أبو ظبي- راشد الظاهري
كشف معهد "مصدر" للعلوم والتكنولوجيا عن مشروع بحثي لتطوير "حبيبات ميكروبية مجهرية" مبتكرة قابلة للتحلل حيويًا في التربة لتغذيتها التربة وتحسين خصوبتها ما يسهم في معالجة قضايا أمن الغذاء والمياه والطاقة في الإمارات ويدعم الجهود الوطنية الرامية إلى تنمية القطاع الزراعي.
وتعمل طالبة الماجستير الإماراتية فاطمة الجلاف ضمن مشروعها البحثي الذي تجريه في مركز أبحاث المياه في معهد مصدر الحبيبات المجهرية على تطوير حبيبات مجهرية مزودة بميكروبات خاصة تتحلل وتنتشر فور وضعها في التربة لتمدها بالعناصر المغذية وتؤهلها من أجل زراعة مستدامة.
وذكر الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية في معهد مصدر والمشرف على البحث الدكتور هيكتور هرنانديز أن المجتمعات الميكروبية تحتاج كتلك التي نسعى إلى تكوينها ضمن تربة الإمارات إلى بيئة مناسبة لتعيش ضمنها.. وهذه الحبيبات بدورها ستوفر هذه البيئة الحاضنة التي تحتوي على كافة المكونات اللازمة لتكاثر الميكروبات ضمنها لتتحلل بعد ذلك وتطلق عناصر مغذية تفيد التربة.
تجدر الإشارة إلى أن الحبيبات الميكروبية المجهرية المعززة للخصوبة تم استخدامها مسبقًا بنجاح في أماكن عدة مثل ولاية واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن هذا النوع من الحبيبات لا يلائم التربة في الإمارات التي تتعرض لدرجات حرارة مرتفعة مما يؤدي إلى جفاف هذه الحبيبات وانكماشها في غضون ساعات على وضعها في التربة.
وأوضحت الجلاف أن التربة السليمة تحتوي عادة على ملايين الأحياء الدقيقة التي تؤدي العديد من الوظائف المفيدة للتربة كإزالة السموم وتخزين الكربون، أما التربة الصحراوية في الإمارات فتفتقد بشكل كبير لمثل هذه الأحياء الدقيقة وكذلك لمصادر الكربون، وهذا ما دفعها للمضي في هذا المشروع البحثي والعمل على تطوير حبيبات ميكروبية مجهرية كوسيلة لتزويد التربة بهذه الميكروبات المخصبة.
وتبذل دولة الإمارات منذ أعوام عديدة جهودًا كبيرة لزيادة الإنتاج الزراعي بغرض تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنويع الاقتصادي غير أن التربة المحلية غير مؤهلة طبيعيًا للزراعة حيث تشكل الرمال نسبة كبيرة من تركيبتها كما أنها تفتقد بشكل كبير إلى العناصر المغذية، وهذا ما يجعل من زراعة المحاصيل الغذائية تحديًا كبيرًا فضلًا عن استهلاكها الكبير للمياه.
وعلى الرغم من أن الري الزراعي يستهلك نحو 70 في المائة من المياه في الإمارات إلا أن المنتجات الغذائية المستوردة ما زالت تستحوذ على 85 إلى 90 في المائة من الاستهلاك الغذائي في الدولة سنويا.
وتبحث الجلاف سعيا منها لتحسين خصوبة التربة ودعم الزراعة في الإمارات في تطوير حبيبات ميكروبية مجهرية من نوع خاص قادرة على أن تتحلل ببطء داخل التربة لتطلق عناصر مغذية يستفاد منها في تحسين جودة التربة في المناطق القاحلة في الدولة، وهي عبارة عن حبيبات بلاستيكية دقيقة يبلغ حجمها عادة ميليمترًا واحدًا ويشيع استخدمها في مستحضرات التجميل مثل منتجات تقشير البشرة ومعاجين الأسنان.
وتسعى الجلاف إلى تطوير هذه الحبيبات واستخدامها على نطاق أوسع من خلال تزويدها بميكروبات تسهم في تعزيز خصوبة التربة إذ تعتبر الميكروبات من المكونات الأساسية للتربة وتقوم بوظائف عديدة مثل تحليل النفايات وتهوئة التربة كما أنها تساعد على تعزيز الكفاءة في استهلاك المياه وتحسين امتصاص التربة للعناصر المغذية.
وأضافت الجلاف أن التربة تلعب دورًا مهمًا ضمن حلقة الغذاء والمياه والطاقة، فالتربة المحلية تتطلب الكثير من مياه الري وهذا يستهلك في المقابل الكثير من الطاقة، ولذلك فإن الحبيبات الميكروبية المجهرية تسهم في تعزيز قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه وتوسيع رقعة المحاصيل الزراعية علاوة على قدرتها في الحد من استهلاك المياه والطاقة وتعزيز الإنتاج الزراعي في الدولة.
وتعمل الطالبة فاطمة والدكتور هرنانديز حاليًا بالتعاون مع الدكتور بانس ناوموف ومساعده ليدون زانغ باحث دراسات ما بعد الدكتوراة المشارك من جامعة نيويورك أبو ظبي على تحديد المادة الأساسية الأنسب من حيث قدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية في الإمارات، وقاد هذا التعاون البحثي إلى تطوير حبيبات ميكروبية تتكون من ألجينات الصوديوم المضافة إلى كلوريد الكالسيوم.