ندوة " دور الإعلام في عملية إحياء الشعر "

 استضافت منظمة اليونسكو اليوم ندوة نظمتها جمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربي بعنوان " دور الإعلام في عملية إحياء الشعر " .

شارك في الندوة كل من الكاتب والمخرج معالي فريديريك ميتران وزير الثقافة الأسبق في الجمهورية الفرنسية وسعادة الدكتور علي بن تميم مدير عام شركة أبوظبي للإعلام والأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي وسلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر في اللجنة.

وأشاد معالي فريديريك ميتران خلال الندوة - التي أدارها باسكال ايرولت كبير صحافيي جريدة opinion الفرنسية - بالدور الثقافي الكبير الذي تلعبه أبوظبي على مستوى العالم وأهمية برنامجي شاعر المليون وأمير الشعراء ودورهما التثقيفي للجيل الجديد والمساهمة في تعزيز الاهتمام بالشعر الذي يوصف بأنه أحد عناصر التراث الثقافي للبشرية.

من جهته .. رحب سعادة السفير عبدالله علي مصبح النعيمي المندوب الدائم للدولة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو " بالحضور المحتفين بالثقافة الإماراتية.

وهنأ سعادته المنظمين على هذه المبادرة والاحتفاء بمثقفي دولة الإمارات .. مستذكرا عبارة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه " قال فيها " إن الهدف الأول والأخير للمعركة الحضارية هو الإنسان .. والشعر أحد هذه الأسلحة لمعانيه ودلالاته وجمالياته ".

وقال " لعل هذه العبارة تفسر الأهمية القصوى التي تحصدها برامجنا الثقافية والفكرية التي بلورت دور الإمارات في المشهد المعرفي العربي والعالمي .. ونحن على العهد الثقافي باقون نواجه التشوه في الفكر وانسداد الأفق والتطرف ونبذ الآخر عبر العلم والشعر والتنمية وريادة آفاق الرقي والحداثة ".

إلى ذلك .. قال سعادة الدكتور علي بن تميم مدير عام شركة أبوظبي للإعلام وعضو لجنة تحكيم برنامج " أمير الشعراء " إن العلاقة بين الشعر والإعلام - لاسيما حين نتحدث عن الشعر العربي - ليست بالعلاقة الجديدة أو الطارئة .. مضيفا " لعلنا نتوقف هنا عند ظاهرة سوق عكاظ والمعلقات الشعرية في مرحلة ما قبل الإسلام حيث كان الشعر في ذلك الوقت صانع الخطاب العام والمعبر عن ضمير الجماعة وأحوالها وثقافتها وتاريخها..

وكنا نرى الشاعر في كثير من الأحيان يتنكب دور حكيم القبيلة وقد احتاج إلى منبر يوصل من خلاله شعره ويكون نقطة الانطلاق إلى أماكن وفضاءات أوسع بل إنه يبدأ في اتخاذ حيزه في الذاكرة الجمعية من خلال تلك المنابر ".

وأضاف " أن المنبر الشعري كان منذ القدم وعبر مختلف المراحل جزءا من العملية الشعرية.. ونلحظ أنه كان هناك دوما منبران للشعر في الحياة العربية العامة أولهما شعبي يتخذ مكانه في الأسواق على وجه الخصوص والآخر نخبوي يتجلى في مجالس الأشراف أو في بلاطات الملوك .. وفي الحالين برز شعراء اشتهروا بقدرتهم على الإلقاء والتأثير في الجمهور وبات لهم حفظة لشعرهم يرافقونهم في المحافل والمناسبات أو يجوبون الآفاق ويوصلون تلك الأشعار إلى الأماكن البعيدة ".

وتابع ابن تميم أن برنامجي أمير الشعراء وشاعر المليون برزا في أبوظبي بالتوازي مع إطلاق العديد من المبادرات الثقافية والفنية إدراكا من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لأهمية مثل هذه المبادرات في النهوض الحضاري والتنموي وفي مواجهة التيارات المتشددة والمتطرفة التي تتمسح بمسوح الدين ولمنح الشباب بيئة خصبة للتعبير عن أنفسهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم وهو ما توج قبل فترة قصيرة بتأسيس مجلس القوة الناعمة الإماراتية الذي يهدف إلى الاستثمار في الإنسان والمعرفة وسيلة للتطوير والنهوض نحو المستقبل.

وقال مدير عام شركة أبوظبي للإعلام " بصفتي عضوا في لجنة تحكيم برنامج أمير الشعراء منذ تأسيسه قبل نحو /9/ سنوات .. فقد شهدت ذلك الإقبال الكبير سواء من هواة الشعر أنفسهم أو من الجمهور على متابعة البرنامج الذي جاء ليملأ ثغرة كبيرة في الواقع الإعلامي العربي ويعيد الاعتبار إلى الشعر وفنون إلقائه أمام الجمهور .. وعاما بعد الآخر يزداد حضور هذا الجمهور وتتسع رقعته .. فيما يطور البرنامج نفسه ليصل إلى شرائح أوسع وليقدم محتوى إعلاميا وفنيا أفضل شكلا ومضمونا .. والأمر نفسه ينطبق على شاعر المليون للشعر النبطي أو المحكي الخليجي ".

