القاهرة - علي رجب
أكد مستشار مفتي مصر إبراهيم نجم أن ما تمر به البلاد حاليا أزمة سياسية بعيدة كل البعد عن الإسلام، وتحتاج إلى جهود شاملة للمصالحة والتفاهم، يقوم فيها كل فرد وطرف بالواجب المنوط به للعبور بمصر إلى بر الأمان. جاء ذلك في لقاء للدكتور نجم في إطار برنامج الحوار بين الأديان استضافه المركز الإسلامي في لونج أيلاند في نيويورك بحضور مجموعة كبيرة من القيادات الدينية والأميركيين تناول فيه الأحداث الأخيرة في مصر. وقال نجم إن الأميركيين يتابعون الأحداث في مصر لحظة بلحظة، وشددوا خلال اللقاء على أن مصر دولة محورية للعالم أجمع، وأعربوا عن حرصهم على استقرارها. وفي حديث لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في واشنطن عن اللقاء، رفض مستشار فضيلة المفتي وصف ما يحدث في مصر بأنه حرب ضد الإسلام، مشيرا إلى أن ذلك يسئ إلى الإسلام. وأوضح أن ما يحدث بين المسلمين في مصر الآن هو "احتراب واقتتال وفتنة" ولا يمت بأي صلة إلى "الجهاد المعروف في الإسلام" ولابد من بذل الجهود لوقف إراقة الدماء بشكل فوري لأنه يمس بسمعة مصر التي أصبحت على المحك. وشدد على ضرورة أن يعي المتظاهرون جميعا في مصر أن الدماء حرام على المصريين جميعا، كما نوه بأن الحل يتطلب الكثير من المبادرات السلمية الجديدة من الشارع التي تركز على لم الشمل والتوحد دون الاعتماد فقط على الحل الأمني، كما شدد على أن مشاهد إراقة الدماء لا تعبر مطلقا عن الإسلام. وقال إن ما يحدث في مصر هو صراع سياسي في المقام الأول ولابد أن يفهم في سياقه، موضحا الفرق بين التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أن التطرف يظل في مستوى الفكر، والتعامل معه لابد أن يكون بالفكر أيضا ومقارعة الحجة بالحجة. وأكد نجم ضرورة استيقاء المعلومات فيما يتعلق بالدين الإسلامي من أهل العلم الراسخين وهم علماء الأزهر الشريف، مشيرا إلى أن المهمة الأساسية لفضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام هي التواصل مع العالم وبناء جسور التفاهم والتواصل. ونوه بأن الأزهر يقوم بدور وطني واجتمعت حوله الطوائف المصرية وقد نهض في الفترة الأخيرة برسالته والعالم ينتظر منه المزيد في المرحلة القادمة لإيضاح الصورة الحقيقية للإسلام المعتدل. وأوضح أن التحدث مع العالم وبيان ما حدث من تشويه للدين الإسلامي يمثل أحد الاستراتيجيات القادمة للأزهر والمؤسسة الدينية بالكامل في مصر حتى لا تقع شعوب العالم ومن بينها الشعب الأميركي فريسة لوسائل الإعلام المغرضة، مشيرا إلى أن هذه المهمة تقع على عاتق المصريين جميعا سواء في الخارجية أو السياسيين أو علماء الدين وغيرهم كل حسب تخصصه. وفي هذا الصدد أوضح الدكتور نجم أن الأزهر والمؤسسة الدينية في مصر سيبدأن حملة جديدة للتوعية والتواصل في المرحلة القادمة للانفتاح على العالم بالعديد من اللغات بخطاب يناسب العقول والأفكار، بعيدا عن الاهتمام بالحديث مع النفس، حتى تصل الصورة الصحيحة للإسلام إلى العالم، بخاصة بعد صور العنف وإراقة الدماء التي عرضتها وسائل الإعلام الأجنبية. وأكد مستشار فضيلة مفتي الجمهورية ضرورة عدم إقحام الثوابت الدينية في السياسة، مشيرا إلى أن ذلك يمثل أحد جوانب التشوهات التي لمسها لدى الأميركيين خلال زيارته الحالية التي تمتد أسبوعا. وشدد مستشار فضيلة المفتي على ضرورة إرسال الوفود إلى أنحاء العالم لتوضح الصورة الحقيقية لما يحدث في مصر والصورة الحقيقية للإسلام المعتدل أيضا. ونوه بأنه كان هناك تقصير في الحديث مع العالم وبخاصة عن ما يحدث الآن في مصر وتفاصيل خارطة الطريق التي اجتمع عليها المصريين، مشيرا إلى أن العالم لا يرى الآن سوى الضرب والقتل في مصر. وشدد على ضرورة تفادي هذا التقصير بالعمل الجاد. وأكد نجم أن الإسلام يحرم إراقة دماء أي إنسان تحريما قاطعا كما يحرم العنف بكافة صوره وأشكاله، لافتا إلى أن حرمة هذا الدم تعظم عندما يراق سدى وعندما يراق دم المسلمين بأنفسهم، ونوه بأن القرآن والسنة النبوية أكدا على ذلك بشدة في أكثر من موضع. وأوضح أن دور القوات المسلحة يبقى في الأساس في حماية التراب الوطني والانحياز للشعب ومؤسسات الدولة وحمايتهم. وتصدى مستشار مفتي الجمهورية لكل من هاجم الأزهر، قائلا إن كل من يفعل ذلك إنما يعبر عن رأي شخصي ولا يستطيع أحد أن ينال من الأزهر كمؤسسة عريقة ضاربة في جذور التاريخ. وشدد على أن جامعة الأزهر لم تكن يوما منصة لاستهداف المسلمين أو غيرهم بالسوء، سواء في مصر أو في محيط العالم، ولكنها منارة للعلم والحفاظ على الصورة الصحيحة للإسلام والوسطية والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مشيرا إلى أن ما يشاع عن غير ذلك لا يستند إلى أي حقيقة، ولابد من التحقق مما تتناوله وسائل الإعلام التي لا تستند إلى ثوابت. وأكد على أهمية الرسالة الوسطية التي يحملها الأزهر، مشيرا إلى أن تاريخ الأزهر يشهد له بأنه يقوم بدور وطني ويمثل ضمير الأمة وأن دور العلماء في الأزهر على مر التاريخ لم يقتصر على دروس العلم فقط وإنما كان علماء الأزهر ومازالوا ملاذ مصر والعرب والمسلمين جميعا، وكانوا دائما في المقدمة يرشدون الناس إلى ما فيه الخير للبلاد والعباد. ونوه بأن المصريين يدركون طبيعة الدور التاريخي للأزهر وما قام به في الفترة الماضية من مبادرات للم الشمل والتوحد ونبذ الشقاق، مشددا على أن هذا الدور سيعظم في الفترة القادمة على ضوء الأحداث المتوالية في مصر.