الشارقة – صوت الإمارات
شهد عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، صباح الاثنين، انطلاق فعاليات مؤتمر الناشرين العرب الثالث، في صالة الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، والذي تستضيفه إمارة الشارقة تحت شعار "صناعة النشر: آفاق وتحديات العصر الرقمي"، ويهدف إلى مناقشة واقع ومستقبل صناعة النشر في الوطن العربي.
وحضر حفل الافتتاح رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، والمؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين،الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، ورئيس دائرة الطيران المدني الشيخ خالد بن عصام القاسمي، ورئيس مكتب الحاكم الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي، ومدير دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية الشيخ محمد بن حميد القاسمي، ومدير دائرة شؤون الضواحي والقرى الشيخ ماجد بن سلطان القاسمي، والنائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة الشيخ ماجد بن فيصل القاسمي، ورئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة سعادة عبدالله سلطان العويس.
هذا بالإضافة إلى رئيس دائرة الثقافة والإعلام عبدالله محمد العويس، ورئيس دائرة الموارد البشرية الدكتور طارق سلطان بن خادم، ورئيس مجلس الشارقة للتعليم سعيد مصبح الكعبي، ورئيس دائرة التشريفات والضيافة محمد عبيد الزعابي، ورئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، ووكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية محمد عبدالعزيز الشحي، ومستشار الرئيس التنفيذي مدير عام اتصالات في المناطق الشمالية عبدالعزيز تريم ، ومدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام الدكتور خالد عمر المدفع، ومدير عام مشروع ثقافة بلا حدود راشد الكوس، ومدير عام إدارة متاحف الشارقة منال عطايا، وعدد من المسؤولين في الإمارة وممثلي جهات النشر في الدول العربية والأجنبية.
ورحبت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، في كلمتها خلال حفل الافتتاح، بضيوف إمارة الشارقة، وأكدت أن الإمارة بقيادة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ظلت تنتهج سياسةً شاملة تهتم بالثقافة، والقراءة، والمعرفة، وتنمية الإنسان، بموازاة اهتمامها بتطوير الاقتصاد، وذلك إيمانًا منها بأن المجتمعات المنتجة ترتكز على التنمية البشرية بقدر ما ترتكز على التنمية الاقتصادية.
وذكرت الشيخة بدور: انعقاد هذا المؤتمر في إمارة الشارقة ودولة الإمارات يعكس الدور المهم لحكومتنا على المستوى الإقليمي والعالمي وجهودها في دعم المعرفة والعلوم والثقافة بصفة عامة وصناعة النشر بصفة خاصة، فقد حلّت دولة الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى دول غرب آسيا وشمال أفريقيا، والـ 36 عالميًّاً من بين 143 دولة في مؤشر الابتكار العالمي للعام 2014، وهو ما يعكس مدى حرص حكومتنا على تطبيق أفضل الممارسات في مجال محاربة القرصنة وحماية الملكية الفكرية، نظرًاً لدورها المحوري في تعزيز جاذبية بيئة الإبداع ودعم الاقتصاد المعرفي، ويأتي هذا التوجه أيضًا كواحد من أهم أولويات قيادتنا الرشيدة العام 2015 الذي أُعلن عنه كعام للابتكار في دولة الإمارات".
وحول تحدي الملكية الفكرية، أضافت الشيخة بدور القاسمي: الملكية الفكرية موضوع محوري في صناعة النشر، وهو أحد أهم أطراف معادلة النجاح أو الفشل في توفير بيئة حاضنة لصناعة النشر والإبداع، وقد أثبتث الدراسات أن الدول التي وضعت قوانين صارمة واستراتيجيات فعالة لحماية الملكية الفكرية، مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، تشهد ازدهاراً صناعياً واقتصادياً، ورواجاً ثقافياً وعلمياً وإبداعياً يساهم بإيجابية في دعم وتنشيط دورة الحياة بشقيها الأساسيين: الثقافة والاقتصاد.
