ابوظبي - صوت الامارات
كرم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي مبادرة "المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام" بجمهورية إفريقيا الوسطى الفائزة بجائزة الامام الحسن بن علي الدولية لتعزيز السلم التي تمنح لأكثر المؤثرين في صناعة السلم العالمي حول العالم وذلك على هامش الملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي اختتم أعماله اليوم في أبوظبي .
حضر حفل التكريم معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة دولة للتسامح والعلامة عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة رئيس لجنته العلمية ومعالي محمد كامون رئيس وزراء إفريقيا الوسطي السابق وسعادة آدم جنك المستشار الخاص للامين العام للأمم المتحدة المكلف بمنع الإبادات وسماحة علي الهاشمي مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري والسيد على الأمين عضو مجلس حكماء المسلمين والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر وعدد من العلماء والمفكرين العرب والمسلمين.
وجاء منح الجائزة لهذه المبادرة في ضوء دورها في إعادة لحمة المجتمع وترسيخ قيم السلم بوسائلها الذاتية والتواصل المباشر مع المواطنين بعد الحرب الأهلية التي شهدتها جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2012 من خلال شبكة المساجد والكنائس المنتشرة في أرجاء الجمهورية .
وركزت المبادرة على ضرورة توصيل معاناة شعب إفريقيا الوسطى إلى المحافل الدولية ولعبت دورا بارزا للتأثير على مجلس الأمن الدولي لإرسال قوة حفظ السلام حيث التقت القيادات الرمزية المؤسسة للمبادرة بالسيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في مارس 2014.
ومن القيادات الرمزية المؤسسة لهذه المبادرة والمكرمة اليوم كاردينال زابالنقا رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية بأفريقيا الوسطي وإمام عمر كوبين لياما رئيس اللجنة الإسلامية بإفريقيا الوسطى والقس نيكولا رئيس التحالف الإنجيلي بإفريقيا الوسطى.
وأكد العلامة عبدالله بن بيه - في كلمته خلال الحفل - ان منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ناقش على مدى يومين موضوعاً مهماً وهو الدولة الوطنية التي لا يجوز نزع الشرعية عنها فهي موافقة لمقاصد الشريعة في النظام والانتظام.
ووجه دعوة سلام من دولة الإمارات إلى العالم مفادها السلم والخير والتعايش لصالح البشرية جمعاء وذلك لإحداث السلم في المجتمعات المسلمة ..مشيرا إلى أنها دعوة صادقة لكل أصحاب العقول ليتوحدوا نحو كلمة واحدة وهي السلام التي نحاول بشتى الطرق أن نقنع بها من ضلوا طريقهم ومواجهة الحملات الدعائية على إشكالية الإسلام ومشكلة المسلمين .
وقال ان الإرهاب لا دين له ولا جنسية ومن أهم القضايا الفكرية هي تصحيح المفاهيم وترميمها وإعادة صياغتها بناء على واقع جديد .
من جانبه قال سعادة آدم جنك المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمنع الإبادات ان منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يسهم بشكل كبير في تعزيز حقوق الإنسان .. وأعرب عن تقديره وشكره لدولة الإمارات قيادة وحكومة على مجهوداتها الكبيرة في نشر ثقافة التسامح والسلام وتعزيز السلم .
وأشار في كلمته إلى وجود العديد من العوامل التي تساهم في إنتشار الإرهاب وإرتكاب الجرائم وخاصة بالدول التي عانت من بعض الصعوبات في حين تقع على عاتق الدولة خفض هذه الجرائم من خلال محاربة الأفكار الإرهابية والتصرفات التي تسيء إلى مجتمعاتنا من خلال تعزيز دور القيادة ومفهوم الدولة الوطنية وتمكين الحوار بين الثقافات لتعزيز التسامح ومواجه الأفكار المتطرفة.
وعلى صعيد متصل أكد البيان الختامي للملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة جملة من المبادئ والقرارات المهمة منها ان معضلات الأمة الإسلامية لن تجد لها حلولا بمعزل عن دينها الذي ارتضاه الله لها، وان أزمات الأمة الإسلامية وإن كانت متعددة الأسباب والأبعاد فإن مفتاح الحلول يكمن في تجديد الخطاب الديني ليعبد للناس طرق السلم والعيش المشترك والترقي في مدارج تكريم الإنسان وعمارة الأرض.
وأكد البيان ان من أخطر التحديات التي تواجه تجديد الخطاب الديني تحريف المفاهيم لعدم استيعاب أصولها الأولى أو للجهل بالشروط الزمانية والمكانية التي تعيد صياغة المفهوم ومن ثم فإنه لا مطمع في إيجاد بيئة ملائمة لثقافة السلم بدون تحرير المفاهيم.
