لديه في قراءة النصوص الدينية وفهمها وتطبيقها، مضيفاً: "نحن أمام مشكلة كبرى تتعلق بإعادة فهم وتجديد الخطاب الديني".

وأعتبر أن ما فعله الشحي جاء نتيجة تعرضه لغسل دماغ وترسيخ قناعات متزمتة ومتشددة بداخله، بسبب بعض المناهج القديمة والمراجع الخاطئة التي يشوبها التطرف والغلو في الدين، وتابع أنه "ينبغي تنقية بعض المراجع الدينية من الشوائب والنصوص السقيمة ومن التفسير العقيم لحماية المجتمع من التطرف".

وأكمل أن السبب الرئيس وراء ارتكاب جريمة الشحي أنه كان يرى أن أفعال المجتمع من حوله "منكر"، وأنه الوحيد الذي على صواب، إلى أن وصل لمرحلة أنه يرى كل شيء حوله باطل وأنه على صواب، وهذا قمة التطرف.

وأضاف أن مراحل التطرف تبدأ من تكفير أفراد الأسرة والمجتمع ومؤسسات الدولة، وهذا إرهاب من الدرجة الأولى، حيث إن الشحي لم يرتكب الجريمة إلا بعد أن وصل إلى تلك المعتقدات وعن قصد وقناعة، مؤكداً ضرورة الانتباه للمشروعات الإرهابية الموجودة وضرورة معالجتها فكرياً وأمنياً.

وأوضح أن المعالجة الفكرية ضرورية لأن الفكر يواجه بالفكر، والمعالجة الفكرية مهمة للقضاء على الأفكار المتطرفة، لكن في بعض الحالات لا ينفع مع المتطرفين العلاج الفكري.

وذكر أن هناك أشخاصاً يفهمون النصوص الدينية على طريقتهم وليس وفقاً للمراجع الدينية الصحيحة، وهو ما يسمى بالفكر الضيق الذي لا يفهم النصوص الشرعية على وجهها الصحيح، ويُخرج النص الشرعي من حكمه الصحيح، إذ إن التكفيريين يعتمدون في فتاواهم على الأحاديث الضعيفة والآيات المنسوخة لتبرير أفعالهم الإجرامية.

ولفت إلى "إننا بحاجة إلى إعادة تجديد الخطاب الديني في بعض المؤسسات الدينية والتعليمية بما يتناسب مع الوسطية والاعتدال"، موضحاً أن الدولة كانت سباقة في إصلاح التعليم وإزالة الشوائب منه ليتناسب مع الدين الإسلامي الوسطي.

وأشار إلى أننا بحاجة إلى تغيير الخطاب الديني في وسائل الإعلام وفي مختلف الكتب الدينية الخاطئة، وملء الفراغ الديني الموجود، لينسجم مع التعدد الفكري والثقافي والديني، وإلا سيلجأ الآخرون إلى التطرف والغلو في الدين وارتكاب جرائمهم وفقاً لمعتقداتهم الضلالية.

ولفت إلى أن مسألة تحريم أي مسألة دينية تكون من اختصاص المرجعية الدينية وليس من قبل أفراد المجتمع وعلى أساس الفكر الشخصي