ودعت المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين جميع الأطراف المعنية بقطاع النشر إلى فتح نقاش مسؤول وموضوعي حول إعادة تعريف مبدأ حرية النشر، مشيرة إلى ضرورة أن تعكس المعايير الدولية، التنوع الثقافي والفكري لكل البلدان التي تطبقها، مطالبة المشاركين في هذا المؤتمر بمناقشة هذه القضية المهمة بقدرٍ كافٍ من التسامح والمرونة، يُعبّر عن احترام الجميع لمبدأ حرية النشر واحترام ثقافات الشعوب وخصوصيتها.
واختتمت الشيخة بدور القاسمي حديثها قائلةً: إذا كان الكتاب هو مرآة المجتمع، فإن قطاع النشر هو المحرك الفعلي للفكر، وتنشيط هذا القطاع يكمن في رعاية كافة العناصر التي تضمن له الازدهار والاستمرار، كي نكون قادرين على مواكبة المتغيّرات اليومية واستيعابها والاستفادة من الفرص التي تطرحها.
من جانبه، رحب أمين عام اتحاد الناشرين العرب محمد علي بيضون بجميع المشاركين والمحاضرين والمحاورين في المؤتمر، قائلاً "نحن نعلم جميعًاً أن الثقافة هي مقياس رقي الشعوب والأمم، لذلك اجتمعنا هنا لنعمل متطوعين للرقي بمهنة النشر والكتاب، لأنها الوسيلة الأولى للتواصل بين المبدعين والباحثين والمطلعين والقراء".
وأكد بيضون أن الثقافة ليست ميدانًاً للمعرفة فقط، بل هي وعاء التاريخ والجغرافيا والحضارة والحاضر والمستقبل، فحين تكون الدولة بلا تاريخ لن يكون لها حاضر ومستقبل، موضحًا أن مؤتمر الناشرين العرب الثالث يعقد لتثبيت قواعد الحاضر إعتماداً على التاريخ لننطلق نحو المستقبل.
وبيّن الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب أن النشر والكتاب والثقافة بشكل عام، جميعها أعمدة بناء الأجيال القادمة التي ستتولى مسؤولية النهوض بالمجتمع والاضطلاع بالمسؤولية، وأن وسيلة النشر كانت لعقود طويلة تعتمد على الكتاب الورقي، والصحف والمجلات، ولكن مع تطور العصر ودخول التكنولوجيا الحديثة أصبحت الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة المتبعة للوصول إلى المعلومات والمطالعة، وعليه أصبح من الضروري اللحاق بالعصر الحديث للنشر، الذي يعتمد على سرعة التطور وسهولة الإطلاع، وبنفس الوقت السعي من أجل إيجاد الحلول المناسبة لمواكبة المستجدات التي أحدثها هذا التطور سواء كان إيجابياً أم سلبياً.
ولفت إلى أنه لا يزال للكتاب الورقي ثقله المؤثر والفاعل في أسواقنا بدليل تنظيم معارض الكتب الدورية على مدار العام، وفي معظم البلاد العربية والدول الأخرى، ونسبة المبيعات المقبولة التي تحقها هذه المعارض عاماً بعد عام.
وتطرق إلى شعار مؤتمر الناشرين الثالث "صناعة النشر آفاق وتحديات العصر الرقمي"، بجميع محاوره، وذكر أن النشر الرقمي وانتفاء الحدود الثقافية بين الدول شكل غزوَاً ثقافيًاً للعالم العربي عبر ترجمة الكتب الغربية للغة العربية، لافتًاً إلى أن الترجمة مطلوبة في عالمنا الحالي من أجل الاطلاع على العلوم التي جعلتهم يتقدمون علينا أخيرًا، موضحًاً أن دور البلدان العربية حاليًاً يتطلب قيامهم بغزو ثقافي معاكس من خلال ترجمة تراثنا لكتب باللغة الأجنبية، لكي تتصدر ثقافتنا وحضارتنا جميع دول العالم.