وفي اطار تنزيل المنهجية على موضوع الدولة الوطنية في السياق الراهن أشار البيان إلى أنها منهجية جديدة في صياغتها قديمة في جذورها، خارجة من رحم الإسلام وتراثه ومن جذور المعارف الإسلامية والإنسانية لإنتاج خطاب جديد في مضامينه الزمنية قديم في ثوابته الأزلية يبني الأسباب الشرعية على الشروط الزمنية ويراعي الموانع البشرية، واختتم البيان بالإشارة إلى أن التجربة التاريخية للأمة تثبت تعدد دول الإسلام وتعدد أئمتها ولم يثبت أن أحدا سعى إلى توحيد الأقطار تحت راية واحدة بسبب الواجب العقدي المستبطن لمبدأ وجوب الخلافة ووحدة الإمام.
ولفت البيان إلى أن الدولة الوطنية في عالمنا الإسلامي مع اختلاف أشكالها وصورها هي نظم شرعية لها من المشروعية ما للإمبراطوريات الكبرى التي كانت قائمة في التاريخ بناء على قانون المصالح والمفاسد الذي تدور حوله أحكام الشرع فلا يجوز أن تراق الدماء لتوحيد الدولة ويجب أن يسود السلام.
وفيما يلي نص البيان الختامي ..
أولا- في المبادئ والمنطلقات والمفاهيم - إن معضلات الأمة الإسلامية لن تجد لها حلولا بمعزل عن دينها الذي ارتضاه الله لها بالأدلة البينات والحجج الواضحات بشرط سلامة منهج التعامل مع النصوص وعمق الفهم لمقاصد الشريعة وحسن تنزيل الأحكام الشرعية على واقع اتضحت معالمه واستوعبت عناصره وأبعاده.
- إن أزمات الأمة الإسلامية وإن كانت متعددة الأسباب والأبعاد فإن مفتاح الحلول يكمن في تجديد الخطاب الديني ليعبد للناس طرق السلم والعيش المشترك والترقي في مدارج تكريم الإنسان وعمارة الأرض.
- إن من أخطر التحديات التي تواجه تجديد الخطاب الديني تحريف المفاهيم لعدم استيعاب أصولها الأولى أو للجهل بالشروط الزمانية والمكانية التي تعيد صياغة المفهوم؛ ومن ثم فإنه لا مطمع في إيجاد بيئة ملائمة لثقافة السلم بدون تحرير المفاهيم.
- إن بُؤرة تجديد الخطاب الديني إنما تكمن في صياغة المفاهيم صياغة مستقلة مبتكرة أو مراجعة المفاهيم المعتمدة في المجالات المستهدفة وما يتولد عنه من الأحكام لتهذيبها وعرضها من جديد على أصولها من جهة وعلى النتائج من جهة أخرى، مما قد يؤدي إلى تحويرها أو تغييرها أو تطويرها أو تعديلها وتبديلها.
- إن مفهوم الدولة والدولة الوطنية من المفاهيم المفجرة التي يجب تفكيكها وإعادة تركيبها، لأن البعض تذرع به لتحقيق غايات يضفي عليها الشرعية من خلال نصوص مجتزأة من سياقاتها، ومن خلال إهمال فج لأدنى قواعد منهج تنزيل الأحكام والمفاهيم التي أصل لها علماء المسلمين عبر الأزمنة المتوالية.
- إن مشروعية الدولة الوطنية اليوم تتضرر من اشتراط شروط مثالية لا تستوعب منطق الشرع نفسه ولا منطق التجربة التاريخية للأمة بقدر ما تتضرر من اشتراط التماهي والتطابق مع صيرورة الدولة ومؤسساتها في التجربة الغربية الحديثة.
- إن اشتراط فصل الدين عن الدولة فصلا تاما لتحقق مفهوم الدولة هو تضييق لا يراعي الصيغ المتنوعة لعلاقة الدين بالدولة في الدول الغربية نفسها ولا مركزية الإسلام في ثقافة المجتمعات المسلمة ولا خصوصية التطور الاجتماعي لكثير من البلدان المسلمة.
- إن من خصائص الشريعة الخاتمة تكامل الديني والدنيوي فيها وكون بعض الحقوق مركبة يجتمع فيها حق الله وحقوق العباد.
- إن طبيعة الرسالة المحمدية باعتبارها الرسالة الخاتمة اقتضت أن تتسع أصولها ومقاصدها للبشرية جمعاء وأن تترك للعقل والرأي والتجربة الإنسانية النصيب الأوفر في تدبير ما الأصل فيه التغير والتطور كمسائل الدولة ووظائفها ومؤسساتها.
- إن كثيرا من الباحثين تربكهم العلاقة بين الديني وبين الدنيوي والإحالة المتبادلة فيما بينهما في الإسلام لضعف معرفتهم بطرق الاستنباط من النصوص وبمقاصد الشريعة وأدوات التنزيل في السياقات الزمانية والإنسانية، فيقتصرون على ظواهر من النصوص دون مقاصد وعلى فروع بدون قواعد فيدخلون في خصومة مع كل واقع يتجدد.
- إن هذه الإحالة المتبادلة بين الديني والدنيوي تورث وهما عند غير الراسخين في العلم أنه ديني بحت أو دنيوي محض توقع في كثير من سوء الفهم للنصوص، وفي التعسف على الواقع، وتفويت مصالح الخلق.
