القاهرة ـ رامي القناوي
أثار قرار اللجنة الوزارية للطاقه برئاسة الدكتور حازم الببلاوي ردودًا غاضبة للفعل، جراء الإعلان عن استخدام الفحم في تشغيل مصانع الأسمنت. وذلك لتقليل تكلفة التشغيل وتفادي مشكلة نقص الغاز، مما تسبب في حالة من الاستهجان لدى المنظمات العاملة في مجال شؤون البيئة، وعلى رأسها "الاتحاد النوعي لشؤون البيئة". بحيث أصدر الاتحاد بيانا، أدان فيه قرار الحكومة، وأرسل بيانًا إلى وزيرة جهاز شؤون البيئة الدكتورة ليلى إسكندر، حذر فيه من ذلك، مشيرًا إلى أنه "يعود بمصر مئات السنين، ولن يساعد في تقدمها". وقال البيان: إن تجاهل الأثر البيئي أدى إلى تزايد انتشار الأمراض المزمنة، ليربح المستثمر وتخسر الدولة والمواطنين أضعاف هذا الربح، وقد بح صوتنا مجتمعًا مدنيًا ولا مجيب ويزداد أنين البيئة ولا تجد من يحميها، ليزداد الاحتقان ويفنى الولاء والانتماء. وأضاف البيان أن "استخدام الفحم الحجري، وقودًا يخالف معاهدة كيوتو التي وقعت عليها مصر، ووصفت الفحم الحجري بأنه أكبر مصدر لغاز أكسيد الكربون، الذي يهدد سلامة كوكب الأرض برمته، وألزمت الدول الموقعة وقف استخدامه لضبط انبعاثات الكربون وفرضت عليهم البحث عن مصادر طاقة بديل". وأشار البيان إلى "واقعة قيام المستثمرين في مصنع قنا في آيار/ مايو 2013، بمحاولة استخدام الفحم الحجري وقودًا، بدلا من المازوت، وحاولوا الاستعانة بجامعة جنوب الوادي، لتمرير دراسة تقييم الأثر البيئي، ومن واقع تجاربنا الطويلة مع تلك الدراسات، أنها تخرج بتقييم سياسي أكثر منه علميًا وعدم مراعاة المرجعية الأخلاقية نحو الحفاظ على البيئة حتى في بعض الجامعات الكبرى وتغاضي الوزارة عنها". وقال البيان: إن أعضاء الاتحاد النوعي للبيئة، هرولوا إلى وزير التجارة والصناعة حاتم صالح في الحكومة السابقة، لتوضيح خطورة استخدام الفحم الحجري على البيئة والصحة العامة، مع تقديم من الفحم النباتي من قش الأرز بديلا، واقتنع بوجهة نظر الاتحاد النوعي وبأهمية البيئة والحفاظ عليها، ووعد بأنه لن يجامل المستثمر على حساب البيئة وصحة المواطن مصلحة الدولة، ولكن مرة أخرى فوجئنا بوزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور، يعلن أنه سيستخدم الإجراءت الجدية لاستخدام الفحم، مصدرًا للوقود في جميع المصانع، ليعيدنا 100 عام، إلى الخلف بيئيًا. وأكد البيان أن "الدراسات أثبتت مدى تأثير الفحم على البيئة والإنسان، فهو مسؤول عن أمراض السرطان، خصوصًا الرئتين ولوكيميا الدم وعن عطب جهاز المناعة وجميع أمراض الجهاز التنفسي وتشوه الأجنة، وأمراض الجهاز العصبي المستدامة". وتطرق البيان إلى أن "عملية نقل الفحم بواسطة شاحنات مغطاة يصدر غازات نشطة كون المادة الأولية له مادة كيميائية نشطة باستمرار، ولا ينتهي نشاطها، حتى بعد حرقها كما لا تستقر مكوناته كيميائيًا ويتزاحم على درجة خطورتها العالية سموم مثل الزئبق والزرنيخ والرصاص والكبريت والكاديوم والسيزوم والكربون والنحاس وغيرها من المواد السامة، ويتسبب الزئبق بأمراض الجهاز التنفسي والرئتين عند استنشاقه حتى لو لفترات قصيرة ومتقطعة، كما يسبب اضطرابات مستديمة في مراكز الجهاز العصبي، وكذلك اضطرابات وحساسية في المسالك التنفسية والبولية، وتشوهات الأجنة. كما أنه سبب رئيسي في الفشل الكلوي كما يتسبب الزرنيخ في العقم لدى الرجال ونقصان الخصوبة لدى النساء وتلف المثانة والأمعاء ويعطب العقد العصبية في الجهاز العصبي وسرطان الكبد والرئتين والبروستات". ويعتبر طحن الفحم من أكثر العمليات خطورة على البيئة والإنسان، كونها من أكثر المراحل حساسية، نظرًا لتأثيره الكبير على العاملين، ويعود هذا الخطر إلى عدم إمكانية إجرائه في أوساط أو ساحات مغلقة، نظرًا لارتفاع الحرارة ولتصاعد الغازات سريعة الانفجار والاحتراق منه. وتخزين الفحم بمثابة تخزين متفجرات وقنابل موقوتة، وحتى إذا تم ذلك بمواصفات علمية دقيقة، لأنه يخفض درجة الخطورة فقط ولا يزيلها، ولذلك فإن تخزينه عملية معقدة ومكلفة، لذا فإن توريده من المطحنة مباشرة إلى أفران الاحتراق أمر ضروري، ولكن غير قابل للتنفيذ بسبب الناحية العملية، لذا فإن تخزينه يسقط الجدوى الاقتصادية من استخدامه. أما حرق الفحم، فالغازات المتصاعدة عنه تصعب السيطرة على مخرجاتها وأبخرتها المتصاعدة من فوهات الأفران، كونها تجري تحت درجات عالية جدًا، ولها تأثيرات بالغة الخطورة على صحة الإنسان بالدرجة الأولى وعلى البيئة في جميع جوانبها منها الأحياء البرية والمنزلية والممتلكات والمنشآت المجاورة بسبب طبيعة الحرارة والغازات المتصاعدة منه. وأكدت الدراسات أن "الغبار المتطاير الناجم عن الفحم سواء أثناء نقله إلى المصنع بالناقلات، التي تنفث غباره على الطرق وتخزينه بالمستودعات، ستستقر على أسطح المنازل وأجسام البشر وعند سقوط الأمطار ستتسرب إلى المياه السطحية والجوفية، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام".