استضافة أبوظبي لـ "سولار إمبلس" رسالة أمل إيجابية

أكّد وزير دولة رئيس مجلس إدارة "مصدر"، الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، أن "استضافة أبوظبي لـ(سولار إمبلس) رسالة أمل إيجابية، تؤكد نجاح تضافر الجهود".
وأوضح في مقال له: "في الوقت الذي كان العالم فيه بحاجة إلى رسالة إيجابية تعبّر عن الأمل وتضافر الجهود، جاء نجاح أول رحلة طيران حول العالم بالاعتماد على الطاقة الشمسية فقط، ليستحوذ على اهتمامنا جميعاً".
وفيما ينصب اهتمام وسائل الإعلام غالباً على الصراعات والانقسامات، كان من الملهم رؤية قصة نجاح تحظى باهتمام وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم، لتجسد ما يمكن تحقيقه عندما نسخّر الطاقة الإيجابية في خدمة الشراكة والتعاون، لبناء مستقبل أكثر إشراقاً وسعادة واستدامة.
فمع هبوط طائرة "سولار إمبلس 2" في أبوظبي في الساعات الأولى من فجر الثلاثاء الماضي، أكمل الطيار برتراند بيكارد مغامرة جريئة وطموحة، لم يعتقد بإمكانية نجاحها إلا قلة قليلة، إذ عندما بدأ فريق "سولار إمبلس" البحث عن شركاء لهذا المشروع الطموح، اعتبر العديد من الخبراء، بمن فيهم كبار اللاعبين في صناعة الطيران، أن هذه المبادرة جريئة جداً، ولا يمكن ضمان نجاحها، خصوصاً في ضوء الوزن الخفيف جداً للطائرة، وحجمها الكبير الذي يؤدي إلى صعوبة التحكم بها.
لكن القيادة الرشيدة في الإمارات وأبوظبي، وكذلك "مصدر"، والشركاء الاستراتيجيين للمبادرة، شجعوا الرؤية الطموحة لهذا المشروع الرائد، وكانت النتيجة هي إثبات أن المستحيل قابل للتحقيق عندما تتضافر الجهود والطاقة الإيجابية لمواجهة التحديات، والعمل على حلها، من خلال المثابرة والعمل الدؤوب.
ولطالما كانت الإمارات تقوم بدور الحافز والمشجع للابتكارات، التي تحقق تقدماً للبشرية، خصوصاً في مجال الطاقة والتقنيات النظيفة، وتم تأسيس "مصدر" لتوسيع آفاق التفكير حول الاستدامة، وتطبيق حلول الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، وجاء التعاون مع "سولار إمبلس" كأحدث مثال على التزام الإمارات بالاستمرار في رفع معايير ما يمكن تحقيقه على أرض الواقع إلى مستويات أعلى.
ومن خلال المتابعة المباشرة، ودعم صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كانت أبوظبي شريكاً طبيعياً لـ"سولار إمبلس"، وتم اختيارها لتكون نقطة الانطلاق والختام لهذه المبادرة الفذة والفريدة من نوعها.
وبما أنها تحتوي على مقعد واحد وقمرة قيادة غير مضغوطة، وتحلق على ارتفاعات تقترب من 30 ألف قدم، كانت "سولار إمبلس" تحدياً واختباراً غير مسبوق للشجاعة والقدرة على التحمل. ورغم هذه التحديات، فقد حفلت الرحلة بالعديد من الإنجازات، إذ حلق الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للمشروع، أندريه بورشبيرج، لمدة خمسة أيام من اليابان إلى هاواي، مسجلاً رقماً قياسياً لأطول رحلة مستمرة في تاريخ الطيران، ظل خلالها مستيقظاً ما عدا غفوات متقطعة لا تزيد كل منها على 20 دقيقة، وحافظ على التأهب واليقظة بقية الوقت من خلال تقنيات مثل التأمل، والتنويم المغناطيسي الذاتي، وقوة الإرادة.
إن الجهود التي ساعدت في نقل "سولار إمبلس" من مخطط أولي إلى قصة نجاح، تقدم لنا مثالاً حياً عمّا يمكن تحقيقه عندما يوحد الناس جهودهم حول هدف واحد. فقد نجحت "سولار إمبلس"، في إثبات العديد من المفاهيم العلمية الجديدة التي لا تقتصر على استثمار الطاقة الشمسية، ولكنها أثبتت أيضاً التأثير التطويري للمواد المركبة الخفيفة والتصميم الفعال. وتنسجم هذه المفاهيم تماماً مع مساعي الإمارات لدمج التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة في المزيج العالمي للطاقة.
ونجح هذا المشروع التعاوني بين الإمارات وسويسرا في تسليط الضوء على ضرورة توحيد الجهود لإيجاد حلول للتحديات المشتركة، وكذلك على أهمية بناء الجسور بين الثقافات لما فيه مصلحة الجميع.
وخلال رحلتها التاريخية التي بلغت 22 ألف ميل حول العالم، تم استقبال "سولار إمبلس 2" بمزيج من الإعجاب والاحترام والتقدير في كل مكان من الشرق الأوسط إلى آسيا، وأميركا، وأوروبا، وإفريقيا. وأسهمت في فتح آفاق جديدة، وتوسيع مفهوم ما يمكن تحقيقه، فضلاً عن تقديم الإلهام لتوسيع حدود الابتكار أكثر من ذي قبل.
ويؤكد دعم الإمارات لـ"سولار إمبلس" التزامنا بالعمل الإيجابي لمعالجة القضايا العالمية، واستعدادنا لمواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وفي الوقت الذي يتم تضخيم الاختلافات بين الناس والثقافات، أثبتت الشراكة مع "سولار إمبلس" أن ما يوحد المجتمعات البشرية هو أقوى بكثير مما يفرقها، وأن التعاون الإيجابي هو العنصر الأساسي، كي تحقق البشرية خطوات جديدة على طريق التقدم.