كبار موردي وتجار سوق الخضراوات

واصل عدد من كبار موردي وتجار سوق الخضراوات والفواكه في العوير تبادل الاتهامات مع مسؤولي المنافذ والتعاونيات، في شأن التحكم بالأسعار، خاصة قبيل حلول شهر رمضان، مع تأكيد كل من الطرفين عدم تلقي طلبات من الجهات المختصة مؤخراً لتخفيض الأسعار، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود تحالفات "من تحت الطاولة" بين عدد من التجار، بهدف إلزام الموردين لتخفيض الأسعار، بعيداً عن أعين الجهات الرسمية، كونها لا يمكن لها سوى التوجيه بتثبيت الأسعار فقط.

وأكّد بعض الموردين إلى صحيفة "الخليج" أنهم يقعون ضحية المنافذ والتعاونيات، التي بدورها تفرض عليهم شروطاً قاسية في التعاملات المالية، وتجعلهم يتحملون قيمة الخسائر، مطالبين بكشف الفواتير، التي ستوضح بدورها المتحكم الرئيسي بالسعر، بينما أشار مسؤولو البيع في عدد من التعاونيات إلى أن إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد لم توجه إليهم خلال الفترة السابقة أي طلبات لتخفيض الأسعار، إلا أنه في حالة حدوث مثل هذا الطلب، فإنه يرتبط بموافقة المورد أو الوكيل للمنتج المراد خفض سعره؛ حيث إنه في حالة عدم موافقته، يتم اللجوء إلى تقنين حجم الأعمال مع المورد المعني، بهدف الضغط عليه والرضوخ للقرار.

وأوضح عدد من المستهلكين أنهم يقعون ضحية العروض الدعائية للمنافذ والتعاونيات، التي تهدف إلى تحقيق الأرباح من خلال إطلاق حملات ترويجية لا تتضمنها منتجات أساسية، إلا أن بعضهم يلجأ إلى جولات استكشافية في السوق للمقارنة أي الأسعار أقل، لمعرفة الأسعار قبل حلول الشهر الكريم، كي لا يتعرضوا للخديعة في عادة باتت تتكرر سنوياً.

العرض والطلب اليومي
قال محمد الشريف، رئيس مجموعة عمل تجار الخضراوات والفواكه في سوق العوير، إن التجار لا يمكن لهم التحكم بالسعر، كونه يتعلق بالعرض والطلب بشكل يومي، إلا أن مسؤولي سوق التجزئة، وبالتحديد المنافذ والتعاونيات بالدولة، يمكنهم فرض الأسعار التي تناسبهم، من دون محاسبتهم من أية جهة؛ حيث إن الفرق بالأسعار بين سوق العوير والمنافذ يتراوح من 30-100% في بعض المنتجات، مطالباً المنافذ والتعاونيات بكشف فواتيرهم، للتأكد من أنهم المتحكم الرئيسي بالسعر، وأضاف أنه من المتوقع أن يصل 15 ألف طن من الخضار والفواكه يوميًا إلى سوق دبي خلال شهر رمضان المقبل، منها 1000 طن طماطم ومثلها بطاطا، إلا أنه من المرجح تراجع نسبة إعادة التصدير إلى دول أخرى ب30%.

ولفت إلى أن مجموعة عمل تجار الخضار والفواكه وبالتنسيق مع بلدية دبي وجهات أخرى، ستقوم بتطوير السوق، كي يصبح مكيفًا وأشبه بالمول، الأمر الذي سيجعله منافسًا قويًا للمنافذ الكبرى خلال السنوات المقبلة.

حدة التنافس في سوق العوير
أوضح عبدالهادي أبوسيدو، أمين عام مجموعة عمل تجار الخضراوات والفواكه في سوق العوير ومورد رئيسي في دبي، أن التجار لا يستطيعون التحكم بالأسعار، خاصة أن سوق الخضراوات أشبه بالبورصة؛ حيث تكون الكلمة الأخيرة بالسعر للعرض والطلب، الأمر الذي يؤكد أن أسعار السوق المفتوح الذي تمتاز فيه دولة الإمارات، تعد الأقرب إلى سعر بلد المنشأ، وذكر أنه ضمن الاستعداد لشهر رمضان المقبل، تم التعاقد مع موردين في بلدان شرق أوسطية، منها السعودية ومصر والأردن وتركيا والهند وباكستان، فضلاً عن بلدان استوائية منها الفلبين والصين والإكوادور، لتلبية متطلبات السوق المحلي، بمختلف الأصناف من المنتجات بما يفيض عن حاجتهم اليومية.

