إسقاط أجنة قبل ولادتها

اختار «ن» بديلاً عن «ح» التي أحبها واختارها لتكون شريكة حياته، ولم يكترث لمعارضة أهله للزواج منها، وخصوصاً أمه التي وضعت أمامه كل العراقيل للتخلي عنها والزواج من ابنة خالته، فتحداهم جميعاً، وسار خلف رغبته ومشاعره، وتزوج من «ح» لأنه مقتنع بأنها الزوجة المناسبة له، القادرة على إسعاده وبناء شراكة حقيقية وأبدية معه تكون نواة مثالية لأسرة نموذجية، وفي بيت العائلة الكبير، وجدت «ح» مكاناً يتسع لها ولأحلامها مع شريك حياتها، ولم تعترض على شرط أم زوجها أن تعيش معهم في البيت عينه، واستطاعت بأخلاقها العالية، ومعاملتها الراقية، وطيبة قلبها، أن تستحوذ على محبة واحترام الجميع لها، كبيراً كان أم صغيراً، إلا «حماتها» بالرغم من أنها عاملتها معاملة الأم.

وتوددت إليها بكل الطرق لتخطف ودها، سواء بمساعدتها في شؤون البيت، أو في الكلام الطيب، أو تقديم الهدايا لها، ومع ذلك ياليتها سلمت منها، أو من لسانها، فكثيراً ما كانت تتسبب في إيقاع المشاكل بينها وبين زوجها، وتحرضه عليها، عله يأخذ قراراً بتطليقها، لكن هيهات هيهات، فـ «ن» تزوج بها «بصعوبة» ولن يتخلى عنها بسهولة، وتمضي الأيام، وتفشل «ح» في كسب مودة حماتها التي فشلت هي الأخرى في إقناع ابنها بتطليقها، وجاء اليوم الذي اجتمعت فيه العائلة على مائدة العشاء، ليزف «ن» خبراً مفرحاً ينتظره الجميع، إلا أمه (لكرهها زوجته) «(ح) حامل».

وحاولت أم«ن» التظاهر بأنها سعيدة بهذا النبأ، وأرخت تجاعيد وجهها، ورسمت ابتسامة على وجهها، لتخفي الغل الثائر في قلبها، وراحت تحدث نفسها:«هذه الغريبة أثبتت وجودها في العائلة، وحجزت مكاناً واسعاً في قلوب أفرادها، وستتعزز هذه المحبة وتزداد بقدوم الحفيد الذي سيربطها فينا أكثر وأكثر، وسيصير وجودها بيننا هماً أزلياً لن يزول بالمحاولات والخطط الماضية أو الحالية، ولذلك لا بد من مواجهة هذا الخطر، بالطرق المناسبة» تضيف أم «ن» في «حديث الذات»، وتلك الليلة التي ذيع فيها خبر الحمل، كانت طويلة، مضى الوقت فيها متثاقلاً، وأم «ن» تنتظر خروج النهار بفارغ الصبر لتذهب إلى منزل شقيتها «م» التي كانت هي الأخرى تخطط لتزويج ابنتها من ابن خالتها «ن»، كي تخبرها بموضوع الحمل، وتتدبر معها خطة مواجهة خطر «تمدد» زوجة ابنتها في العائلة، فوقع الاختيار على قتل الحفيد قبل ولادته.

ووبالفعل ردت «م» الزيارة لشقيقتها أم «ن»، حاملة معها علبة صغيرة حمراء معبأة بالموت، وأدويةٍ خاصة لإسقاط الأجنة، ولقسوة قلب أم «ن» ناصر، لم تتردد في إعطاء الأدوية لزوجة ابنها التي أجهضت جنينها، قبل أن تتكشف خيوطُ الجريمة بالتحاليل الطبية، ويلقى القبض على القاتل، ويحال إلى النيابة العامة.