دبي - صوت الإمارات
لم تكن عائلة الشاب بريتفيك باسكر (هندي الجنسية)، تظن أنها ستلقى رعاية منقطعة النظير في أي مكان بالعالم، بعدما تأكدت أن ابنها يحتاج إلى عملية زراعة كلى، بسبب معاناته من «مرض الكلى المزمن في المرحلة الأخيرة». أصبحت العائلة تفكر في الكثير من الأمور الطبية والمالية التي تهدد مستقبل وأحلام ابنها البالغ من العمر 16 عاماً فقط، ورغم ذلك حقق الكثير من الإنجازات الأكاديمية خلال مسيرته التعليمية، حيث انضم رسمياً كباحث منتسب في مركز المفاهيم الأساسية في العلوم للبحث في الفيزياء الفلكية، وهو مؤلف مشارك لكتاب ناسا التمهيدي في علم الأحياء الفلكي وتخرج كباحث عالمي في العلوم في يونيو 2020. ولكن الطالب الموهوب في كلية دبي واجه تحدياً كبيراً في ظل الفشل الكلوي الذي كان يمنعه من أداء واجباته المدرسية، وكانت كليتا بريتفيك صغيرتين وتعملان بشكل جزئي منذ ولادته، وبذلك وصلت حالته وفقاً للأطباء إلى «المرحلة النهائية من مرض الكلى» والتي استدعت عملية زراعة كلية عاجلة.
في بيت العبقري
«الاتحاد» زارت الأسرة في بيتها في منطقة قرية جميرا في دبي، حيث التقت الأب والأم والابن، الذي وجدناه عاكفاً على قراءة ومتابعة أحد أبحاثه، الذي رد علينا بقوله «أريد رد الجميل للإمارات من خلال الأبحاث العلمية التي أعمل على إنجازها حالياً ومستقبلاً، حيث أعمل في الوقت الحالي على إنجاز بعض الأبحاث». وقال بريتفيك: «شكراً لإمارات العلم والإنسانية، شكراً لك يا والدي لقد منحتني فرصة جديدة للحياة، وفضلت راحتي على راحتك». وقال بريتفيك الذي اختير كسفير للإمارات للتبرع بالأعضاء: «أتعهد بالعمل من أجل زيادة الوعي حول الحاجة الماسة للتبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة المرضى مثلي، لقد كنت محظوظاً لأن والدي كان بجانبي في هذه المحنة وتبرع بكليته لمساعدتي». وأضاف: «هناك الكثير من الأطفال والبالغين الذين يحتاجون إلى عمليات زراعة للبقاء على قيد الحياة. وسأعمل عن كثب مع جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ومؤسسة الجليلة لضمان زيادة الوعي بشأن التبرع بالأعضاء».
مساندة ودعم أما الوالد باسكر سنها، الذي يعيش في الإمارات مع عائلته منذ 10 سنوات، فأشار إلى أن الإمارات ساعدته في تعب ومرض ابنه مرتين، الأولى خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة «كورونا»، حيث عملت على تسهيل أمور عودته إلى دبي ليكون بجوار ابنه بعد أن اشتد عليه التعب وزاد مرضه وتوقفت كليته عن العمل.
وقال: «أما المرة الثانية فعندما تكفلت بمصاريف الرعاية والعناية للعملية الجراحية التي أجريت لابني، وأخص بالشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لأنه ساعدني كثيراً في هذه الظروف، ولم أكن أتوقع وجود مثل هذا الدعم والمساندة في أي مكان في العالم». فيما عبرت والدة الشاب بريتفيك، عن فرحها لنجاح عملية زراعة كلى لابنها، منوهة بالجهود والخدمات الطبية التي قدمت لزوجها وابنها قبل إجراء العملية وأثناء العملية والمتابعة الصحية في الوقت الحالي. وقالت: «لقد تلقى ابني الكلى من والده، لحسن الحظ كلنا بخير، ونحن نشكر حكام الإمارات وأيضاً الأطباء والممرضات الذين سخروا وقتهم وجهدهم لخدمتنا، نحن متأكدون أن هذا هو إنجاز ممتاز لدولة الإمارات، الحمد لله.. شكراً يا إمارات». في الوقت الحالي يمارس الشاب الطموح بريتفيك حياته بشكل طبيعي ويستمتع بقضاء وقت مثمر مع عائلته ويبلغ كامل إمكانياته. وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد وجه رسالةً إلى بريتفيك قبل إجراء عملية زرع الكلية، يبلغه فيها أنه سيتم رعايته في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقال سموه في رسالته «إلى عزيزي بريتفيك، هذه لفتة صغيرة مني إليك لتذكيرك بأنك هنا في وطنك وأنك في أيد أمينة، وأنني سأدعو الله أن يبقيك في صحة جيدة وأمان.. استمر في الابتسام أيها المحارب الصغير».
