أبوظبي ـ سعيد المهيري
تعتبر الجرائم الواقعة على الأطفال بمجملها، قضايا رأي عام، بصرف النظر عن وزن الفعل الإجرامي فيها، وهي دائمًا في دائرة الشجب والاستنكار من قبل جميع أفراد المجتمع، الذين يدينون فاعلها ويقذفونه بكل عبارات الإدانة واللعنة، ولا يكفون عن مطالبة أجهزة القضاء بمعاقبته بأشد وأقسى العقوبات حتى يكون عبرة ودرسًا لا ينسى لغيره، لكن ماذا لو كان الفاعل أو الجاني الوالدين وتحديدًا الأب؟
قصتنا اليوم تتحدث عن طفل عمره 3 سنوات، كاد يفقد حياته خنقًا بأصابع الغفلة والإهمال من قبل والديه، اللذين نزلا من سيارتهما لزيارة إحدى الأرحام، ولم يتأكدا من أنه برفقتهما، حيث ظن الزوج أن الطفل مع أمه، بينما ظنت الأم أنه برفقة أبيه، وما بين "الظنّيْن" مكث الطفل يصارع الموت الصامت لمدة أربع ساعات نتيجة حرارة الشمس الملتهبة، ونقص الأوكسجين نتيجة إغلاق النوافذ والأبواب بإحكام، قبل أن يتم تحريره من قبضة الموت، فبينما كان الزوجان منهمكين في زحمة الحديث مع شقيقة الزوج التي كانا في زيارتها في إحدى المناسبات الدينية، انتبهت الأم إلى أن طفلهما ليس موجودًا في المكان، ولا يلعب مع بقية ألأطفال.
سارع الأب البالغ من العمر 33 عامًا إلى الاتصال بسيارة الإسعاف التي حضرت على جناح السرعة، وقدّم أفراد طاقمها الإسعافات الأولية للطفل، قبل إيداعه العناية المركزة لمدة 15 يومًا.
وبحسب تقرير الطب الشرعي، فإن الطفل تعرض لضربة شمس أدت لفقدانه وعيه، ومعاناته من التشنجات وتكسر البروتين العضلي، وما صاحب ذلك من مضاعفات خطيرة.
وبالرغم من أن استبعاد احتمال تعمد الآباء على وجه العموم، التسبب بضرر تجاه الأبناء برسم الفطرة البشرية والعلاقة الأبوية، إلا أن الإهمال الذي تعرض له الطفل المذكور يعد جنحة تحت بند "التسبب بالخطأ في المساس بسلامة جسم الغير"، من وجهة نظر القضاء، ويستدعي إحالة الأب إلى المحكمة الجزائية لينال عقاب إهماله، بيد أن النيابة العامة في دبي ارتأت في هذه الحالة أن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية، آخذةً بعين الاعتبار العلاقة الأبوية وضرورة الحفاظ على أواصر تلك العلاقة، وكذلك خلو صحيفة المتهم من أي سوابق إجرامية، علاوةً على شفاء الطفل مما ألم به نتيجة الواقعة شفاءً تامًا.