غزة ـ محمد حبيب
نجحت شركات خاصة فلسطينية، مستأجرة لمساحات شاسعة من مناطق المحررات في قطاع غزة التي انسحب منها الكيان الإسرائيلي 2005، في إنتاج كميات كبيرة من فاكهة التفاح، فيما يُتوقع أن يصل حجم الإنتاج لهذا العام نحو ألف طن .
وتمثل مساحة المحررات 40% من المساحة الإجمالية للقطاع، وعددها 22 محررة، انسحب منها الاحتلال الإسرائيلي في أيلول/سبتمبر 2005، تاركًا وراءه ثروات طبيعية لطالما حرم خيرها المواطن الفلسطيني على مدار سنوات طويلة،
حيث استلمت الحكومة الفلسطينية عام 2006 هذه المناطق بعد توليها الحكم بأربعة أشهر، وكانت قبل ذلك تحت إدارة شركة التطوير التابعة للصندوق القومي الفلسطيني التابع لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية، فيما تكبدت خسائر قدرت بنحو 36 مليون دولار.
وقرَّرت الحكومة في 23/1/2007 إنشاء الإدارة العامة للمحررات، لإدارة تلك المناطق التي تقدر مساحتها بنحو 30 ألف دونم، أي ما يوازي 30 كم2 من أصل 360 كم2 هي مساحة القطاع الكلي، وذلك في سعيها إلى تنظيم إدارة هذه الثروة بالشكل الأمثل، حيث خصصت مئات الدونمات في بعض الحالات لجامعات ومؤسسات تعليمية في جنوب ووسط القطاع، فيما تعمل شركات خاصة على استغلال مساحات من الأراضي كمزارع لتربية المواشي والدواجن لتنمية الثروة الحيوانية، ومزارع لزراعة الحمضيات والفواكه والخضروات.
وقال مسؤول شركة "جنات" جهاد الأسطل، "استأجرنا العام الماضي مزارع الفواكه في منطقة المحررات غرب خان يونس، وتبلغ مساحة شجر التفاح نحو 400 دونم، تضم 21 ألف شجرة مثمرة مزروعة مُنذ ما يقارب خمس سنوات، وباشرنا فور تسلمنا لها باستصلاحها والاعتناء بالأشجار التي لم تُنتج العام الماضي أكثر من طن ونصف، وبعد الاعتناء المكثف من ري بالماء ومكافحة المبيدات ورش السماد العضوي، ساعد كل ذلك على نسبة الإخصاب بالأشجار، التي حملت بكميات كبيرة من الثمار، ونتوقع بأن تصل كمية الإنتاج لأكثر من 100 طن بالمساحة التي تتبع لشركتنا، وهذا المنتج يتميز عن الأعوام الأخيرة من حيث الكم والنوع، ولكن في ما يتعلق بالطعم، فهو طيب المذاق، وإن كان به نوع من الملوحة، لكنها تعود لنوعية التفاح نفسه"، مشيرًا إلى أنه يُباع للتجار في السوق المحلية في غزة، كما نجحت للمرة الأولى في قطاع غزة تجربة زراعة شجرة فاكهة الأفوكادو على الأراضي المحررة جنوب مدينة غزة.
وأفاد المدير العام للإدارة العامة للمحررات في غزة محمد الشاعر، أنّ إدارته قامت قبل نحو سنتين بتجربة زراعة خمسة دونمات بالأفوكادو في محررة "نتساريم" جنوب غزة، وتكللت بالنجاح، وأن الشجرة تحتاج لأربع سنوات تقريبًا حتى تُثمر، وتبقى الثمار على الشجر نحو ستة أشهر حتى تُصبح ناضجة للقطف، مشيرًا إلى أن "زراعة هذه الفاكهة كان بمثابة تجربة، ونحن ننتظر ثمارها، وبالتالي هذا الأمر يشجعنا على زراعتها بمساحات أوسع، وقمنا بخصخصة المساحة لصالح إحدى شركات القطاع الخاص قبل نحو عام، وهي التي تشرف عليها، واعتبر نجاح التجربة إنجازًا كبيرًا.