وأضاف بقوله "نحن على ثقة كاملة بأن النشر الرقمي والكتاب الرقمي أخذ حيزًاً لا بأس به في الأعوام الأخيرة، ولكن لا يزال الكتاب الورقي له راغبوه، فمتعة المطالعة الحقيقية لا تكتمل إلا بالكتاب الورقي، هذا من وجهة نظر خاصة وبالطبع يؤيدني بها الكثيرون".
وشكر بيضون الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على رعايته للمؤتمر الذي يعد منصة عالمية للتحاور والخروج بتوصيات من شأنها الارتقاء بالنشر، وطالب في ختام كلمته مدراء المعارض في العالم العربي ومسؤولي الثقافة، ببذل أقصى ما يمكنهم لدعم الناشرين وتقديم التسهيلات التي من شأنها أن تعزز تطور أعمالهم.
ومن جانبه أكد رئيس الاتحاد الدولي للناشرين ريتشارد تشاركين أن مؤتمر الناشرين الذي يشارك به للمرة الثالثة على التوالي مهم جدًاً له، كونه أصبح رئيسًاً لاتحاد الناشرين الدولي، ومرحبًاً بالدول العربية التي انضمت أخيرًا الى الاتحاد، ومتمنيَا أن تنضم جميع الدول العربية والأوروبية إلى الاتحاد في أسرع وقت ممكن لتخطي التحديات ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال النشر والطباعة.
وقال رئيس الاتحاد الدولي للناشرين "دور النشر تواجه أوقات صعبة ومهمة في تحديات العصر الحالي من حيث التطورات الرقمية التي يشهدها العالم، وأن على الحكومات إدراك معنى التعليم والنشر والثقافات الإبداعية، والوقوف إلى جانب العاملين في تلك القطاعات ودعمهم".
وأضاف "التعاون الدولي هو النقطة الرئيسية للقوة التي تساعد على كسب الثقافة، ويجب على العالم أجمع ألا يكون لاعبًا رقميًّا فقط، بل يجب عليه أن يواكب التطور والتقدم في النشر، حيث أن الثقافات متنوعة ومختلفة ومن الممكن أن تشكل حرية الشخص في التفكير عائق للنشر".
وأوضح أن العالم يعيش في عصر التحديات والتعقيدات، حيث يعمل اتحاد الناشرين الدولي بمراقبة أعمال الناشرين الجدد، مطالبًاً الناشرين بالتفاعل مع التغييرات والتحديات لتحقيق الهدف المرجو من النشر، حيث أن كل شيء من الممكن أن يتغير من خلال الناشرين كونهم لديهم القدرة على التغير والتأثير.
وخلال كلمته الرئيسية للمؤتمر، سرد الروائي والناقد والكاتب المسرحي اللبناني الياس خوري، قصته مع القراءة والكتابة والتي بدأها قائلاً: علاقتي بالأدب كانت محيّرة منذ الكتاب الأول الذي قرأته، وكنت في نحو التاسعة من عمري، وجدت في بيتنا مجموعة روايات جرجي زيدان التاريخية، فكان هذا الكاتب دليلي الأول إلى عالم امتزج فيه الخيال بالتاريخ، وسحر السرد بمتعة الأدب، قرأت "فتاة غسان"، وأُصبت بحالة رافقتني طوال حياتي، وكنت لا أجرؤ على البوح بها لأحد، ومع تنوّع قراءاتي، ازدادت هذه الحالة تفاقمًاً، وهي لا تزال ترافقني إلى اليوم، قرأت جميع روايات زيدان، ودمجتها بهوسي المبكر بالشعر الجاهلي.