وتابع " وفي الحالين .. فإن تجربة حضور الشعر في الإعلام الجماهيري على وجه الخصوص أي التلفزيون قد أثبتت نجاعتها بل ضرورتها وهو ما يعني أن كل الدعاوى السابقة حول عزل الشعر لا يمكن ولا يجب تعميمها ".

من جهته .. قال عيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي " إن هذا اللقاء الذي تحتضنه باريس الملتقى التاريخي للثقافة والفن في العالم يفتح أفقا جديدا لبناء أخلاقيات المحبة والتفاعل الثقافي بين البشر .. وبفضل ذلك بقينا منذ آلاف السنين وبها سنبقى وها هي الآن أبوظبي جسر لثقافتنا وثقافتكم جميعا ".

وأكد أن تأسيس أبوظبي لمشاريعها الثقافية يجسد مواكبة لاستراتيجيتها المستقبلية 2030 وبما يشكل متابعة لتنفيذ رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه " في الحفاظ على هوية وثقافة شعب الإمارات وتعزيزها.

وأعرب عن فخره واعتزازه بمرور 10 سنوات على انطلاق تلك المشاريع الرائدة التي تدل على أن عاصمة الدولة تحولت إلى مركز ثقافي إنساني رائد يحظى باهتمام المؤسسات الدولية والإعلام العالمي.

وأوضح المزروعي أن أجندة أبوظبي الثقافية تنطلق من إدراك المخاطر التي تواجه الثقافة وحفظها في عالم يتغير بسرعة هائلة تهدد الهوية التراثية للشعوب بالاضمحلال.. منوها إلى أن فصون التراث الثقافي يواجه اليوم تحديات عولمة الثقافة التي تفرض نمطا واحدا يسبب تآكل الشخصية الثقافية الوطنية.

وأفاد بأن التخطيط الاستراتيجي في أبوظبي يضطلع بمهمة حماية وحفظ وتشجيع الثقافة والتراث بالتوافق مع استراتيجيتها الشاملة وضمن المحاور والتوجهات والأولويات للأجندة الحكومية وخاصة فيما يتعلق ببناء قطاع حكومي يتميز بالمهارة والكفاءة وفاعلية الأداء ودعم وتشجيع الروح الإبداعية في ميادين الأدب والفن والموسيقا والسينما والمسرح .. وفي الوقت نفسه تعزيز التفاعل بين المبدعين الشباب في إمارة أبوظبي وسائر المبدعين في العالم.

  وأضاف " إن دولة الإمارات تفتح أبوابها اليوم لتحتضن على أرضها الطيبة جميع المواهب الأدبية والعلمية من مختلف أنحاء العالم لأن العلم والثقافة هما المعيار الحقيقي الذي يعكس صورة أية أمة ولا يمكننا الخروج بالصورة التي عزمنا على رسمها بدون عقول المبدعين وقلوبهم .. الأمر الذي ينسجم مع " برنامج تنمية المواهب " الذي أطلقه مؤخرا سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي بتوجيهات ومتابعة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ".

ونوه إلى أن هذه المبادرة الرائدة تهدف إلى اكتشاف مواهب الناشئة وإطلاق الطاقات القادرة على المساهمة في الإنتاج الثقافي والفني وبما يتناسب مع الصورة الحضارية المشرقة لأبوظبي ودولة الإمارات.

وأشار المزروعي إلى النجاح منقطع النظير للبرامج الشعرية الفريدة التي أطلقتها أبوظبي خلال 10 سنوات والتي تابعها مشاهدون بالملايين من مختلف أنحاء العالم حيث وصل الشعر إلى كل بيت عربي وتمكن الأدب العربي من خلال برنامج " شاعر المليون " و " أمير الشعراء " من استعادة مجده والمحافظة على مكانته .. وبذلك أدخلت البرامج التلفزيونية الشعر التقليدي عصر الإعلام الحديث وأعادته إلى زمنه الذهبي وقد نال الشعراء ما يستحقونه من اهتمام إعلامي غير مسبوق وتابعتهم أيضا الصحافة بشكل ملفت وذلك في ظل هيمنة البرامج غير الهادفة على عدد كبير من الفضائيات العربية.

وقال " إن أبوظبي استطاعت تقديم 521 شاعرا تراوحت أعمارهم ما بين 18-45 عاما لعشاق الشعر العربي وأضحوا نجوما في سماء الإعلام فيما لم تتوافر لهم منابر إعلامية مناسبة تتيح ظهورهم من قبل ".

وتابع " من بين هؤلاء .. 336 شاعرا من 17 دولة عربية في برنامج شاعر المليون منذ عام 2006 .. إضافة إلى 185 شاعرا من 21 دولة في برنامج أمير الشعراء منذ عام 2007 ".

ونوه إلى أن من بين هؤلاء الشعراء الموهوبين .. 50 شاعرا مبدعا من دولة الإمارات /42 في برنامج شاعر المليون و 8 في برنامج أمير الشعراء/ .. معربا عن الفخر بكون أبوظبي الوسيلة التي عملت على اكتشافهم.

وبدوره .. أكد الأستاذ سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر بأبوظبي أن دولة الإمارات أخذت على عاتقها تنفيذ العديد من المشروعات المهمة التي نجحت خلال عقد من الزمان في إعادة الحراك للمشهد الثقافي الإماراتي والعربي وتندرج في إطار التنمية الثقافية التي تحافظ على ثقافتنا المحلية وتمنحها بعدها العربي والدولي.

وضمن هذا السياق.. أشار إلى أن العام 2006 شهد إطلاق برنامجي شاعر المليون وأمير الشعراء وجائزة الشيخ زايد للكتاب ومشروع كلمة للترجمة وإحداث تطوير جذري في برنامج فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب وغيرها من المشاريع الثقافية ذات البعد الإقليمي والدولي.

وقال " يلاحظ في تلك المشاريع أن إمارة أبوظبي ماضية في مشروعها الأدبي المشرق الساعي إلى خدمة الأدب والثقافة العربية بشكل عام والشعر بشكل خاص لتبرز للعالم الرسالة الإنسانية للشعر الداعية لنشر الحب والسلام والتسامح ".

وأشار إلى تأسيس أبوظبي لأكاديمية الشعر في عام 2007 الأولى من نوعها في العالم العربي والتي تحتفل هذه الأيام بمرور 10 سنوات على إطلاقها نجحت خلالها في المحافظة على الموروثين الشعبي والعربي وتعزيز مكانة الشعر النبطي والفصيح أكاديميا وفق معايير بحثية وعلمية دقيقة.

وكشف عن أن عدد خريجي الأكاديمية خلال المواسم الدراسية السابقة بلغ /250 / خريجا التحقوا بالدراسة من داخل وخارج الدولة.. مشيرا إلى أن الأكاديمية أصدرت ما يزيد عن /160/ إصدارا متخصصا رفدت بها المكتبة العربية من دواوين شعر فصيح ونبطي وبحوث مختصة ودراسات أدبية نقدية وتحليلية.

وأفاد العميمي بأن إطلاق أكاديمية الشعر جاء لتكون إلى جانب الشعر والشعراء وتعمل على تطبيق استراتيجية أبوظبي في التأسيس لبنية حاضنة للثقافة بشكل عام وللشعر بشكل خاص مساهمة في الارتقاء بالمنجز الشعري العربي وتقديم الدعم لشعراء النبط والفصيح من خلال مساندتهم للظهور أمام ملايين المشاهدين في أنحاء العالم وإبراز الإمارات كدولة تحافظ على تراثها وعاداتها وتقاليدها وتساهم بفعالية في التنمية الثقافية العربية وعلى مستوى العالم.

وأكد العميمي أن للشعر النبطي مكانة مرموقة في الدول العربية وفي منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص وهو اللون الأدبي الشائع إلى جانب شعر الفصحى لدى أهل المنطقة منذ القرن الرابع الهجري وشكل منذ ذلك الحين خير وسيلة لتوثيق الحياة البدوية الأصيلة بكل تفاصيلها وجمالياتها.

أما بالنسبة لبرنامج "أمير الشعراء" .. فنوه إلى نجاحه منذ عام 2007 حتى اليوم في تقديم 185 شاعرا من 21 دولة.

وقال إن إطلاق برنامج " أمير الشعراء " جاء انعكاسا لأهمية الشعر وارتباطه بالذاكرة والتاريخ والأصالة في المنطقة.. مضيفا " نجحنا من خلال المسابقة في تحقيق جملة من الأهداف الثقافية السامية من ضمنها تشجيع الأجيال الجديدة على تنمية مواهبهم الشعرية وإتاحة الفرصة لهم للاحتكاك مع شعراء متميزين والتعرف على الأوزان والقوافي والمدارس الشعرية المختلفة ".

من جهته .. شدد نضال شقير رئيس جمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربي في باريس على أهمية هذه الندوة معتبرا أنها نموذج يحتذى به للتعاون والتبادل الثقافي بين الإمارات وأوروبا .. مشيرا إلى أهمية موضوعها خاصة وأنها تأتي في وقت بدأ فيه الإعلام يفقد دوره الهادف والتثقيفي في الحياة العامة.

وقال إن هذه الندوة فرصة لتسليط الضوء على الدور التثفيفي الهام الذي تلعبه بعض البرامج التلفزيونية الناجحة وفي مقدمتها " أمير الشعراء " و " شاعر المليون ".. مشيدا بالدور الكبيرالذي تلعبه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي في هذا الإطار.

وفي نهاية الندوة .. بادرت جمعية الصحافة الأوروبية ممثلة برئيسها نضال شقير بإهداء دروع تذكارية للمندوب الدائم للدولة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو " والمشاركين في الندوة.