ثانيا – في المنهجية المعتمدة: - إن منهجية "منتدى تعزيز السلم" منهجية جديدة في صياغتها، قديمة في جذورها، خارجة من رحم الإسلام وتراثه، ومن جذور المعارف الإسلامية والإنسانية، لإنتاج خطاب جديد في مضامينه الزمنية، قديم في ثوابته الأزلية، يبني الأسباب الشرعية على الشروط الزمنية ويراعي الموانع البشرية - من خصائص هذه المنهجية ما يلي: 1- الانطلاق من مسلمة أن نصوص الشريعة بمنزلة النص الواحد، وأن كل المفاهيم الشرعية مرتبطة بمكونات هذا النص، وذلك في مواجهة منهج وثقافة الاجتزاء.
2- البحث في الاحتمالات والحمولات اللغوية التي تهيئ النص والمفهوم للتأويل والحمل.
3- الجمع بين النصوص وسياقات المفاهيم.
4- البحث في التجاذب بين الكلي والجزئي من النصوص والمفاهيم والموازنة بينها لتفادي الاجتزاء.
5- تبييء الخطاب التكليفي المؤسس للمفاهيم ضمن بيئة خطاب الوضع، باعتبار خطاب الوضع ناظما للعلاقة بين خطاب التكليف بأصنافه وبين الواقع بسلاسته وإكراهاته.
6- مراجعة سياقات المفاهيم بتحيين عديد منها على مر التاريخ لتلائم الزمان ضمن عملية تحقيق المناط.
7- مراعاة العلاقة بين الأوامر والنواهي ومنظومة المصالح والمفاسد بالنظر إلى المعاني والمصالح ومراتبها.
8- مراعاة كلي الزمان والعصر باعتبار أن الواقع شريك في بناء الأحكام وتقرير المفاهيم وصور تنزيلها.
9- النظر في المآلات والعواقب 10- ملاحظة تنوع واختلاف المقامات التي صدرت عنها التصرفات النبوية للتمييز بين مقام التشريع العام الدائم الملزم وغيره من المقامات الراجعة إلى تدبير المصالح وتنظيم المؤسسات.
11-استحضار البعد الإنساني والانتماء إلى المجتمع الدولي.
ثالثا - في تنزيل المنهجية على موضوع الدولة الوطنية في السياق الراهن: - إن الدولة في القانون الدولي عبارة عن اجتماع العناصر التالية: 1- وجود أرض محدودة ومعينة.
2 - وجود شعب يقيم على هذه الارض بشكل دائم.
3- وجود شكل من الحكم في حده الأدنى.
4- القدرة على إقامة علاقات مع الدول الأخرى.
- إن ضرورة وجود سلطة تحفظ مصالح الناس وترعى شؤونهم أمر لا خلاف فيه في شريعتنا قولا وفعلا وتقريرا، لكن لا يلزم من هذا أي تحديد لطبيعة هذه السلطة ولا كونها دولة موحدة جامعة للمسلمين.
- إنه لا يوجد في شريعتنا حول شكل السلطة وصلاحياتها ومكوناتها وطريقة تداولها أحكام ثابتة ملزمة إلا بقدر ما يحقق من المصلحة أو ما يدرأ من المفسدة، ويتلاءم مع أعراف وأحوال الناس، ويوفر السلام ويحفظ النظام، ويكون أقرب إلى روح الشرع في الأحكام.
- إن أساس فقه الدولة في الإسلام عدم منافاة التشريعات والتدابير للنصوص الشرعية؛ وليس شرطا أن تكون منصوصا عليها أو مقيسة على النصوص.
- إن الفقه الإسلامي الموروث لم يتحدث عن دولة مسلمة بل عن دار إسلام.
- إن العبرة في إسلامية الدار ليست بالأحكام ولا بالحكام بل بالسكان؛ أي بوجود أغلبية مسلمة بوسعها ممارسة شعائر دينها في أمان.
- إن التشكيك في إسلامية الدول المسلمة لمجرد وجود بعض القوانين المخالفة للشريعة ذهول أو تجاهل لقرب عهدها بنكبة الاستعمار واختلال موازين القوى العالمية وخصائص الدولة الوطنية الحديثة.
- إن التجربة التاريخية للأمة تثبت تعدد دول الإسلام، وتعدد أئمتها، ولم يثبت أن أحدا سعى إلى توحيد الأقطار تحت راية واحدة بسبب الواجب العقدي المستبطن لمبدأ وجوب الخلافة ووحدة الإمام.
- إن الدولة الوطنية في عالمنا الإسلامي مع اختلاف أشكالها وصورها، هي نظم شرعية لها من المشروعية ما للإمبراطوريات الكبرى التي كانت قائمة في التاريخ بناء على قانون المصالح والمفاسد الذي تدور حوله أحكام الشرع، فلا يجوز أن تراق الدماء لتوحيد الدولة، ويجب أن يسود السلام // .