محكمة استئناف أبوظبي

تصدت النيابة العامة في أبوظبي لقضية عامل أصيب بشلل نصفي نتيجة سقوطه من مكان عال خلال تأدية مهام عمله، وتكللت جهود النيابة بعد متابعتها القضية في أربع درجات تقاضي، بحصول العامل على حقه واعتبار إصابته ناجمة عن خطأ تقصيري في توفير الشركة التي يعمل لديها مستلزمات الحماية لعمالها، واعتبارها مسؤولة عن الإصابة وبالتالي إلزامها بأداء الدية الشرعية عن الإصابات والجروح، والذي قدرتها محكمة الإحالة التي نظرت القضية بعد إعادتها من محكمة النقض، بمبلغ 800 ألف درهم.

وأصدرت النيابة العامة وبعد التحقيق في القضية، قرارا بإحالة الشركة، جهة عمل المجني عليه، للمحاكمة بتهمة الإهمال الذي أدى إلى إصابة، وكانت المحكمة الابتدائية قضت ببراءة الشركة، وذلك على سند عدم وجود ما يثبت تقصيرها في توفير أدوات السلامة اللازمة لعمالها.

ولم ترتضي نيابة الاستئناف بالحكم، وطعنت فيه أمام محكمة الاستئناف، موضحة أن المجني عليه كان يعمل من فوق منور المبنى، ما يتطلب توفير وسائل أمان خاصة بالعمل في الأماكن المرتفعة، وهو ما لم توفره الشركة، ما نتج عنه سقوط العامل وإصابته بشلل في نصف جسده الأسفل، وهو ما وافقت عليه المحكمة وقضت بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإدانة الشركة بما أسند إليها والحكم بتغريمها مبلغ ثلاثة آلاف درهم.

ولم ترض نيابة الاستئناف بهذا الحكم أيضا، وطعنت عليه أمام محكمة النقض على سند أن المحكمة وفق القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة، ملزمة عند الإدانة بجرائم الإصابة الخطأ أن تبحث مدى استحقاق المجني عليه للدية عن الإصابات التي لحقت به نتيجة خطأ المتهمة، وقد وافقت محكمة النقض على ذلك وحكمت بتأييد الحكم من حيث إدانة الشركة، ونقضه جزئياً لعدم تضمنه استحقاقات المجني عليه الشرعية، وأعادت القضية إلى محكمة الاستئناف لتنظرها من قبل هيئة مغايرة.

وأوضحت محكمة النقض في حيثيات حكمها أن الدية طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، عقوبة لا يجوز استبدالها بعقوبة أخرى، باعتباره تعويضا لا يسقط إلا برضا صاحب الشأن، وأكدت أن على المحكمة القضاء بالدية من تلقاء نفسها حتى وإن لم تطلب النيابة أو المجني عليه.

وأمرت محكمة الإحالة بعرض المجني عليه على الطب الشرعي لبيان إصابته ومقدار العجز في كل عضو مصاب في جسده، لتقدير مبلغ الدية وفق نسبة الإصابة وبناء على التقرير الطبي حددت محكمة الإحالة في حكمها قيمة الدية بمبلغ 800 ألف درهم، وقضت بإلزام الشركة بأدائها للعامل المجني عليه.