أبوظبي - صوت الإمارات
قال الكاتب حبيب الصايغ رئيس تحرير صحيفة " الخليج " في مقال له بالصحيفة اليوم ..هذه هي دولة الإمارات تقدم الأنموذج الأمثل من جديد وهذه المرة يتمثل الأنموذج في المرسوم بقانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بشأن مكافحة التمييز وازدراء الأديان ونبذ خطاب الكراهية.
وأشار في مقاله بعنوان " الإمارات .. تشريع احترام الإنسان " أنه يلفت النظر في المرسوم بقانون إلى جانب التوقيت المثالي هذا الإتقان في وضعه مطوقا بالحضارة والذوق حيث التأكيد بشكل مباشر وغير مباشر على منظومة القيم الكلية التي يجب أن تسود المجتمعات كافة وهو ما ينسجم ويتسق اتساقا كاملا مع دستور دولة الإمارات الذي ينص في أكثر من موضع ومنذ ديباجته المضيئة على أهمية المحافظة على كرامة الإنسان وإعداده لحياة كريمة وذلك نحو تحقيق المساواة المجتمعية في أفقها الرحيب بعيدا عن السقوف الخفيضة والأطروحات الضيقة.
وقال الصايغ " لقد عاش العرب المعاصرون منذ أن عاشوا وهم يطالبون بالمطالب التي يحققها المرسوم بقانون الصادر في الإمارات منتصف نهار أمس وهو اليوم الذي سجل نفسه بما طوق ووهب يوما تاريخيا حقيقيا .. هو يوم للحقيقة وللحياة والعمل في ظروف طبيعية ملائمة تنبذ عبر الممارسة الواقعية آفة هذا العصر المتمثلة في التدين الذي يناقض الدين وفي ذهاب الخطاب الديني الزائف في المبالغة حد التوحش وفي التمييز القاتل ..القاتل بالفعل لا القول .. وكم من مقولة لمعتوه تحولت إلى رصاصة غادرة أو سكين في عنق أو ظهر غافل أو بريء .. كم مقولة أو عبارة لمثقف وعالم ورجل دين .. ويا للمفارقة حين يغادر بعض الدعاة الهدى إلى الفتنة منبئين وبالأدلة القاطعة عما في نفوسهم من ظلمات بعضها فوق بعض " .
لماذا دولة الإمارات ....لماذا دولة الإمارات حتى في هذا أولا.. لأنها دولة تعرف ذاتها وتنطلق من القوة والإمكان وتنشغل بالتنمية ورفاه المواطن في أفق الأمن والاستقرار والعدل .. إن الدولة التي تطمح إلى الوصول في العام 2021 إلى كوكب المريخ تعرف تماما كيف تتعامل مع ثوابتها وأخلاقياتها في العام 2015 على كوكب الأرض .
وحول ما علاقة هذا بذاك .. قال أن المسألة واحدة وترتبط ببعضها بعضا معبرة عن تطلعات الوطن الصغير الكبير الذي حقق قيادة وشعبا المنجز المعجز حتى الآن وها هو يتقدم الموكب السائر على المستويين العربي والدولي إلى المستقبل.
وأضاف "هل يصل إلى مستقبله من لا يتقدم اليوم موكب الطموح والعمل .. هل يصل إلا الذكي الأبي صديق النور لا الظلام " ..مؤكدا " صديق الظلام لا يصل لأنه ببساطة اختار عدم الرؤية ..العتمة بحيث لا يستطيع يرى .. وقبل ذلك آثر الاختفاء وراء أصابعه المرتعشة " .
وقال رئيس تحرير صحيفة " الخليج " .." اليوم .. منذ اليوم في الإمارات سيعد المرجفون بأصابعهم حتى العشرة قبل أن يتبنوا خطابا طائفيا أو تكفيريا وربما قطعوا أصابعهم قبل الإقدام على مغامرة بحجم الإساءة إلى الرموز الدينية والمقدسات وكلها يجب أن يحترم ويصان أو مغامرة بحجم التحريض على القتل عبر فضائية أو وسيلة تواصل اجتماعي بعد أن أقر المرسوم بقانون عقوبة الإعدام .. نعم الإعدام لكل محرض أدى تحريضه إلى قتل آخر بسبب عقيدته أو ملته أو عنصره عبر آخر وفي عقوبات المرسوم بقانون الرادعة السجن خمس سنوات وعشرا والغرامة فكم ترى ستنظف وسائل التواصل الاجتماعي وكم سيتخلص تويتر من ثرثرته " .
وأكد أن المرسوم بقانون الذي أصدره صاحب السمو رئيس الدولة " حفظه الله " لن يقي بلادنا شرور الكراهية والعنصرية والطائفية وازدراء الأديان فقط وإنما سيحمي الحريات الشخصية من أوسع الأبواب حيث الإنسان حر في معتقده ولا يجوز أن يهان أو يساء إليه بسبب الاختلاف معه في الرأي أو المعتقد .. أما التكفير الذي أصبح يردده البعض وكأنه لازمة ضرورية أو نشيد اعتيادي فمعاقب عليه بأشد أنواع العقوبة في المرسوم بقانون الجديد ما يردع التكفيريين ويقيد ألسنتهم.
ونوه الكاتب بأن المرسوم بقانون الجديد يهدف إلى احترام الإنسان كونه في حد ذاته محترما ابتداء ولا يغير من ذلك الاحترام أو يؤثر فيه لون أو جنس أو عنصر أو معتقد أو دين أو مذهب .. فلكل ما يعتقد والشرط أنه لا يتعدى على حريات الآخرين في ما يرون أو يعتقدون .. ولهذا وللكثير غيره يسهم المرسوم بقانون الجديد في تكريس الإمارات دولة وفكرة ومشروعا وترسيخ وجودها باعتبارها أنموذجا عربيا وعالميا يصلح قطعا للتمثل والاقتداء.
وأضاف الكاتب أنه إلى ذلك يسهم المرسوم بقانون في تكريس الإمارات دولة تسامح واعتدال ورفاه وأمن واستقرار وعدالة ودستور وسيادة قانون ويضعها في طليعة الدول المبادرة إلى نبذ الكراهية والتمييز عبر تشريع عصري ومتقدم له سمة الشمول من ناحية ويفصل حيثياته وشروطه بوضوح من ناحية ثانية وفي الجهة المقابلة يضع خطا فاصلا كبيرا بين التمييز السلبي والتمييز الإيجابي ..مؤكدا أنه يبقى تفعيله عبر الوعي به .. فعلى كل متضرر في دولة الدستور والقانون اللجوء إلى القانون ليمثل خصمه أمام قاضيه الطبيعي نحو حفظ الحق والقضاء ما أمكن على فتنة هذا العصر.
ودعا الصايغ في ختام مقاله الدول الشقيقة والصديقة إصدار قوانين وتشريعات مشابهة ومماثلة .. فالقضايا التي يتصدى لها المرسوم بقانون الإماراتي بشأن نبذ التمييز والكراهية وازدراء الأديان قضايا عابرة للقارات وكذلك جرائمها ولا بد من التعاون نحو تطويقها والقضاء عليها من خلال العمل المشترك في الإطار الإقليمي خصوصا عبر مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والمنظمات الإسلامية على تكامل التشريعات .