ابوظبي ـ صوت الإمارات
دُشّن في العاصمة الإماراتية أبوظبي أول تحالف أمني بمثابة مجموعة عمل دولية لمواجهة الجريمة المنظمة والعابرة للقارات، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، ووزراء داخلية وممثلي 6 دول عربية ودولية، يضم إضافة للدولتين المؤسستين للحلف دولة الإمارات وفرنسا، كلاً من إيطاليا وإسبانيا والسنغال و البحرين والمغرب، ويتخذ من العاصمة أبوظبي مقراً لأمانته العامة.
ويهدف التحالف إلى العمل المشترك لمواجهة الجريمة المنظّمة والعابرة للقارات بمختلف أشكالها وتطوير سبل الوقاية منها، واستدامة الأمن والاستقرار لتلك الدول في سعيها إلى تعزيز الأمن والنماء لشعوبها، وتختلف هذه المجموعة الدولية عن غيرها من التحالفات الأخرى في أنها بمثابة منتدى لتبادل الخبرات والمعارف، وتنشر أفضل الممارسات المستخدمة وأسس ووسائل التدريب العام أو المتخصّص على الصعيد الشرطي والأمني، وستمكنه صبغته القانونية من التصرف بمرونة لمواجهة القضايا والتحديات الشرطية في العصر الحالي.
ونقل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، للمجتمعين، تحيات رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأخيه نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأخيهما ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، .
وأكد بن زايد في كلمة له، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ماضية بعزم لا يلين، لمواجهة الجريمة، بكل أشكالها، محلياً وإقليمياً ودولياً، وذلك إيماناً من قيادتها الحكيمة، بأن الأمن مسؤولية عالمية مشتركة، مضيفاً أن التحديات الأمنية الجديدة، باتت تحتاج إلى المزيد من التعاون الدولي، والاستعداد الكافي لجميع التحديات، والانتقال بالعمل الشرطي والأمني من حالة ردة الفعل إلى استباق الفعل، ورده إلى نحر أصحابه من قوى الشر والجريمة، ومشيرًا إلى أن "الجريمة أصبحت تستهدف أول ما تستهدف أرواح الأبرياء، وزعزعة أمن الدول والشعوب والمجتمعات، لإعاقة تقدمها ونموها وازدهارها، موضحاً أننا نشهد اليوم ميلاد تفاهم مشترك حول إنشاء حلف أمني عالمي، بين بلدان شقيقة وصديقة، تجمعها تحديات متشابهة، يجسد النية الصادقة، والعزم لدى هذه الدول جميعاً، على مواجهة تلك المخاطر، التي تهدد الأمن والسلم العالمي".
وأكد بن زايد أنه "ماضون قدماً بإذن الله، لنكون في موقع القوة والتفوق الدائم، على قوى الجريمة والشر، مهما بلغ مداها، وسنعمل يداً بيد، لتوسيع هذا التحالف وترسيخ أركانه، للوصول إلى الغايات النبيلة التي قام من أجلها، والأهداف الحضارية والوطنية لكل عضو من أعضاء هذا التحالف، حتى يصبح تحالفنا قوة أمنية عالمية، تستقطب إليها كل من يطمح إلى المزيد من الأمن والاستقرار".
وحضر الإعلان المشترك وزير الداخلية البحريني الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ووزير الداخلية والأمن العام السنغالي عبدالله داوود ديالو، وفيليبو ديسبنزا مدير عام الشرطة الاتحادية وممثل وزير الداخلية الإيطالي، وجان كلود غوايا وكيل وزارة الداخلية الفرنسية، وخوزيه أوجينيو سالاريش السفير الإسباني ممثلاً لوزير الداخلية لمملكة إسبانيا، ونورالدين بوطيب، الأمين العام لوزارة الداخلية المغربية، كما حضره العميد حمد عجلان العميمي مدير عام الشرطة الجنائية الاتحادية بوزارة الداخلية والعميد محمد بن دلموج الظاهري مدير عام الاستراتيجية وتطوير الأداء بالوزارة، ومن مملكة البحرين الشقيقة اللواء مهندس رياض عيد عبدالله مدير عام ديوان وزارة الداخلية، والعميد ركن حمد بن محمد آل خليفة مساعد رئيس الأمن العام لشؤون العمليات والتدريب، ومن السنغال بيير مندي مدير مراقبة الأراضي الوطنية، والعقيد امادو لامين دين رئيس خلية مكافحة الإرهاب، ومن فرنسا باتريس فاليه رئيس مكتب شمال أفريقيا والشرق الأوسط ومن إيطاليا دانييلا باجليزي مديرة العلاقات الدولية وكلاوديو جوليزارانو مدير دائرة مكافحة الإرهاب الدولي للمديرية المركزية للشرطة الوقائية، وعدد من ضباط وزارات الداخلية ومسؤولين من الدول السبع.