وقال الشاعر، إن الأفوكادو ثمرة مكسيكية الأصل، أو من أمريكا اللاتينية، وتنمو إلى نحو 15 مترًا، أوراقها متقابلة يتراوح طولها ما بين 12-45 سنتيمترًا، وألوان أزهارها أخضر مصفر، وعرض زهرتها 5-10 ملليمتر، والثمرة أجاصية الشكل طولها 7 إلى 20 سنتيمترًا، وتزن ما بين 100 و 1000 غرام، ويوجد بداخلها بذره مركزية طولها 5-4 سنتيمترًا، فيما كشف عن قرب البدء بأضخم وأول مشروع من نوعه لزراعة أشجار بلح أريحا الأصفر، المعروف باسم "البرحي"، على مساحة تقدر بنحو 72 دونمًا، في إحدى الأراضي الطينية التابعة للإدارة العامة للمحررات جنوب قطاع غزة.
وتوقع المدير العام للإدارة العامة للمحررات في غزة، أن يتم توقيع عقد البدء في المشروع خلال أيام مع إحدى شركات القطاع الخاص، وسيتم دعمهم بالأشجار من الإدارة العامة للمحررات، موضحًا أن "المساحة المخصصة ذات تربة طينية، وفي منطقة قريبة من أحد مشاريع معالجة المياه العادمة، للاستفادة من تلك المياه مستقبلاً، وأن هذه التجربة ستكون الأكبر والأضخم والأولى من نوعها، وتهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني، والاستغناء عن الاستيراد بل العمل على التصدير، وأن المشروع وضع وفق خطط مدروسة ومعدة لهذا الغرض لضمان نجاح التجربة، عبر توفير كل ما يلزم لذلك من تربة وماء .
ويعتمد سكان قطاع غزة على استيراد البلح البرحي في موسم الصيف سنويًا عبر المعابر، قادمًا من داخل أريحا أقدم مدينة فلسطينية في التاريخ، ويبلغ ثمن كيلوغرام منه نحو 10 شيكل، وأكثر من ذلك في بعض الأحيان، ويتميز بكبر حجم ثمرته وحلو مذاقها، وتعود تسمية هذا النوع من البلح بـ "البرحي" نسبة إلى الأرض التي نبتت فيها "أرض برحاء"، وتنتشر أشجار نخلة البرحي في مدينة البصرة حاليًا، وبعض مناطق العالم كالولايات المتحدة لحاجتها لتربية طينية وحرارة مرتفعة ومياه بكثرة.
وقالت وزارة الزراعة في غزة، إنها حققت اكتفاءً ذاتيًا في إنتاج ثمار البطيخ، رغم الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 4 أعوام، حيث أكد مدير الإدارة العامة للإرشاد والتنمية الريفية في الوزارة محمود البنا، "تمكنا من زراعة حوالي 5 – 6 آلاف دونم من البطيخ في المحررات ومحافظات القطاع كافة، حيث تنتج ما بين 20 -25 ألف طن، وأن هذه الكمية تغطي الجزء الأكبر من حاجات السوق المحلي، نظرًا إلى أهمية محصول البطيخ لدينا، حيث نسعى دومًا إلى التوسع في زراعته، في محاولة للتخلص من استيراده من الخارج.
وأضاف البنا، أن كميات البطيخ الموجودة في السوق هي منتج وطني فلسطيني بجودة عالية، وخالية من أي مواد كيميائية أو مبيدات، وأن البذور يتم الحصول عليها من الخارج من خلال تجار البذور، حيث يعتمد قطاع على إسرائيل في استيراد بعض المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه التي تدخل إلى غزة حاليًا عبر معبر كرم أبو سالم، لافتًا إلى وجود صعوبة في الحصول على مدخلات إنتاج البطيخ في الوقت المناسب، نتيجة الحصار وإغلاق المعابر، وكذلك ارتفاع أسعارها، مما يعيق زراعتها وإنتاجها بشكل سريع، وأن توجه وزارة الزراعة إلى إنتاج البطيخ في القطاع، وفّر فرص عمل لعدد من العمال العاطلين، وساهم بحل أزمة البطالة بشكل جزئي، لا سيما أنه لا يحتاج إلى آليات كبيرة ومعقدة في عملية الزراعة بل آليات بسيطة.
جدير بالذكر أن الكيان الإسرائيلي يفرض حصارًا مشددًا على قطاع غزة منذ أربع سنوات، حيث يمنع إدخال المعدات والآليات الكبيرة واللازمة لزراعة المنتجات محليًا والاستغناء عن استيرادها من إسرائيل، وأنه في العام 2008 تم زراعة 4700 دونمًا، أنتجت نحو (20 ألف طن)، مما مكن قطاع غزة من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من البطيخ