وأضاف إلياس خوري: مفصل علاقتي بالقراءة حدث مع روايتين: الأولى هي رواية "الغريب" لألبير كامو، والثانية هي رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني، رواية كامو سحرتني بأسلوبها المباشر ومستويات النص المتعددة فيها، أما رواية كنفاني فقد أشعلت في داخلي نار الأسى والغضب، وعلى الرغم من عدم وجود قاسم مشترك بين الروايتين الصغيرتَي الحجم، فإنهما قادتاني إلى أن أعي دلالات المشاعر الأولى التي اختبرتها في قراءتي المبكرة لزيدان.
واسترسل خوري في حديثه قائلاً: حين تجرأت على تحويل علاقتي بالحياة إلى كلمات، لم أشعر بأنني أدخل إلى عالم لا أعرفه، وإنما شعرت بأن القارئ الذي في داخلي، والذي تراءى له أنه كتب جميع الروايات التي قرأها، يستطيع متابعة لعبته كقارئ عبر الكتابة، فكتبت كقارئ، واكتشفت أن الإنسان هو الكتاب الذي يتجدد باستمرار، صارت الكلمات مرايا، وصار الكاتب الذي في داخلي هو القارئ الذي يقف على أرضية نصوص الآخرين كي يكتشف نصه.
وختم الياس خوري حديثه قائلاً: الكاتب أم القارىء، أم أن كليهما ليس سوى استعارة لتفجّر الحياة في الكلمات، وهو تفجّر لا يمكن إيقافه، لأن الكلمة هي الحياة نفسها، ولأن لا قوة تستطيع منعها من التشكل كمرايا لأرواحنا، الكلمات مرايا، ومن دون مرايا لا تضيع الصورة فقط، بل يضيع الأصل أيضاً".
وكرَّم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الناشر المهندس إبراهيم المعلم، لإسهاماته الكبيرة في مجال تطوير صناعة النشر في المنطقة العربية، والتي عُرضت خلال الحفل في فيلم قصير وثق حياته المهنية، واستعرض مسيرته الحافلة بالإنجازات، والتي تقلّد فيها عددًاً كبيرًاً من المناصب في أرفع المؤسسات التي تُعنى بقطاع النشر، فقد شغل منصب رئيس لجنة كتب الأطفال في العالم، التابعة للمؤتمر العالمي لاتحاد الناشرين الدولي 2004- 2008، ونائب رئيس اتحاد الناشرين الدولي المنتخب 2008-2014، وعضو مجلس إدارة اتحاد الناشرين الدولي، وعضو اللجنة الدولية لحرية النشر، عضو اللجنة الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية، وأحد مؤسسي ورئيس اتحاد الناشرين العرب ، وكذلك أحد مؤسسي ورئيس اتحاد الناشرين المصريين.
وحصدت مجموعة الشروق تحت إدارة إبراهيم المعلم مجموعة من الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية، من أبرزها جائزة اليونسكو لتعزيز التسامح واللاعنف العام 2003، وجائزة معرض بولونيا الدولي لكتب الأطفال العامين 2000-2002، وجائزة اتصالات لكتاب الطفل العام 2010.
ويتضمن المؤتمر الذي ينظمه اتحاد الناشرين العرب بالتعاون مع جمعية الناشرين الإماراتيين، والذي تُختتم فعالياته الثلاثاء المقبل، جلسات تتناول مواضيع متنوعة تشمل: المكتبات، والتعليم، والملكية الفكرية، وحقوق الملكية، والقرصنة الرقمية، والتوزيع الإلكتروني، وحرية النشر، والترجمة واللغة العربية، وتطور قطاع النشر، وتطوير المحتوى.
ويشار إلى العاصمة السعودية، الرياض، كانت قد استضافت مؤتمر الناشرين العرب الأول، الذي أقيم خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام 2009 تحت شعار "مستقبل صناعة النشر في العالم العربي"، فيما استضافت مدينة الإسكندرية في مصر مؤتمر الناشرين العرب الثاني، الذي أقيم في آذار/ مارس 2013، تحت شعار "تمكين المعرفة وتحديات النشر العربي".