دبي – صوت الإمارات
أكد رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، إن الفترة الحرجة اقتصاديًا وسياسيًا، التي تمر فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحتاج إلى حكومة شاملة وقادرة على قيادة شعبها نحو الاستقرار، والعمل على بناء المؤسسات التي تضمن تحقيق التنمية، محددًا ثلاث صفات لتلك الحكومة، الأولى أن تكون حكومة شفافة، والثانية أن تستثمر في الموارد البشرية لمواطنيها، وتستفيد من قدراتهم العلمية والإنسانية، وثالثًا أن تتمكن من تأمين البيئة المناسبة للأعمال والمنافسة الاقتصادية، كما تتوافر فيها الفرص المتساوية لجميع أفراد المجتمع.
وتعهد كيم بأن يقف البنك الدولي إلى جانب الإمارات في كل ما تقوم به من خطط وبرامج تعمل على خدمة الإنسان والنهوض بالمجتمع.
وأوضح كيم، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة العالمية للحكومات، بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن ابن خلدون، حذّر من العواقب السيئة التي تلم بالشعوب إذا ما كانت الحكومة غير عادلة، وغير قادرة على تأمين الفرص المتساوية لجميع أفراد المجتمع.
وذكّر بكتابات ابن خلدون عن أن بناء نسيج اجتماعي قوي يعد أمرًا أساسيًا، لأنه يشجع على بناء العلاقات بين المواطنين، بما يضمن تمكينهم من التعاون والتكاتف للعمل على بناء التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار كيم إلى نظريات المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، الذي عرّف القوة بأنها ليست القوة العسكرية، بل القوة الاجتماعية التي تقوم على تطبيق مبادئ الديمقراطية، والقوة الإنسانية التي يحركها التعليم والنهوض الفكري. وحذّر الحكام ورؤساء الحكومات من التعامل مع المواطن كرقم، مشددًا على أن فرد المجتمع يجب أن يعامل كإنسان لديه احتياجات وطموحات، يجب أن تكون حاضرة ومحسوبة ضمن أجندة الحكومات ومشروعاتها.
وحدد كيم ثلاثة عوامل يجب توافرها من أجل المضي في طريق الرفاه والتنمية والازدهار الإنساني، تتضمن النمو الاقتصادي والاستثمار في التعليم والرعاية الصحية وتفادي المخاطر الناتجة عن الظروف السيئة مثل انتشار الأوبئة والتغير المناخي ووقوع الحروب، وما إلى ذلك من مشكلات وتحديات.
وعرض كيم أوضاع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعاني حاليًا الآثار السلبية الناتجة عن تردي الوضع الاقتصادي على مستوى العالم، بسبب انخفاض الطلب في الصين، وانخفاض أسعار النفط واستمرار تسجيل الفقر المدقع في العالم نسبة عالية، فيما لايزال نحو 700 مليون إنسان في العالم يعيشون بدخل يقل عن دولارين يوميًا.
وأضاف كيم أن كل ما تمر به المنطقة من أوضاع اقتصادية سيئة يزداد سوءًا، نتيجة الاضطرابات وارتفاع وتيرة العنف والدمار والإرهاب الذي يهدد حياة ومستقبل الشعوب، الأمر الذي يزيد الحاجة إلى وجود حكومات رشيدة، وذات رؤية وقادرة على القيادة والمضي بشعبها في مسيرة البناء، مؤكدًا أن الإمارات والبرازيل تمثلان نموذجًا حيًا على قدرة الحكومة على مواجهة التحديات عبر اتخاذ قرارات حكيمة مثل الاستثمار بالقدرات البشرية، والعمل على النهوض بقطاعي التعليم والرعاية الصحية.
وحذر كيم من الرأسمالية غير المنظمة، التي لا تأبه للتكاليف، كما لا تعمل عبر برامج مدروسة على توفير الفرص الاقتصادية والتعليمية لأفراد الشعب، مؤكدًا أن الحد من التكاليف والأعباء المفروضة على القطاع الخاص عامل أساسي من عوامل الحوكمة الابتكارية والشاملة التي تقود إلى الطريق نحو الازدهار والنماء البشري.
وتطرق كيم إلى عدد من الأمثلة في العالم التي اتخذت قرارات نحو التغيير ومواجهة التحديات والمخاطر بإجراءات علمية ومدروسة، مثنيًا على تجربة لجنة الحوار الوطني التونسي التي استطاعت أن تضع معايير لبناء نظام للتقييم والمحاسبة، كما أسست لحوار بين كل الجهات الفاعلة في البلاد.