وقال إن هناك 500 تاجر ومورد يعملون في سوق الخضراوات والفواكه بالعوير، يتنافسون فيما بينهم، لتوفير أفضل المنتجات بأقل الأسعار، الأمر الذي يؤكد عدم إمكانية وجود اتفاقيات مسبقة بينهم للتحكم بالأسعار، كونهم يخضعون للعرض والطلب، كما أن مصلحة التاجر تكمن في بيع السلعة التي لديه بشكل دائم، وليس تكديسها في المخازن لارتفاع سعرها والعزوف عن شرائها، وأوضح أن قطاع التجزئة بما في ذلك المنافذ والجمعيات التعاونية، يشهد زيادة في حدة التنافس، لوجود ارتفاع في عدد الفروع، إلا أن هناك أعباء يقابلها الموردون، تسبب عزوفهم في التعامل مع هذه المنافذ، كونها تحملهم مسؤولية تلف المنتجات بنسبة 100%، الأمر الذي يعد غير عادل تجاه الموردين.

شروط قاسية من المنافذ والتعاونيات للموردين
وقال حسام راشد، مستشار قانوني في مجموعة عمل تجار سوق الخضراوات والفواكه المركزي في العوير، إن الشروط القاسية التي تضعها المنافذ والتعاونيات للموردين، تؤدي إلى عزوفهم عن التعامل معهم، كونهم معرضين لتحمل الخسارة على عكس المنافذ، التي لا تتحمل قيمة المرتجعات من المنتجات على سبيل المثال، وأوضح أن قيام بعض المنافذ بزيادة الأسعار، لا يعني تحميل المسؤولية للتجار، بل إن الأسعار في السوق المحلي، تكون أحيانا أقل من دول المصدر، كما أننا لم نتلق أي طلبات لخفض الأسعار، لكن هناك توجيهات من إدارة حماية المستهلك، تتمثل في عدم رفع الأسعار خلال شهر رمضان.

توتر العلاقة
أكد عدد من مسؤولي التعاونيات بالدولة، أن قرار خفض سعر أي سلعة، تفرضه وزارة الاقتصاد، إذ يقع على عاتق منافذ البيع إبلاغ الموردين بذلك؛ حيث قال وليد المغربي، مدير المشتريات والعمليات في جمعية الإمارات التعاونية بدبي، إنه طوال الفترة الماضية لم تتوجه إلينا إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بطلب تخفيض سعر أي منتج، إلا أنه في حالة حدوث مثل هذا الطلب، فإنه من المرجح عدم الرفض كونها جهة رسمية بالدولة، إلا أن ذلك يرتبط بموافقة المورد أو الوكيل للمنتج المراد خفض سعره؛ حيث إنه في حالة عدم موافقته، نلجأ من جديد إلى مخاطبة إدارة حماية المستهلك، مع تقنين حجم الأعمال مع المورد المعني، حتى يصل قرار حاسم من الجهات الرسمية، الأمر الذي يؤدي إلى توتر العلاقة مع المورد، الذي بدوره لا يمكنه الاستغناء عن التعامل مع الجمعية.

وأكد أن عملية خفض الأسعار، تخضع لعدة عوامل، أهمها زيادة الطلب على المنتج ووجود بدائل بذات الجودة، إلا أن الجمعية التعاونية تعتبر منفذاً خدمياً بالدرجة الأولى، تسعى لتوفير منتجات للمستهلك، بأسعار تنافسية، وهي معرضة للخسارة في حالة رفض المورد طلب خفض السعر، وأضاف أن الجمعيات التعاونية
مطالبة من قِبل وزارة الاقتصاد، بتنظيم عروض تخفيضية وتحديداً قبل حلول شهر رمضان، فضلاً عن تثبيت سعر 150 منتجاً حتى نهاية العام الجاري 2018.

خطة طوارئ خلال شهر رمضان
أكد حسن علي القصعي، مدير عام جمعية أسواق عجمان التعاونية، أن إجمالي التعاقدات الخاصة بمنتجات شهر رمضان بلغت 50 مليون درهم؛ حيث تم رصد 12 مليون درهم لدعم 650 صنفاً من المنتجات الأساسية والاستهلاكية، كما تم إطلاق حملتين ترويجيتين قبل حلول الشهر الكريم، على أن يتم إطلاق الحملة الثالثة في الأسبوع الأول من رمضان؛ وذلك بتخفيض يصل إلى 50%، وتابع: إنه من المتوقع عودة الانتعاش إلى السوق خلال الأيام القليلة التي تسبق شهر رمضان، وبنسبة تزيد على 60%، عقب حالة العزوف الشرائي التي عمت أغلبية المنافذ، لافتاً إلى أنه تم إعداد خطة طوارئ للتعامل مع حالات الازدحام عشية رمضان، تتمثل في زيادة عدد موظفي المنطقة الأمامية "الكاشير" للتعامل السريع مع استفسارات المتسوقين؛ حيث تم تعيين 120 موظفاً جديداً، إضافة إلى زيادة ساعات العمل في الفروع كافة ساعتين إضافيتين بعد منتصف الليل طوال شهر رمضان، كي يمنح المستهلكون أوقاتاً أكثر مرونة للتسوق.

