سيدني ـ منى المصري
اكتشف باحثون في أستراليا أن حشرة العثة من نوع الذكر ذات قرون استشعار أكبر هي الأفضل في الكشف عن الإشارات الجنسية لدى الإناث ، ويثبت ذلك أن العالم تشارلز داروين كان على حق حول نظريته للاختيار الجنسي.
في عام 1871 اقترح داروين أن اختيار أنثى لصديق يمكن أن تدفع إلى تطور الذكور، وهي فكرة جاءت من ملاحظته حول تزاوج الطاووس ، وفي حالة هذه العثة ، فإن الذكور مع قرون استشعار كبيرة هم أكثر عرضة للكشف عن فرمون الجنس لدى الإناث ، مما يسمح لهم للعثور على رفيق للتناسل.
وتعد نظرية الانتقاء الجنسي لداروين، التي حظيت بدعم العديد من الدراسات، توضح أن الذكور تعلن عن صفاتهم، وإذا اختارت أنثى أن تتزاوج معه، فإن الجينات لمجموعة من الصفات تنتقل إلى ذريتها، الأمر الذي يؤدي إلى تطور سمة ذلك الرجل.
وأضاف الدكتور مارك إلغار، أستاذ علم الأحياء التطوري في كلية العلوم البيولوجية في جامعة ملبورن والمؤلف المشارك للدراسة : "ولكن الدكتور داروين اقترح أن الانتقاء الجنسي يمكن أن يفضل الذكور الذين هم أفضل في الكشف والاستجابة للإشارات من الإناث، بما في ذلك الإشارات الكيميائية مثل الفيرومونات ، حتى الذكور مع الهياكل الحسية التي يمكن أن تكشف بشكل أفضل عن إشارات الإناث قد تجد صعوبة في العثور عليها من أجل التزاوج ونقل جيناتهم".
وأشار الباحثون أن هذه الفكرة الخاصة قد تم تجاهلها إلى حد كبير حتى الآن، لذلك درس إلغار وفريقه هذه الفكرة باستخدام العثة ، كما أجروا تجارب ميدانية في رويال بارك، ملبورن حول العثة ، وتقول طالبة الدكتوراه تمارا جونسون، والتي شارك في تأليف البحث، إن شكل البالغين من هذه العث يعيش لمدة سبعة أيام فقط، وليس كل منهم خلال هذه الفترة.
وفي غضون هذا الأسبوع ، يجب على العث جذب زميله ، تتنافس في بعض الأحيان مع العديد من العث الأخرى في نفس المنطقة ، وتجتذب الإناث انتباه الذكور من خلال إطلاق الفيرومونات الجنسية، وهي إشارة كيميائية تصل إلى ذروتها في نحو سبع ساعات في المرحلة الأولى من الظلام في أثناء فترة البلوغ.
وفي إطار نظرية داروين، توقع الفريق أن الذكور ممن لديهم قرون استشعار أكبر، وبالتالي لديهم أجهزة استشعار كيميائية أكثر، سيكونوا أفضل في الكشف عن كميات أصغر من فرمون الجنس. كجزء من مشروع الدكتوراه، وضعت جونسون فخاخ، مع واحد أو اثنين من العث الإناث داخلها، عند الغسق ، وفي اليوم التالي سجلت عدد الذكور وحجم قرون استشعارها، والتي تم توقيفها في الداخل ، وبعد تحليل نتائجها، وجد الباحثون أن العث من الذكور كانوا أكثر عرضة للكشف عن فرمون الجنس لأنثى واحدة.
وأكد الدكتور ماثيو سيموندز، المحاضر كبير في علم البيئة في جامعة ديكين، ومؤلف مشارك في الدراسة أن البيانات تتفق مع توقعات داروين في عام 1871 بأن الانتقاء الجنسي يفضل هياكل مستقبلات حسية هائلة مثل قرون الاستشعار.ولفت الفريق إلى أن الإناث تضبط الإشارات الخاصة بهم لتعظيم اللقاءات مع أنواع محددة من الذكور، بدلًا من زيادة قدر من اللقاءات مع ذكور غير منتقاة ، وأضاف إلغار "تشير بياناتنا إلى أن إطلاق كميات صغيرة من الفيرومون يزيد من احتمال جذب الذكور لقرون استشعار أطول".
ووجد الباحثون أنه إذا كانت الإناث في البداية غير ناجحة في جذب الذكور، تقوم بزيادة جهدهم لجذب المزيد من الذكور، ولكن هذه الذكور قد تكون أقل جودة من حيث قرون الاستشعار أقصر. على سبيل المثال، في الدراسة انجذبت الذكور إلى الفخاخ الذي يضم اثنين من الإناث، والتي أطلقت الفرومونات بدرجة أكبر، والتي تضم قرون استشعار أصغر نسبيًا ، حيث أن النتائج تظهر أن الإناث لها دور كبير وغير معترف به إلى حد كبير في الانتقاء الجنسي لقرون الاستشعار الأكبر.