إجراءات استثنائية على المسافرين اليمنين بسبب الكوليرا

تحوم المخاوف في عدد من الدول العربية من انتقال الكوليرا من اليمن لها واتخذت السعودية وقبلها مصر إجراءات صحية في حق المسافرين من اليمن إليها .

وتنفذ السلطات السعودية حملة لفحص القادمين من اليمن بشكل مباشر أو غير مباشر، ضمن إجراءات احترازية لمنع انتشار وباء الكوليرا خاصة مع اقتراب موسم الحج، وهو ما قد يهدد بمنع اليمنيين من أداء الفريضة الدينية، فضلًا عن مخاوف من قرار بمنع تأشيرات العمالة اليمنية على خلفية الوباء.

وذكر مسافرون يمنيون إلى السعودية إن اليمنيين القادمين إلى المملكة يخضعون لإجراءات صارمة ومراقبة وبائية في المطارات السعودية، حيث يتم حجزهم في مراكز طبية متنقلة تتولى القيام بفحصهم للتأكد من خلوهم من وباء الكوليرا.

ويخضع نحو ألف مسافر يمني يوميًا للفحص من قبل الفرق السعودية بعد خروجهم من إجراءات العبور من المنفذ على الجانب اليمني، حيث يتولى أطباء من وزارة الصحة السعودية وفريق من الهلال الأحمر السعودي فحص المسافرين وإسعاف الحالات التي تحمل إصابة للوباء.

وعبر ناشطون سعوديون عن مخاوف من انتقال وباء الكوليرا من اليمن عبر المسافرين وطالبوا حكومة بلادهم بمنع دخول القادمين من اليمن إلى المملكة، وشددت وزارة الصحة السعودية، على ضرورة فحص القادمين من اليمن بسبب الكوليرا، ودعت السلطات الصحية في المناطق الحدودية الجنوبية إلى معاينة جميع القادمين من اليمن فور وصولهم لمنافذ الدخول، مع مراعاة اليقظة والدقة من أجل اكتشاف حالات الكوليرا.

 وأشارت في بيان، إلى ضرورة مطابقة تعريف الحالة ومنع دخول أي مواد غذائية مع القادمين من تلك الجهة عدا المعلبة والمحكمة الإغلاق، وأكدت على وجوب اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية اللازمة من عزل للحالات المشتبه فيها وإجراء التقصي الوبائي وحصر المخالطين المباشرين وإبلاغ مديرية الشؤون الصحية في المنطقة وفق النظام المتبع في مثل هذه الحالات.
وأقدمت السلطات السعودية في أعوام سابقة على منع الحجاج من بلدان تتفشى فيها الأوبئة، ورفضت خلال عام 2014، استقبال حجاج من سيراليون، وغينيا، وليبيريا كأجراء احتياطي لتهدئة المخاوف من انتشار فيروس إيبولا خلال موسم الحج.

وتدور مخاوف من قرار سعودي بتعليق منح تأشيرات العمل لليمنيين مؤقتًا ضمن اجراءات احترازية لمواجهة وباء الكوليرا ومنع انتقاله من اليمن، وأقدمت السعودية على خطوات مماثلة، بإعلان تعليقها منح تأشيرات العمل لمواطني الدول التي تنتشر فيها الأوبئة.

وأعلنت السعودية، 23 يونيو/حزيران الماضي عن تقديم مبلغ 66.7 مليون دولار دعمًا للجهود الدولية لمكافحة وباء الكوليرا في اليمن، وقالت إنه يأتي استجابة منه لنداء منظمة الصحة العالمية ونداء منظمة اليونيسيف لمكافحة وباء الكوليرا.

وفي غضون ذلك، أعلنت الأردن ومصر إنها اتخذت إجراءات في مطاراتها لفحص القادمين من اليمن على خلفية تفشي وباء الكوليرا، وأكدت وزارة الصحة الأردنية، 3 يوليو/تموز الجاري، عن إجراءات احترازية من وباء الكوليرا إثر تفشيه في اليمن.
وقال الناطق الاعلامي باسم وزارة الصحة حاتم الأزرعي، في تصريحات، إنه وعلى رغم أن اليمن دولة غير حدودية مع الأردن، الا أن الوزارة اتخذت الاجراءات الاحترازية كافة للتعامل مع هذا الوباء، وأصدرت الخطوط الجوية اليمنية، الشهر الماضي، تعميمًا قضى بضرورة حصول الركاب القادمين من اليمن إلى الأردن على شهادة خلو من الأمراض والأوبئة الخطيرة والمعدية، خصوصًا الكوليرا.

وتابع " تعميم الخطوط الحكومية اليمنية، بموجب التعميم الصادر من قبل وزارة الصحة الأردنية، اعتبارًا من يوم 5 يونيو/حزيران 2017، بضرورة حصول الركاب القادمين من اليمن إلى المملكة الأردنية على شهادة خلو من الأمراض والأوبئة الخطيرة والمعدية، خصوصًا الكوليرا"، كما اتخذت السلطات المصرية في مطار القاهرة الدولي تدابير طارئة، بما فيها الحجر الصحي، لمنع انتقال وباء الكوليرا المتفشي في اليمن عبر رحلات تصل من اليمن.

