أبوظبي – صوت الإمارات
ثار الجدل بين رجال الفكر والقانون للبحث عن إطار قانوني للمسؤولية الناشئة عن أخطاء الطبيب في جراحات التجميل، خصوصاً التي لا صلة لهـا بالعـلاج، وتندرج تحت عنوان الترف والرغبة في كماليات الجمال، وبعد أن شاعت الرغبة في إجراء عمليـات تجميليـة لـدى الكـثيرين في بلداننا العربية، وما نتج عنه من زيادة الأخطاء الطبية الناتجة عن تلك الجراحات، ازدادت أهمية البحــث في هــذا الموضــوع للخروج بإطار تشريعي يلائم هذا التوجه، ويجب أن أشير إلى أنني في مقالي هذا لا أعرض لمدى مشروعية تلك العمليات من الناحية الشرعية فهي اختصاص فقهاء الشريعة، إلا أنني أعرض الموضوع من ناحية واقعية وقانونية.
وعلى الرغم من استقرار القضاء والقانون بشأن الأخطاء الطبية الأخرى على إعفاء الطبيب من المسؤولية في حالة علاجه للمريض وفقاً لما تقتضيه أصول مهنته ولو ترتب على تلك المعالجة ضرر بالمريض، ونظمت تلك المسؤولية عن أخطاء الطبيب وفقاً لأحكام القانون 10 لسنة 2008 في شأن المسؤولية الطبية، إلا أن هذا المبدأ جعل الكثير من رجال القانون ينادي بعدم فــتح الباب على مصراعيه بتطبيقه على الأعمــال الطبيــة التجميلية التي تهدف إلى التعــرض لأجــسام البــشر دون حاجة علاجية، ونادوا بوضع إطار تشريعي منظم للمسؤولية الناجمة عن تلك الأخطاء، وهو ما يجعلنا نضع الأمر ذاته بين يدي المشرع الإماراتي.
ويذكر أن الهدف من اللجوء إلى طبيب التجميل يكمن في إضافة مسحة من الجمال للجسم، ومن ثم ينبغي عليه أن يوازن بين مخاطر العملية والنتيجة المرجوة، فإن تبين له رجحان كفة المخاطر وجب عليه أن يمتنع عن إجرائها وينصح الشخص بعدم التفكير فيها، أما إن لم يكن في إجرائها ثمة مخاطر، فيقع عليه التزام بإخطار الشخص بشكل صريح بكل أبعاد العملية التجميلية والمضاعفات التي قد تتسبب بها، وبأن النتيجة التي يسعى لها هناك احتمالية في حدوثها على نحو لا يرضيه، دون تلميع للصورة وعرض جذاب لنتائج لن تتحقق، حتى يكون الشخص المقبل عليها بالخيار في إجرائها من عدمه، فإذا ما قبل إجراءها رغم إخطاره باحتمالية عدم تحقيق النتيجة المرغوبة، والتزم الجراح عند إجرائها بالقواعد التقنية والعملية لفن الجراحة وبذل العناية القصوى للمحافظة على هذا العضو من أي تشويه، تنتفي بعدها مسؤوليته حتى وإن لم يقبل الشخص النتيجة التي حصل عليها، أما إذا لم يبذل العناية اللازمة لجراحة التجميل وسبب نتيجة لذلك ضرراً بالشخص يكون مسؤولاً باعتبار أن الخطأ الذي يقع فيه يعد خطأ مهنياً جسيماً.