عادة سنوية من جانب التعاونيات  
وأوضح أغلبية المستهلكين الذين التقتهم "الخليج" في إحدى تعاونيات الدولة، أنهم يقعون ضحية المنافسة المشتركة بين موردي الخضراوات ومسؤولي المنافذ والتعاونيات، الذين يتسابقون في عروضهم الوهمية، في محاولة لجذب الأيدي الشرائية إلى منتجاتهم، وقال محمد كرم، موظف في إحدى الجهات الخاصة، إن الاستعداد لشهر رمضان في التعاونيات أصبح عادة سنوية متكررة، من حيث إطلاق العروض الترويجية على منتجات غير أساسية، الأمر الذي يجعل من التسوق المسبق للشهر الكريم أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش، إذ إن الأسعار مرتفعة، خاصة على الأصناف الطازجة من الخضراوات، وتساءل عن الفروق السعرية للأصناف ذاتها من الخضراوات بين التعاونيات وسوق العوير؛ حيث إن كل طرف يبين له أن الطرف الآخر هو المتسبب بزيادة الأسعار، الأمر الذي يجعله على يقين بأن المستهلك هو ضحية الصراع بين الموردين والمنافذ.

جولات استكشافية في أغلبية الأسواق
أوضح طارق عباس، ويعمل في القطاع الخاص، أنه يقوم بجولات استكشافية في أغلبية الأسواق، بما فيها التعاونيات والعوير، للتأكد من جودة المنتجات وأقلها سعراً؛ وذلك عقب ما لاحظه من كثرة العروض الترويجية التي تطلقها أغلبية المنافذ سنوياً قبيل حلول رمضان، سعياً منها في جذب الأيدي الشرائية، إذ تبين له أنها مجرد عروض دعائية، لا تمت للواقع بصلة، ولفت إلى أن التسوق من سوق العوير أشبه بالمضاربة في البورصة، إذ يمكن للمستهلك التفاوض على سعر صندوق الخضراوات، ليصل إلى سعر يناسبه، على خلاف التسوق من المنافذ التي تعتبر الأسعار فيها ثابتة، مع أن مصدر الخضراوات في العوير والمنافذ من ذات المورد، إلا أن المستهلك يدفع فاتورة الفرق بالسعر، في ظل غياب الرقابة الحقيقية على جشع التجار والبائعين.

حدة التنافس تشتد سنويًا
أكد خالد كرامة العامري، موظف حكومي، أن حدة التنافس بين التعاونيات والموردين تشتد سنوياً قبيل شهر رمضان، في محاولة منهم لكسب ثقة المستهلكين، من خلال إطلاق عروض ترويجية، وتوفير خدمات لإغراء المستهلك بالشراء، مثل العربة الذكية أو التسوق الذاتي وما شابه ذلك، إلا أنها لا تجدي مع مستهلك رب عائلة، يسعى للبحث عن الأسعار الأقل، والمنتجات الأفضل لأبنائه، في ظل الارتفاع الكبير بالمعيشة، أما عادل الشبل، ويعمل مستشار موارد بشرية في القطاع الخاص، فقال إن العروض في طبيعتها جاذبة، لكنها تفتقد للمصداقية؛ حيث لا يزال الإقبال على الشراء متواضعاً، لأسباب عديدة، أهمها ارتفاع الوعي لدى المستهلكين، وكثرة التنافس بين المنافذ والتعاونيات، الذي يصب في صالح المستهلك.

وأوضح أن عوامل الجذب الشرائي لم تعد كالسابق، خاصة في الفترة التي تسبق شهر رمضان، فالمستهلك بات يبحث عن منتجات بأسعار أقل، من دون أن يلجأ إلى شراء قطعتين للحصول على الثالثة مجاناً، خاصة مع رفض سياسة تخزين السلع في المنازل، لتوافرها طوال العام.

تحالفات "من تحت الطاولة"
قال مسؤول البيع في إحدى التعاونيات بدبي، إن تجار التجزئة، سواء في المنافذ الكبرى والتعاونيات، في حال اتفاقهم على قرار واحد، سيعني إلزام الموردين بتخفيض الأسعار، كما سيكون ذلك بحد ذاته تحالفاً "من تحت الطاولة"، بعيداً عن أعين الجهات الرسمية، كونها لا يمكن لها فرض قرارات تخفيض الأسعار، بل تثبيتها طوال العام. وأوضح أن بعض منافذ البيع لديها تحالفات فيما بينها، تعمل من خلالها على الحد من طمع الموردين، لكنها على أرض الواقع، معرضة للخسارة في حالة حجب المنتجات عنها؛ إذ إن التجار والوكلاء بشكل عام هم أصحاب القرار النهائي فيما يتعلق بالأسعار.