واستمع المجتمعون إلى كلمة مصورة من برونو لي رو وزير الداخلية الفرنسي تحدث فيها عن التحالف وأسسه وسبب قيامه، مؤكداً عزم بلاده على تعميق العلاقات لتعزيز أمن وسلامة المجتمعات العالمية. وكانت دولة الإمارات، ممثلة بوزارة الداخلية قد استضافت اجتماعاً تنسيقياً مطلع هذا العام للإعداد والتنسيق حول تفاصيل التحالف وسبل إخراجه لحيز الوجود.، وجاء إنشاء التحالف لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للقارات وجرائم التطرف وتوسيع العمل المشترك ضد الجريمة، إدراكاً من الدول الأعضاء للمجموعة بأهمية العمل سويّة ضد التهديدات الأمنية والتحديات الشرطية بغض النظر عن اختلاف المنطقة، وإيماناً من هذه الدول بأن التعامل مع مثل تلك القضايا الدولية هو مسؤولية مشتركة بينها، واقتناعاً بالحاجة للعمل معاً لمكافحة التحديات بفاعلية على الأصعدة المختلفة سواء وطنيا، أو إقليميا ودوليا وتكثيف الجهود لمنع ومكافحة الجرائم المنظمة العابرة للقارات وجرائم التطرف والكراهية، وستقوم أمانة التحالف والتي مقرها أبوظبي في الأسابيع القادمة برفع تصور عن النموذج التشغيلي للتحالف وكيفية الانضمام إليه، والهيكل التنظيمي له وآلية عمل فرق العمل الفرعية.
وتناولت أولى الجلسات النقاشية بحضور ممثلين وعدد من مسؤولي الدول الأعضاء في التحالف، موضوع "الاستغلال الإجرامي لوسائل التواصل الاجتماعي"، حيث قدم خبراء أمنيون من دول مجموعة العمل الدولية تجربة بلادهم في مكافحة الجرائم المرتكبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويركز التحالف على تعزيز أمن وسلامة الدول الأعضاء بما يتوافق مع مصالحها وتوحيد المفاهيم الأمنية والشرطية والتنسيق المشترك حيال الخبرات المتبادلة بالأمن والجرائم، إلى جانب تبادل الآراء والمشورة بين هذه الدول حول مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتدابير الوقاية منها، وإدارة ومراقبة الحدود والمنافذ، مع ضمان العمل لكل دولة في نطاق تشريعاتها وقوانينها.
ودعا الشيخ سيف بن زايد عدداً من مواطني الدول الأعضاء في التحالف الأمني الجديد، وتم تكريمهم؛ تقديراً لما قدّمه هؤلاء الأشخاص من خدمات لمجتمعاتهم، أو للدور البطولي والشجاع لعدد منهم في إنقاذ حياة الآخرين أثناء وقوع حوادث سابقاً في بلادهم.
واختارت وزارة الداخلية الإماراتية المكرمين بعد بحث واتصالات مع الملحقين الشرطيين الإماراتيين العاملين في سفارات الدولة في هذه الدول ووقع الاختيار عليهم بعد الانتهاء من الدراسة وبحث المعلومات المتوفرة، وتم إعداد دخولهم وإقامتهم، بشكل فاجأ ممثلي الدول الست المنضوية تحت التحالف حين أعلن الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نيته بتكريم هؤلاء على هامش الإعلان اليوم، ونال هذا التكريم منه استحسان وتقدير هذه الدول، وقد شمل التكريم المواطن الإماراتي محمد الزرعوني الذي ساهمت شجاعته في إنقاذ 5 أشخاص من الغرق بالقرب من نخلة ديرة في دبي بعد غرق قاربهم، والبحريني خالد عبد الرحمن علي الذي أنقذ حياة شخصين إثر حادث بحري تعرض له قاربهم، فقام بانتشالهما من عرض البحر، مبدياً شجاعة وتضحية كبيرتين، والمغربي سامر الحراشة لإنقاذه طفل تعرض منزل عائلته لحريق، كما شمل الفرنسي انود فيل، الذي أنقذ سيدة بتصرف بطولي حين انتشلها من تحت عربات قطار كان يوشك أن يدهسها، والسنغالي موسى فايا الذي أنقذ سيدة علقت
بمركبتها حين اندلع بها حريق، فقام موسى بتخليصها معرضاً نفسه لخطر تطور الحريق وإيذاءهما معاً، كما تم تكريم الإيطالي الساندرو جالو لتصرفه البطولي في إنقاذ حياة شخص تعرض للغرق، وقد واجه الشاب الإيطالي جالو صعوبة كبيرة في حمل الرجل وإيصاله إلى بر الأمان، كما تم تكريم الإسباني إسماعيل مسكيتا، الذي أنقذ عائلة بكاملها من حريق شب في بنايتهم المكونة من أربعة طوابق، وبعد أن بلغ فرق الإسعاف، بادر بنفسه واعتلى رافعة تستخدم للبناء تتواجد بالمكان وبها أنقذ حياة الأشخاص المتواجدين في البناية واستكمالاً لدوره الإنساني، اضطر أن يحمل كلباً للعائلة يزن أكثر من 50 كلغ لوحده وهو متأرجح بالرافعة.