الإمارات تدشّن عهد التصنيع الفضائي

تطلق الإمارات ،الاثنين ، القمر الصناعي «خليفة سات» إلى مداره، مدشنة بذلك عهد التصنيع الفضائي الكامل، ومع وصول «خليفة سات» إلى مداره يرتفع عدد الأقمار الصناعية الإماراتية إلى 9 أقمار، مما يعتبر خطوة متقدمة جداً نحو تحقيق هدفها المعلن بإطلاق 12 قمراً صناعياً بحلول 2020 وتحول قطاع الفضاء إلى أحد أهم القطاعات الاقتصادية والاستثمارية في الدولة.

‎ويكتسب الحدث الذي سيتابع تفاصيله على الهواء مباشرة الملايين حول العالم أهمية استثنائية ستدخل خلاله الإمارات التاريخ بتصنيعها أول قمر صناعي بخبرات وأيدٍ محلية بنسبة 100 %، لتدشن بذلك مرحلة جديدة من مسيرة التطوير والتنمية التي تشهدها على كافة الصعد.

‎ويشكل «خليفة سات» تحولاً هاماً في طبيعة وشكل استثمارات الإمارات في قطاع الفضاء، والتي وصلت قيمتها حتى منتصف العام الجاري قرابة 22 مليار درهم، بما في ذلك بيانات أقمار الاتصالات والبث الفضائي وأقمار الخرائط الأرضية والمراقبة والاستطلاع.

ويعتبر القمر الصناعي «خليفة سات» واحداً من المشاريع التي تعزز هذه الاستراتيجية، خاصة أنه يعتبر الثالث للدولة الذي أطلق لأغراض الرصد وتم تصنيعه على أيدي فريق مكون بالكامل من مهندسي المركز، وكذلك يعتبر أول قمر صناعي يتم تطويره داخل الغرف النظيفة في مختبرات تقنيات الفضاء في المركز، فيما يمتلك 5 براءات اختراع، ما يجعله أيقونة تقنية متطورة.

وتلبي الصور العالية الجودة التي يوفرها القمر احتياجات المؤسسات الحكومية ومشاريع القطاع الخاص، كما تم تطويره على أيدي كفاءات إماراتية بنسبة 100 %، حيث بدأت مراحل التصنيع الأولية في كوريا الجنوبية، ثم نقل بعد ذلك إلى مقر مركز محمد بن راشد للفضاء، حيث تم تجهيز المختبرات الخالية من الغبار بنسبة 100 % لاستكمال عمليات التصنيع.

ويتمكن خليفة سات من التقاط صور عالية الجودة قادرة على منافسة أكثر الأقمار الصناعية تقدماً على مستوى العالم، حيث تم تصميمه وفقاً لأعلى المعايير العالمية من الدقة الهندسية واللونية، حيث ستصل درجة وضوح الصور الملتقطة إلى 0.7 متر و4 أمتار للنطاقات متعددة الأطياف.

رصد بيئي

وبمجرد دخول «خليفة سات» إلى المدار المخصص له، سيقوم بتوفير صور مفصلة تستخدم في عدة مجالات وتشمل الرصد البيئي، فضلاً عن الصور المفصلة لدراسة المناطق، مثل القمم الجليدية القطبية، وتستخدم صوره كذلك في أغراض التخطيط العمراني الذي يشمل ضمان التحسين الفعال لاستخدام الأراضي وتقديم مقترحات واقعية للبنية التحتية.

وسيوفر كذلك صورا وتحاليل، تتيح التحديد السريع لأي تغيير في الغطاء النباتي أو الساحلي، خاصة أن التأثيرات الناجمة عن العديد من العوامل، مثل المشاريع الهندسية والإنشائية الكبيرة والاحتباس الحراري، قد تؤدي إلى تغيرات في البيئة، لا يمكن الكشف عنها من الأرض.

وفي مجال رصد اتجاهات التنمية والتغيرات على كوكب الأرض، سيستخدم جزء كبير من صوره لتلبية احتياجات هذا المجال، لا سيما من قبل الجهات الحكومية، بحيث يتم استخدام صوره في تصميم وإنتاج الخرائط التفصيلية للمنطقة، خاصة أنه سيغطي مناطق في كثيرة في جميع أنحاء العالم.

جدول زمني

وبدأت في أبريل 2014 مراجعة تفصيلية أولية للتصميم، واستعراض كافة جوانب القمر الصناعي من قبل مهندسي مركز محمد بن راشد للفضاء، ومراجعة رسوماته التفصيلية التي تتطرق إلى كل الأنظمة الفرعية داخل القمر، وتغطية جميع الجوانب الكهربائية والميكانيكية والبرمجيات.

وانطلقت عملية التصنيع في مايو 2014 من خلال بدء عملية تجميع القمر مع الوحدات الإلكترونية والتركيبة الميكانيكية، وفي يونيو تمت مراجعة تفصيلية ثانية للتصميم، وصولاً لشهر أغسطس الذي شهد عمل اختبارات النموذج الهيكلي، وشمل ذلك فحصاً شاملاً للبيئة الاهتزازية للتأكد من أن خليفة سات سيصمد عند الإطلاق.

وفي ديسمبر 2014 تمت مراجعة حاسمة للتصميم، حيث قدم المهندسون نتائج اختبار النظام الفرعي لتقييم عملية التصنيع والتجميع، وفي يناير ومارس 2015 تم عمل تكامل وحدات القمر الاصطناعي الإلكترونية، وتركزت هذه الفترة الزمنية على تكامل كافة الوحدات الإلكترونية لخليفة سات في تركيبة واحدة.

نموذج هيكلي

وشهد فبراير 2015 إجراء فحص النموذج الهيكلي الجديد، وشمل ذلك فحص مختلف البيئات الاهتزازية للتأكد من صموده عند الإطلاق، فيما تم في أبريل 2015 المراجعة الثانية الحاسمة للتصميم.

حيث اجتمع كافة المهندسين من جميع الأقسام مرة أخرى معاً لإعادة النظر في المشروع، وتم عرض نتائج الاختبار لمختلف الأنظمة الفرعية، وتقاسم المعلومات بشأن عملية التصنيع والتجميع وعمليات الاختبار المستقبلية.

وخلال الفترة بين يوليو 2015 وفبراير 2016 تم تصنيع وتجميع الوحدات التشغيلية خلال هذه الفترة، حيث تم دمج مختلف وحدات الأقمار الصناعية، وتطلبت هذه العملية دقة فائقة، كما احتاجت إلى وقت طويل جداً، وفي سبتمبر 2015 تم اختبار الكاميرا الجديدة لـ«خليفة سات»، حيث تم تجميع جهاز الاستشعار الجديد للقمر مع التلسكوب البصري، وتم بعد ذلك إجراء اختبارات لضمان أداء فعال بنسبة 100% لكاميرا القمر.

100

سيصبح خليفة سات بعد إطلاقه، القمر الصناعي الإماراتي الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، حيث سيدور حول الأرض على ارتفاع بين 580-620 كيلومتراً، وتستغرق الدورة الكاملة حول الأرض حوالي 100 دقيقة، فيما يبلغ قطره 3.3 أمتار، وتصل الدقة الهندسية اللونية إلى درجة وضوح 0.7 متر و4 أمتار للنطاقات متعددة الأطياف