تميز الإمارات في زراعة الأعضاء
أكد الدكتور والدو كونسيبسيون، رئيس مركز زراعة الأعضاء في مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، أن نجاح عمليات زراعة الأعضاء في الدولة هو بمثابة نقلة كبيرة في هذا المجال، في ظل تطور الخدمات الصحية ووجود ثقافة تبرع قوية بين أفراد المجتمع. وقال: «تمتلك دولة الإمارات العديد من المقومات التي تؤهلها لإجراء جميع عمليات زراعة الأعضاء، وفي مقدمتها الإمكانيات والتقنيات الطبية عالية المستوى، وتبني الحلول الذكية في مجال الطب وأبحاث زراعة ونقل الأعضاء». وأشار إلى امتلاكها الخبرات والكفاءات الطبية، وشبكة واسعة من المنشآت الطبية المعتمدة دولياً، وغيرها من الخدمات والقدرات عالية الجودة على المستوى العالمي.
زراعة الأعضاء
قال الدكتور والدو كونسيبسيون، رئيس مركز زراعة الأعضاء في مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال: «جراحة الطفل بريتفيك، هي أول عملية زراعة كلية من متبرع حي في مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، وقد تكللت بالنجاح». وأشار إلى أن مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، أطلق مؤخراً مركزاً متكاملاً لزراعة أعضاء الأطفال الأول من نوعه في دبي، وذلك بهدف تلبية الطلب على زراعة أعضاء الأطفال، وتوفير الرعاية التخصصية لحماية حياة الأطفال المرضى في دولة الإمارات العربية المتحدة.وأكد أن المركز سيلعب دوراً هاماً ومحورياً في تقديم خدمات زراعة الأعضاء للأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل شامل ويشتمل على إدارة متكاملة للرعاية السريرية، والابتكار، والأبحاث. ويستهدف المركز المصابين بالأمراض الحادة والمزمنة التي تؤثر على وظيفة وعمل الأعضاء الحيوية في الجسم، بهدف الإدارة الكاملة والوقاية من الإصابات المزمنة، بالإضافة إلى علاج فشل الأعضاء في المرحلة النهائية من خلال زراعة الأعضاء، وتوفير الرعاية الأكثر تخصصاً بعد عملية الزراعة، إلى جانب الحفاظ على هذه الأعضاء لحماية حياة المرضى.
4 عمليات زراعة كلى للأطفال
أعلن الدكتور والدو كونسيبسيون، رئيس مركز زراعة الأعضاء في مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، عن قيام مستشفى الجليلة بإجراء 4 عمليات زراعة كلى للأطفال حتى اللحظة، بالتعاون مع كل من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وميديكلينيك مستشفى المدينة. وكشف أن المركز الجديد والمتكامل في الجليلة للأطفال، سيجري 10 عمليات زراعة للكلى سنوياً، وسيقدم رعاية سريرية مبتكرة وشاملة للأطفال المرضى قبل وبعد الزراعة وعمل دراسات بحثية متخصصة للاستفادة منها في هذا المجال. وفي ديسمبر من عام 2020، أعلن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي عن اعتماد برنامج زراعة الأعضاء في دبي لتأكيد ريادتها عالمياً في هذا المجال ورفع مستوى الرعاية الصحية. ويساهم البرنامج في تعزيز الجهود المبذولة لجعل دبي وجهة عالمية في السياحة العلاجية ومركزاً للأبحاث الطبية. وتعد حالة بريتفيك مثالاً من بين العديد من الحالات الأخرى على أن الجهات المعنية تتجه في الاتجاه الصحيح لجعل دبي وجهة عالمية للرعاية الصحية.
وقــــــــــد يهمك أيضا :