موسكو - صوت الامارات
بحث المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، التحضيرات للجولة الثامنة من مفاوضات جنيف خلال محادثات في موسكو، الجمعة ،مع المسؤولين الروس. كما تناولت المحادثات التحضيرات لمؤتمر الحوار السوري الذي بادرت موسكو بطرحه، ومشاركة دي ميستورا في أعماله.
وأظهرت التصريحات خلال المحادثات ما يمكن وصفه بـ«عدم رضا» روسي ومن جانب المبعوث الدولي حيال البيان الختامي الصادر عن مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، وفي غضون ذلك خرجت موسكو لأول مرة عن موقفها التقليدي الداعي إلى ترك مسالة مصير رأس النظام السوري يقررها السوريون خلال المفاوضات، وقالت إن مسالة مشاركة الأسد، أو عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية يجري بحثها حالياً.
وأعلن دي ميستورا خلال محادثاته أمس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الجولة الثامنة من المفاوضات في جنيف ستجري على مرحلتين؛ الأولى ستكون في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، والثانية في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، دون أن يحدد الموعد بدقة. وأكد نيته «التركيز في الجولة القادمة من المفاوضات في جنيف على الدستور والانتخابات»، موضحاً أن الهدف من ذلك «المضي قدماً في تطبيق قرار مجلس الأمن (2254)»، وعبّر عن قناعته بأن «العملية السياسية بدأت الآن تتحرك حقيقة، وأعتقد أننا نقف الآن على درب تنفيذ فقرات القرار (2254)، لإنجاز التسوية السياسية السورية».
وتحمل المعارضة السورية وفد النظام السوري المسؤولية عن عرقلة بحث هذه الملفات خلال الجولات الماضية، وتمسكه ببحث ملف التصدي للإرهاب أولاً. وتقول مصادر من العاصمة الروسية إن محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رأس النظام السوري بشار الأسد، والقمة الثلاثية الروسية - التركية - الإيرانية، لعبت دوراً حاسماً في تحديد المواضيع الرئيسية على جدول أعمال العملية السياسية، ويتوقع أن يلتزم وفد النظام ببحث الملفات المطروحة.
وتوقف دي ميستورا عند مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، ووصفه بـ«عملية غاية في الأهمية». وتجاهل البيان الذي صدر أول من أمس عن المشاركين في أعمال المؤتمر، وكذلك اختيارهم أعضاء الهيئة التفاوضية الجديدة، وقال: «نأمل أن تتمكن المعارضة من تبني أسلوب موحد وتشكيل وفد واحد للمشاركة في مفاوضات جنيف»، وأضاف أنه «من المهم كذلك ألا تؤدي العملية الحالية في الرياض إلى تعقيد التحضيرات لمفاوضات جنيف، وألا يطرحوا شروطاً مسبقة». وبالتزامن مع كلام دي ميستورا، أبدت موسكو رفضها بأسلوب غير مباشر لنتائج اجتماع المعارضة، وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي في تصريح لوكالة «ريا نوفوستي» إن «اجتماع المعارضة في الرياض لم ينتهِ بعدُ كما فهمت، وما زالت الاتصالات جارية»، وقال إنه من المبكر الحديث عن النتائج. وكان المشاركون في مؤتمر «الرياض - 2» اتفقوا أمس على الهيئة العليا الجديدة للمفاوضات، وتضم 50 معارضاً، والوفد التفاوضي الموحَّد باسم المعارضة ويضم 11 شخصية.
وأصدر المشاركون بياناً ختامياً، طالبوا فيه الأمم المتحدة بتنظيم مفاوضات مباشرة مع النظام السوري، وشددوا على ضرورة رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية. ورفضت «منصة موسكو» هذه الفقرة في البيان. ويبدو أن موسكو غير راضية أيضاً عن تلك الفقرة.
من جانبه، عبّر لافروف لدي ميستورا عن امتنان روسيا لدعم الأمم المتحدة لعملية المفاوضات في «آستانة»، وقال إن تلك العملية أخرجت الأزمة السورية من مأزقها، وأكد للمبعوث الدولي أن «كل الجهود التي بذلناها وسنبذلها ستكون موجهة تحديداً لتحفيز الحوار السوري على أساس المعايير التي تم التوافق عليها في مجلس الأمن، وبرعاية دولية»، وفي إشارة منه إلى مطالبة المعارضة السورية برحيل الأسد، قال إن «الحوار الحقيقي هو ذلك الحوار الذي لا يكون مثقلاً بشروط مصطنعة تطرحها هذه المجموعة أو تلك من المعارضة، وتتعارض مع معايير مجلس الأمن الدولي»، وعبر عن قناعته بأن مؤتمر الحوار الوطني المزمع في سوتشي سيشكل مرحلة مهمة في إطلاق حوار حقيقي بين السوريين. وكان لافروف حريصاً على وضع مؤتمر سوتشي في إطار التوافقات الدولية، وأشار إلى أن البيان الثلاثي الصادر عن القمة الروسية - التركية - الإيرانية يتقاطع مع الفقرات الرئيسية للبيان الرئاسي الروسي - الأميركي المشترك الذي توافق عليه الرئيسان بوتين وترمب في فيتنام، لافتاً إلى أن البيانين يؤكدان أولوية القرار «2254» وعملية جنيف. وأكد أن روسيا تدعم، بفعالية، جهود المملكة العربية السعودية في توحيد المعارضة السورية على أرضية بناءة تتوافق تماما مع معايير القرار «2254».
وقال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إن عملية المفاوضات في جنيف، والثانية في آستانة، ومؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في سوتشي، أطر يكمل بعضها بعضاً، وأضاف في إجابة عن سؤال حول إمكانية توحيد كل هذه الأطر «كل إطار لديه مهامه الخاصة». وتدعو روسيا إلى مناقشة الدستور والانتخابات في مؤتمر الحوار في سوتشي، كما ينوي المبعوث الدولي بحث هذين الملفين بصورة خاصة في مفاوضات جنيف، وفي آستانة لم يستبعد ألكسندر لافرينتيف احتمال بحث قضايا الحل السياسي مثل الدستور.
وسأل الصحافيون نائب وزير الخارجية الروسي حول إمكانية إجراء انتخابات ومشاركة الأسد فيها، فقال إن «هذه المسائل سيجري بحثها الآن، والعمل مستمر ومن المبكر الحديث عن النتائج». وكانت روسيا تؤكد دوماً على أن مسائل الانتخابات ومن سيشارك فيها تبقى من صلاحيات الحوار بين السوريين وهم من يتخذون القرار حولها.