دمشق ـ نور خوام
ارتفعت أسعار المشافي الخاصة وكشفية الأطباء بشكل كبير منذ بدء الحرب السورية، فالطبيب في عيادته لا يثبت على تعرفة محددة، حيث لا تجده إلا منشغلا بتغيير تسعيرته بين الفينة والأخرى، كلما تحرك سعر الصرف هبوطًا أو ارتفاعا.
والحديث عن الأطباء هو جزء لا يمكن إغفاله في الحديث عن المشافي الخاصة، حيث يتقاضى نسبة لا يستهان بها من أي عمل جراحي يقوم به في المشفى التي يتعاقد معها.
وقال محمد موظف بأن الدخول إلى المشافي الخاصة بات أمرًا في غاية الخطورة حاليًا، وهذه الخطورة نابعة من أن تعرفتها أصبحت تثقل كاهل المريض وأسرته، وخاصة المشافي الخاصة التي تفردت بوضع تسعيرات خيالية، فالمشافي بدلًا من أن تكون مكانًا للاستشفاء، أصبحت مكانًا لكسر الخواطر، بل وجعل الأسر تقبع تحت الديون التي تحتاج سنوات لقضائها.
فقضاء ليلة مثلًا في أحد المشافي الخاصة ، تبدأ تكلفته بـ4 آلاف ليرة، وتنتهي بنحو 8 آلاف ليرة، بالطبع هذه التعرفة في مشفى خاص من الدرجة المتوسطة وليس من سوية 5 نجوم، ولكن رغم كل هذه الأسعار الفلكية إلا أن الخدمات المقدمة في تلك المشافي لا توازي حجم المبالغ المدفوعة من المريض، حتى أن الأخطاء الطبية أصبحت شائعة للأسف، فلا نسمع إلا بأخطاء شنيعة تحدث للمرضى رغم أنهم ذهبوا إلى مشافي خاصة.
ويمكن أن يطبق المثل “الداخل مفقود والخارج مولود” على المشافي الخاصة حاليًا، فإذا كنت غنيًا فستخرج من المشفى، وإن كنت فقيرًا فلن تدخل أبدًا إلى المشفى، وإن دخلت فلن تخرج إلا بعد أن تدفع الفاتورة “المعملقة”، وفي حال استطعت أن تسدد الفاتورة فإنك ستصبح “تحت الصفر بأصفار” وربما ستمضي حياتك كلها من أجل وفاء الديون، وربما قد تلجأ إلى الجمعيات الخيرية.
وأشار الدكتور أحمد السالم إلى أن المشافي الخاصة رفعت أسعار جميع العمليات الجراحية بقرار من وزارة الصحة صدر خلال عام 2013 ولكن الغريب أن العملية الجراحية تختلف تسعيرتها من مشفى خاص إلى مشفى آخر.. فمثلًا عملية الولادة القيصرية تكلف في مشفى خاص بريف دمشق نحو 45 ألف ليرة، في حين أن تكلفتها في مشفى خاص آخر في ريف دمشق لا تتجاوز 20 ألف ليرة، في حين تسجل في بعض مشافي دمشق نحو 120 ألف ليرة، وبالطبع هنا تلد المرأة، وهناك تلد المرأة وهنا تخدر المرأة وهناك تخدر، ولا نعلم كيف يتم تحديد الأسعار ولا على أي أساس.
ولفت مصدر في نقابة عمال الصحة في دمشق إلى أنه قبل الدخول إلى المشفى، وقبل أي عمل جراحي على ذوي المريض أن يدفعوا السلفة للمشفى، وإلا فإن المشفى الخاص سيعتذر عن استقبال المريض، وهذا يعتبر إجراء قانوني لضمان حق المشفى، فليس من المنطقي أن يعالج المشفى مريضًا ما ثم لا يدفع الأجرة، وتأخذ المشافي الخاصة هذه السلفة ضمانًا لأجر العملية أو المعالجة، حتى أنها تأخذ الهوية الشخصية من المريض.
وأشار إلى انه لا يخفى على أحد أن العديد من المشافي في ريف دمشق خرجت عن الخدمة نتيجة الأزمة الراهنة، ووقوعها في مناطق ساخنة، ما أدى إلى زيادة الضغط على مشافي دمشق العامة أو الخاصة، وكما يقال (موسم) المشافي الخاصة أقلع منذ بدء الأزمة والأسعار أصبحت مزاجية.
كما لفت مصدر في "محافظة ريف دمشق" أن المحافظة ليس لها علاقة بإجراء جولات تفتيشية على المشافي الخاصة، بل هي مسؤولة عن المشافي العامة فقط، والمتتبع يجد أن هناك ضغطًا كبيرًا على المشافي العامة في دمشق، من قبل المرضى، وفي حال نظرنا إلى دور وزارة الصحة، فإنها لا تجري أي جولات عليها وتكتفي بمعالجة الشكاوى التي قد ترد إليها، وتلزم المشافي الخاصة إما بتعويض المريض أو إرجاع جزء من المبلغ المدفوع له، ولكن في جميع الأحوال فإن وزارة الصحة هي المعنية بمراقبة المشافي ووضع تسعيرة لها من حيث الإقامة والعمليات الجراحية وحسب عدد الأسرة، مما يؤكد عدم وجود رقابة من قبل وزارة الصحة على المشافي الخاصة، إذ لا تجري أي جولات على المشافي إلا في حال وجود شكاوى.
وللإنصاف، المشافي الخاصة تواجه أيضًا ضغوطًا مادية، فقد ارتفعت أسعار معظم الأدوات ومستلزمات عملها، سواء من حيث السيرومات والأوكسجين أو الشاش، حتى الحقن والمعقمات والأدوية وغيرها من الأمور، إلا أن ذلك ليس مبررًا أن تبلغ الأسعار حدودًا غير معقولة لدرجة أن عملية ولادة قيصرية بلغت كلفتها نحو 85 ألف ليرة في أحد المشافي الخاصة.