حجة-صالح المنصوب
تعيش محافظة حجة أوضاعًا إنسانية صعبة، وهي تعتبر واحدة من كبريات المحافظات اليمنية, وتقع إلى الشمال الغربي للبلاد بها ميناء بحري ومنفذ الطوال البري الذي يربطها بالمملكة العربية السعودية، ويعاني سكانها الجوع والفقر والمرض وحرمان من أبسط الخدمات الضرورية, فالفقر ارتفعت معدلاته والأوبئة القاتلة تفشت بين أوساطهم, وأصبحت أغلب الأسر تعاني المجاعة في ظل توقف رواتب الموظفين, وعجز المنظمات الإغاثية والإنسانية عن القيام بدورها في إغاثة المتضررين جراء الحرب التي أشعلتها قوى الانقلاب، والتي انعكست سلبًا على الأوضاع المعيشية للمواطنين.
ويقول احد الناشطين الذي فضّل عدم ذكر اسمه أن حال سكانها كحال غيرهم من أبناء الوطن الجريح, بعد سيطرة المليشيا الإنقلابية عليه, واغتصاب السلطة بقوة السلاح ونهب مقدراته، ويضيف أن باء الكوليرا الخطير كان ومازال حاضرًا وانتشر كالنار في الهشيم في قرى وعزل المحافظة, فأوقع بين السكان مئات الوفيات وآلاف الإصابات التي تتكتم الجهات الرسمية بالمحافظة عن الإفصاح بها, لهول الإحصائيات المسجلة المصابة بالمرض, في ظل عجزها عن مواجهته باستثناء بعض المنظمات التي افتتحت عددا غير كاف من المراكز الصحية بالمحافظة لاستقبال ومعالجة المصابين.
ويوضح المواطن سعيد ناصر, أن العيد هذه المرة كان مختلفًا تمامًا عن كل المرات السابقة، فقد استقبله أبناء المحافظة ببؤس وحرمان وتعفف لعدم قدرتهم على شراء الاحتياجات العيدية لأسرهم جراء توقف مرتباتهم وتداعياته السلبية على الوضع الاقتصادي على عامة الناس, فبدلا من أنه يجلب الفرحة والسعادة بقدومه جلب معه حزنًا وتعاسة لأسر تمنت ألا يحل عليها بسبب عن قدرتها على إسعاد أطفالها الذين سلبت منهم فرحتهم في المأكل والملبس، ويضيف أنها لم تشفع للسكان قساوة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يمرون بها أمام تسلط الحوثيين, وتجبرهم فقد تمكنت ميليشياتها بالمديريات من الحصول على عدد كبير جدا من المال والمواشي لتمويل ما يسمونه بالمجهود الحربي, لمواصلة الحرب ضد الشعب اليمني من خلال إجبار الأهالي هنا على الدفع والتبرع. أما في الجانب الإغاثي والإنساني لم يكن بالمستوى المطلوب, حيث أن المساعدات الإغاثية التي تقدمها بعض المنظمات محدودة ولم تشمل كافة الفقراء والمحتاجين, فوضع أبناء المحافظة يندى له الجبين وهناك الكثير من الأسر تعاني وضعًا ماديًا صعبًا ولكنها متعففة صابرة داخل مساكنها لم يمد أفرادها لأحد رغم شدة فقرهم .
النازحون والمشردون من ديارهم بسبب جحيم الحرب المستعرة في مناطق المواجهات بالشريط الحدودي في حرض وميدي حكاية أخرى وقصة ألم, فهم في العراء ويلتحفون السماء بين حرارة الشمس في المناطق الحارة وبين برودة الأجواء في المناطق الجبلية, معاناة كبيرة تتوالى على كواهلهم نظرًا لعدم حصولهم على حقهم من الرعاية التي تليق بهم كبشر, فالمنظمات لم تكن عند مستوى المسؤولية المناطة بها, لم تقدم شيئا يذكر لأولئك المشردين من ديارهم لتخفيف وطأة الفقر والحرمان والتشرد، بل استغلت أوضاعهم السيئة للمتاجرة بها وجني الأرباح المادية من ورائها دونما فائدة تذكر سوى كثرة الزيارات الميدانية وتوثيق صورا لهم بغية استلام الأموال من الجهات المانحة ليس إلا.
وفي الجانب الحقوقي بالمحافظة فالوضع كارثي بكل ما تحمله الكلمة, حيث تعمدت جماعة الحوثي وصالح الإنقلابية في انتهاكات حقوق المواطنين, وتقييد حرياتهم والزج بمن يخالفهم الرأي داخل معتقلاتها السرية, التي تكتظ بعدد مهول من المعتقلين في مخالفه صريحة للقوانين والأعراف الدولية, فهناك الكثير من المواطنين اختطفوا وظلموا وسلبت منهم حرياتهم وأذلوا دونما ذنب اقترفوه سوى رفضهم لسياسات تلك الجماعة التي تمارس الإرهاب والتنكيل بكل من وقف ضد مشروعهم العنصري.
وفي الجانب الميداني يؤكد السكان أن المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية الموالية للرئيس هادي ومليشيا والإنقلاب على طول الشريط الحدودي مع الجارة السعودية, والسيناريو المتبع في سير المواجهات هناك فأنه بات من الواضح أن لا نية للطرف الأول التقدم والسيطرة على حساب الأخير, بالرغم من امتلاكه لإمكانيات هائلة مادية وبشرية قد تمكنه من الاجتياح, والتقدم بسرعة إن أراد ذلك على حساب الأخير الذي ينتهج في أغلب تكتيكاته العسكرية مدافعا بسبب عدم قدرته على الهجوم لضعف إمكانياته العسكرية في الجانب المادي والعسكري .فهناك معارك الشريط الحدودي تدور في مربعات قريبة جدا من الأراضي السعودية, ولم يطرأ عليها أي تغير فالمواجهات هناك تدور وفقا لقاعدة الكر والفر والتقدم والانسحاب, لا جديد فيها سوى سقوط القتلى والجرحى من الجانبين.