"فقط في سورية" زواج متعدَد للنساء تعقبه المشاكل والمحاكم
زواج متعدَد للنساء يخلفه المشاكل والمحاكم

أفادت مصادر قضائية بوجود أربع حالات من ظاهرة تعدَد الأزواج في سوريَة، حيث تم كشفها في المحكمة الشرعية خلال العام الماضي، في حين هناك حالات كثيرة جدًا لدى الناس في الأماكن المحاصرة أو الساخنة. ويعتبر تعدد الأزواج، قضية جديدة باتت تظهر في المحاكم الشرعية السورية لتدق ناقوس الخطر لمجتمع لم تنهكه تبعات الحرب من تدمير وقتل وتشريد فحسب بل مما تركته من طفرات اجتماعية يقف القضاء امامها عاجزًا.
 
وتقول مها (20 عامًا) إنها تقدمت بطلب لدى المحكمة الشرعية في دمشق للنظر في امرها. وتشرح عن قضيتها قائلة: "اختفى زوجي في بداية الحرب وبقيت انتظره عاما كاملا ثم اجبرني اهلي على الزواج باخر بعد فتوى احد الشيوخ بان زوجي شرعا يعتبر بحكم المتوفى فتزوجت وحملت وبعد زواجي بأشهر ظهر زوجي الاول وطالب برجوعي إليه فأصبحت على ذمة رجلين وحامل من الاخر وقضيتي الان امام المحكمة للبت في أمرها.
 
وأكد القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي ان هذه المسالة خطيرة جدا كونها  تعتبر من المحرمات في الشريعة الإسلامية، كما تلعب دورًا كبيرًا في هدم الحياة الأسرية أخلاقيا، واجتماعيًا، داعيًا إلى التمييز بين أمور، مضيفًا "هناك عدة حالات ربما يكون الزوج قد توفي أو فقد لسبب ما، والزوجة ليست متأكدة من ذلك، فتلجأ إلى استشارة غير المختصين في هذه الأمور والقضايا، ولاسيما من البيئة والمحيط الاجتماعي التي تنتمي إليه، حيث يفتون لها بأنه طالما مضى سنة أو أكثر على فقدان زوجها فهي تعتبر بحكم المطلقة".
 
وأضاف المعراوي "يحق لها الزواج برجل آخر، علمًا أنه يكون لديها أولاد من زواجها الأول، وهناك حالات أخرى يكون زواج المرأة الأول مسجلًا في المحكمة الشرعية في حين السجل المدني ونتيجة حرق السجلات المدنية في بعض المناطق الساخنة يظهر على الحاسوب أنها عزباء، أو مطلقة ويكون لديها حمل في بعض الأحيان، فتستغل المرأة مثل تلك الأخطاء في القيود المدنية من أجل أن تتزوج ثانية".
 
وأشارت شذا (20 عامًا) والتي كانت تسكن في احدى المناطق الساخنة، الى انها تورطت في زواج متعدد بعد ان اجبرت على الزواج من اكثر من رجل بعقود زواج غير مثبتة في المحكمة او ما يعرف في سورية بـ "كتاب الشيخ"، حيث كان يعقد عليها ويختفي الزوج بسبب ذهابه الى القتال ليتم عقد قرانها بآخر دون ان تكون تطلقت من الاول ليعود ويظهر الاول وتبدا المشكلات.
 
وبيَن القاضي الشرعي الأول أنه حسب القوانين والأحكام الشرعية استحالة التحلل من أي عقد زواج سواء كان عرفيًا، أو رسميًا إلا من الزوج أو القاضي مهما كانت الأسباب والظروف، أو إذا كانت المرأة مفوضة بطلاق نفسها وتتقدم بطلب أنها أصيبت بضرر نتيجة غياب زوجها الأول حينها يتخذ القضاء الإجراءات اللازمة لطلاقها، موضحًا أنّ المحكمة الشرعية هي من تقرر التفريق، وأيضاً تحكم بوفاة الزوج، لافتاً إلى أنه إذا مضى أربع سنوات على اختفاء الزوج نتيجة العمليات الحربية أو الكوارث الطبيعية – الاضطرابات الداخلية أو ما شابه ذلك يعتبر الزوج متوفى، أما في الأحوال العادية فلا يعتبر متوفى إلا إذا بلغ الـ 80 من عمره، وهو المعترف به رسميًا في الدولة.
 
وكشف المعراوي عن ان بعض الناس يعتبرون أن عقد الزواج العرفي بمثابة الخطبة، لكن طالما تبادلا ألفاظ الزواج في المحكمة أو خارجها فإنه يترتب عليه كل آثار الزواج وبالتالي لا يمكن أن تتزوج غيره لأنه يعتبر نوعًا من الزنى.
 
وختم المعراوي بالتأكيد على ان القضاء يحكم على عقد الزواج الثاني من امرأة غير مطلقة شرعا وقانونا بجرم الزنى لكل من الزوجة وأيضًا الزوج الثاني إلا في حال كان يجهل أنها غير مطلقة أصولا وغررت به وأخبرته أنها مطلقة رسميًا فلا يعاقبه القانون، ولا يقتصر العقاب عليها فقط، وإنما أيضًا على الشخص الذي عقد لها الزواج، وعلى وليها كذلك، لأنه شرعًا وقانونا هو زواج باطل وحكمه الزنى.
 
وذكرت الخبيرة الاجتماعية نهى بركات، إن حالة الفوضى التي وصلت اليها البلاد ادت الى ظهور ظواهر اجتماعية غريبة على المجتمع السوري ومنها موضوع تعدد الازواج. واشارت بركات إلى ان هذا الموضوع يترك اثاره بشدة على المرأة أوﻻ والبنيان الاسري والاجتماعي في سورية ثانيا  ويؤدي الى ضياع الانساب مؤكدة على ضرورة مواجهتها بالاستناد الى الشريعة والقانون وتثقيف المجتمع.