وأعلنت سلطات الحجر الصحي في مطار القاهرة الدولي حالة الطوارئ لمنع تسلل وباء الكوليرا المنتشر في اليمن وسط الركاب القادمين إلى مصر، حيث تم الدفع بعدد من الأطباء المتخصصين في الكشف عن الأمراض الوبائية إلى المطار.
وذكر الدكتور مدحت قنديل، مدير الحجر الصحي في المطار، إن إعلان الطوارئ جاء بتعليمات من وزارة الصحة التي وجهت بتشديد الرقابة في المطارات والموانئ المصرية لحماية البلاد من تسلل وباء الكوليرا وبعض الأمراض الكورتينية التي قد يحملها المسافرون القادمون من اليمن عن طريق رحلات الخطوط اليمنية القادمة من عدن ومطار سيئون في حضرموت.
وأضاف "قنديل"في تصريح له، أن وزارة الصحة ضاعفت عدد الأطباء والمراقبين الصحيين في صالات الوصول لمتابعة الطائرات وفحص الركاب القادمين من المناطق الموبوءة، مشيرًا إلى أنه ستتم مناظرة الركاب للتأكد من عدم إصابتهم بوباء الكوليرا، وتسجيل بيانات كل الركاب حتى لو لم تظهر عليهم أعراض الوباء من أجل متابعتهم في مقار إقامتهم بالتعاون مع مديريات الصحية التابعين لها.

وتعد العاصمة المصرية القاهرة والعاصمة الأردنية عمان نقطتي العبور الرئيسيتين بالنسبة لليمنيين، إذ تستقبلان رحلات طيران من وإلى اليمن، وكانت منظمة الصحة العالمية قد كشفت في آخر تقاريرها عن ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا في اليمن إلى 1706 حالات وفاة، منذ تفشي المرض في 27 أبريل/نيسان الماضي، وبلغ عدد حالات الإصابة بالكوليرا والإسهالات الحادة، خلال ذات الفترة، 297 ألف و438 حالة موزعين على 21 محافظة يمنية، وفقًا للمنظمة الدولية.

 ولا تزال محافظة حجة، شمال غربي اليمن، أكثر المحافظات المنكوبة، وذلك مع ارتفاع عدد الضحايا فيها إلى 325 حالة وفاة وقرابة 32 ألف إصابة، تليها محافظة إب "وسط"بواقع 225 وفاة، وفقا للتقرير، وبدأ المرض يتوسع جغرافيًا في محافظة حضرموت "شرقي"، آخر المناطق اليمنية التي تم تفشى المرض فيها، حيث سُجلت 4 إصابات في مدينة سيئون، بعد ظهور حالتين خلال الأسبوع الماضي، في مدينة المكلا، عاصمة المحافظة.
 
وينتشر المرض في 21 محافظة يمنية من أصل 22، ولا زالت محافظة أرخبيل سقطرى، هي المنطقة الوحيدة التي لم يتم فيها تسجيل أي إصابات، وكان منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، جيمي ماكغولدريك، قد ذكر في مؤتمر صحافي، الخميس الماضي، أن مرض الكوليرا الذي يتفشى في 21 محافظة يمنية سيستمر في الانتشار.
 
وأشار ماكغولدريك، إلى أن الوباء يضر بقدرة الناس على التحمل والمرونة لأي أزمات في المستقبل، وخصوصًا المجاعة المحتملة التي تهدد ثلثي السكان، وتحول مرض الكوليرا إلى شبح يهدد حياة الشعب اليمني ويحصد حياة الألاف كما تسلل إلى أجساد الألاف في 21 محافظة يمنية وسط شلل في القطاعات الطبية اليمنية الأمر الذي يعيق العلاج والسيطرة على الكوليرا .

وبدأ تفشي المرض في اليمن في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وتزايد حتى ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، ثم تراجع لكن دون السيطرة الكاملة عليه، وعادت حالات الإصابة للظهور مجددًا بشكل واضح في أبريل/ نيسان الماضي، ليفتك المرض بعشرات الأطفال، وتقول منظمات دولية معنية برعاية الطفولة، إن “وباء الكوليرا بات خارجًا عن السيطرة ويتسبب في إصابة طفل واحد على الأقل في كل دقيقة”.

وتشير تقارير للأمم المتحدة أن هناك نحو 19 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي إجمالي السكان، في اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأن هناك 14.5 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة وخدمات الإصحاح، ووفق المنظمة، يواجه اليمن وبائيات الكوليرا والحصبة وحمى الضنك، كما ترتفع معدلات سوء التغذية إلى مستويات مُنذِرة بالخطر في ظل وجود 3.3 ملايين سيدة وطفل يعانون من سوء التغذية.