ينتظر الشاب الفلسطيني شحادة شلالدة بفارغ الصبر لحظة الانتهاء من صناعة آلة الكمان الموسيقية، ليكتب عليها اسمه الى جانب عبارة "صنع في فلسطين" ويستمتع بصوتها الهادئ الذي ينسيه شهرين من العمل المضني لانجاز كل منها. ويظهر داخل محله الصغير عدد من الات الكمنجة المعلقة، منها ما بقي بحاجة الى لمسات اخيرة، واخرى ما زالت في بداية مرحلة التصنيع. ويعمل الشاب شلالدة (23 عاما) في صناعة واصلاح هذا النوع من الآلات الموسيقية منذ العام 2012، بعدما عاد من دراسته في معهد متخصص في بريطانيا. ويعتمد شلالدة بعمله على معدات اوروبية من الخشب والاوتار، يستقدمها خصيصا لاتمام عملية التصنيع. ويقول "خلال عملي في صناعة الكمان، اول ما افكر فيه هي تلك اللحظة التي انتهي منها واكتب عليها اسمي، وعبارة + صنع في فلسطين+". وحتى وقت ليس بالبعيد، كانت غالبية الادوات الموسيقية المعطلة أو المخربة لدى الفلسطينيين، ترسل الى متخصصين في اسرائيل ليتم اصلاحها في مقابل مبالغ طائلة. لذا يبدي شلالدة فخره بانه بات مقصد غالبية المراكز الموسيقية الفلسطينية الراغبة باصلاح آلات موسيقية ولا سيما آلات الكمان. ويقول شلالدة "اصلاح الالات الموسيقية عملية دقيقة جدا، وأما صناعة الآلة فهي صعبة جدا وتستغرق وقتا طويلا". ويعمل الشاب شلالدة في مركز اطلق عليه اسم "مركز الكمنجاتي للموسيقى"، تم تمويل انشائه من قبل جهات اجنبية بهدف تعليم الاطفال الموسيقى. ويتذكر شلالدة حينما توجه قبل تسع سنوات، لتعلم الموسيقى في هذا المركز القريب من منزله، ومنذ ذلك الحين وقلبه معلق به. ويقول "تعرفت على معلم ايطالي وكنت انظر اليه وهو يصلح الادوات الموسيقية، حتى انني سافرت معه الى ايطاليا وهناك صنعت آلتين". وبعد ذلك نصحه المعلم الايطالي بدراسة صناعة الكمان في بريطانيا، وتم تمويل دراسته من مؤسسة القطان الفلسطينية. ويفتخر شلالدة بان ست الات كمان من صنعه اشتراها موسيقيون اميركيون، واسمه محفور عليها. ويقول "ياتيني اناس من مختلف نواحي الاراضي الفلسطينية، ومن الفلسطينيين الذين يعيشون داخل اسرائيل، يطلبون مني اصلاح آلاتهم الموسيقية". ويقع محل شلالدة في مقدمة حوش من البناء القديم في مدينة رام الله تم ترميمه من اجل اقامة مركز الكمنجاتي للموسيقى. ويقول اياد جرادات المسؤول في المركز ان هذه المنطقة التي يعمل فيها شلالدة كانت عبارة عن منازل مهدمة هجرها اصحابها، ثم جرى ترميمها ليقام هذا المركز فيها. ويضيف "يقوم المركز بتعليم مختلف انواع الموسيقى للاطفال ما دون الخامسة عشرة، وشلالدة كان احد هؤلاء الاطفال وتعلم الموسيقى هنا قبل ان يصبح متخصصا في صناعة آلة الكمان واصلاحها". ويدير مركز "الكمنجاتي" رمزي ابو رضوان، الذي اشتهرت له صورة في طفولته وهو يحمل حجرا في تظاهرة، قبل ان يصبح موسيقيا مرموقا وعازفا يجول في دول المنطقة.