أحمد عبد الرحمن الجرمن

حذر  أحمد عبد الرحمن الجرمن مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الإنسان والقانون الدولي أمس الثلاثاء، من تداعيات خطيرة لخطوة اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إلى المدينة من تل أبيب، ما يضفي المزيد من التعقيدات على النزاع الفلسطيني -الإسرائيلي ويعطل الجهود الحثيثة القائمة لإحياء عملية السلام، كما أن من شأنها استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم في ظل محورية القدس وأهميتها القصوى

. وأوضح سعادة الجرمن أن الإقدام على هذه الخطوة يعد إخلالاً كبيراً بمبدأ عدم التأثير على  مفاوضات الحل النهائي، ويخالف القرارات الدولية والتي أكدت على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية الراسخة في القدس التي لا يمكن المساس بها أو محاولة فرض أمر واقع عليها.

 وقال إن هذه الخطوة تمثل تغييراً جوهرياً وانحيازاً غير مبرر في موقف الولايات المتحدة المحايد، في الوقت الذي يتطلع فيه الجميع إلى أن تعمل واشنطن على تحقيق الإنجاز المأمول في مسيرة عملية السلام. وأكد مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الإنسان والقانون الدولي، موقف دولة الإمارات الثابت من القدس ووقوفها الراسخ والدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني لينال حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

 وأعلنت الرئاسة الفلسطينية مساء أمس، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ نظيره الفلسطيني محمود عباس في مكالمة هاتفية نيته نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، بينما كشف مسؤول أن ترامب سيعلن اليوم قرار نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل. وأكدت الرئاسة أن الرئيس عباس، أبلغ ترامب بأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس "خطوة مرفوضة" ولها تداعيات خطيرة على عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. كما أبلغ ترامب هاتفياً العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بهذه الخطورة والذي، حذر من

"اتخاذ أي قرار خارج إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية"، مشدداً على أن "القدس هي مفتاح تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم". وأعلنت الرئاسة المصرية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد لترامب موقف القاهرة الداعي للحفاظ على الوضعية القانونية للقدس في إطار المرجعيات والقرارات الأممية.

وأفاد بيان للرئاسة المصرية أكد بعد اتصال ترامب به، أنه لا داعي إلى "تعقيد" الوضع في الشرق الأوسط، محذراً من القيام بإجراءات من شأنها تقويض فرص السلام في الشرق الأوسط.

 من جهته، بعث العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، رسالة إلى الرئيس الأميركي حذره فيها من نقل سفارة واشنطن إلى القدس، قائلاً "مدينة القدس بخصوصيتها الدينية الفريدة وهويتها التاريخية العريقة، ورمزيتها السياسية الوازنة، يجب أن تبقى أرضاً للتعايش والتساكن والتسامح بين الجميع". وشدد رئيس لجنة القدس، بالقول "من شأن هذه الخطوة أن تؤثر سلباً على آفاق إيجاد تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي"، مطالباً بـ"الحفاظ على مركزها القانوني، والإحجام عن كل ما من شأنه المساس بوضعها السياسي القائم". ودعا إلى "تفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الغبن والإحباط والمساس بالاستقرار الهش في المنطقة".
 
وأعلن نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، أن عباس حث بابا الفاتيكان فرنسيس، والرئيسين الروسي فلادمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني على التدخل للوقوف حائلاً ضد نية ترامب المعلنة نقل سفارته إلى القدس. وقال أبو ردينة "الرئيس أبو مازن كان موقفه واضحاً.. القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية والشرعية العربية، ووفق القانون الدولي"، مضيفاً أنه لم يتبلغ بموعد النقل المزمع للسفارة إلى القدس. وأضاف "إننا لا يمكن أن نقبل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس لما يعنيه ذلك من اعتراف رسمي بأن القدس عاصمة إسرائيل". كما أعلنت الرئاسة الفلسطينية أنها تدرس الدعوة لعقد قمة عربية طارئة وعاجلة، مضيفة بالقول "أي تطور مثل هذه الخطوة يتطلب أن يتحمل الجميع مسؤولياته، تجاه أي مساس بالقدس عاصمة دولة فلسطين". كما دعت حكومة الوفاق إلى تحرك عربي وإسلامي جاد تجاه المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها مدينة القدس والترفع عن البيانات والانتقال إلى الفعل الحازم لحماية المدينة.
 
ووسط تحذير شديد من تداعيات هذا القرار على عملية السلام بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي، والمنطقة والعالم برمته، في كل من السعودية والكويت والعراق والجامعة العربية والأزهر وتركيا وإيران وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي ومسؤولين أجانب آخرين، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس من اتخاذ أي إجراء أحادي بشأن القدس يقوض حل الدولتين. وعلى الصعيد الأميركي الداخلي، قال مسؤولان اشترطا حجب اسميهما، إن أنباء خطة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أثارت معارضة من مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية المعني بالتعاملات مع المنطقة. وأكد أحدهما أن "كبار المسؤولين في المكتب وعدد من السفراء بالمنطقة، عبروا عن قلقهم الشديد من فعل هذا". وقال المسؤول الآخر، إن تقديرات المخابرات بخصوص الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أنها ستطلق ردود فعل غاضبة ضد إسرائيل وربما أيضاً ضد المصالح الأميركية بالشرق الأوسط.

 إجراءات نقل السفارة الأميركية تبدأ اليوم
أبلغ مصدر أميركي "الاتحاد" مساء أمس الثلاثاء، أن إجراءات نقل السفارة إلى القدس ستبدأ اليوم الأربعاء، كاشفاً عن اتصالات دولية على مستوى رفيع تحذر الرئيس ترامب من هذه الخطوة لكنه أكد أن الأخير لن يتراجع عن هذا القرار. وقلل المصدر من تداعيات هذا الإجراء قائلاً إن الرئيس ترامب يتوقع ردود الفعل على هذه الخطوة، لكنه أيضاً يرى أنها ستكون مؤقته، أي أن الأمور ستهدأ بعد فترة وجيزة وسيتم استيعاب الموقف واحتواء أي تداعيات لاحقة.