وفاة الفتاة ميار تثير قضية "ختان الإناث" مجدَّدًا واتجاه لإصدار قانون لتجريمه

مسألة "ختان الإناث" أو "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية" طبقا للتعريف المعتمد من قبل منظمة الصحة العالمية، هي فعل تعاني منه كثير من النساء في كافة أنحاء العالم وخاصة في قارة إفريقيا والتي تزداد فيها الممارسة بشكل كبير. فهو عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي لذلك. وفي مصر، وبالأخص في محافظات الصعيد وفي القرى والنجوع، يُعد "ختان الاناث" أحد الطقوس الثقافية أو الدينية، حيث تختلف طريقة ممارسة هذه العملية حسب المكان وحسب التقاليد لكنها تجري في بعض الأماكن دون أي تخدير موضعي وقد يستخدم "موس أو سكين" بدون أي تعقيم أو تطهير لتلك الأدوات المستخدمة في هذه العملية، في حين أن العمر الذي تجري فيه هذه العملية يتراوح ما بين أسبوع بعد الولادة وحتى سن البلوغ.
ومؤخرا، "كشفت وفاة الفتاة  ميار محمد موسى، 14 عاما، يوم  26 مايو/أيار الماضي في محافظة السويس، أثناء إجرائها عملية "ختان" في أحد المستشفيات الخاصة في المحافظة عن الإهمال الطبي والمعتقدات والخرافات التي مازالت تؤدي إلى سقوط ضحايا أبرياء ليس لهن ذنب سوى الجهل، خاصة مع إجراء عمليات الختان في أماكن خالية من  كل أشكال العناية والرعاية ومكافحة العدوى".
 
 ويقول الدكتور أحمد عماد وزير الصحة والسكان، إنه على الفور تم صدور قرار بإغلاق المستشفى الخاص الذي تسبب في وفاة الطفلة ميار على يد طبيبة تمت أحالتها للنيابة للعامة، كاشفا عن بدء الإجراءات اللازمة لإنفاذ قانون تجريم ختان الإناث.
وأكد وزير الصحة، في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم"، أنه من المقرر أن يتم إعلان مصر خالية من ختان الإناث بحلول عام 2030"، تنفيذًا للاستراتيجية القومية للسكان 2015-2030، والاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث بالتعاون مع الجهات الشريكة منها الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة والهيئة الدولية السويدية للتنمية، قائلا: "الوزارة سوف تتبنى مبادرة "أطباء ضد ختان الإناث" لتكوين رأي عام وسط الأطباء لرفض القيام بممارسة ختان الإناث، وذلك بعد أن أثبت المسح الصحي السكاني 2014 أن نسبة كبيرة من ممارسات ختان الإناث في مصر يقوم بها الفريق الصحي من الأطباء وفريق التمريض.
وعن الأهداف التي ستسعى اليها المبادرة للقضاء على ظاهرة الختان، أوضح وزير الصحة أنها ستهدف في المقام الأول إلى تدريب وتعزيز قدرات الأطباء ليصبحوا قادرين على تقديم المشورة للأسر المصرية للامتناع عن ختان بناتها، ضمن دور الوزارة في تطوير الأداء والتدريب الطبي المستمر، ودعمًا للخدمات الطبية ليس فقط في جانبها العلاجي ولكن الوقائي، مع الحد من ظاهرة تطبيب ممارسة ختان الإناث عن طريق إنفاذ القانون وقرارات وزارة الصحة ونقابة الأطباء والتي تمنع الأطباء من ممارسة ختان الإناث تحت أي مسمى أو زعم.
من جانبها كشفت نائب وزير الصحة الدكتورة مايسة شوقي، عن إعداد مقترح قانون لتجريم ختان الإناث وتغليط العقوبة المترتبة على تلك الممارسة المفروضة دينيا ومجتمعياً، قائلة لـ"مصر اليوم"، إن أبرز بنود المقترح هو تحويل مرتكب جريمة ختان الإناث من جنحة إلى جناية، لافتة إلى مناقشته مع عدد من خبراء القانون وممثلي وزارة العدل.
وأكدت مايسة شوقي، أنه من المتوقع تقديم القانون لمجلس النواب خلال الفترة المقبلة حتى يدرج في الأجندة التشريعية للمجلس، مضيفة: "ختان الإناث يعد تشويها وليس تجميلاً للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى، كما أن قطع أي جزء سليم من الأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى يؤدي إلى تكوُّن تجلطات دموية وأنسجة ليفية مكان الجروح، مما يشوه الأعضاء التناسلية الخارجية، ولا توجد فتاة في العالم تحتاج إلى قطع جزء سليم من الجسد وأخلاقيات مهنة الطب تمنع ذلك".
وتواصلت "مصر اليوم" مع المستشار العلمي لمفتي الجمهورية الدكتور مجدي عاشور، والذي أكد أن قضية "ختان الإناث" ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى العادات والتقاليد والموروثات الشعبية خاطئة.
وأشار مستشار المفتي، إلى أن الدليل على أن الختان ليس أمرا مفروضًا على المرأة، هو أن النبي عليه الصلاة والسلام  لم يختن بناته رضى الله عنهن. وحذر من الانسياق وراء الدعوات التي تصدر من غير المتخصصين التي تدعو إلى الختان وتجعله فرضًا تعبديًّا، قائلا: "تحريم ختان الإناث قول صواب، لأنها عادة مخالفة للشريعة الإسلامية".
من جانبه، قال الدكتور عمرو حسن، استشاري أمراض النساء والتوليد في قصر العيني ومؤسس حملة "إنتِ الأهم" التي تدافع عن حقوق المرأة، إن ختان الإناث جريمة، وأنه لا توجد له أي فوائد صحية على الإطلاق، بل على العكس فإنه يحمل بكل أنواعه أضرارا كثيرة.
وأضاف حسن، في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم": "لا يوجد على الإطلاق أي احتياج لعملية ختان الإناث، وأن الدعوة للقيام بفحص الفتاة بواسطة طبيب لمعرفة ما إذا كانت تحتاج إلى ختان أم لا هي دعوة خاطئة، تفتقر إلى المصداقية، وإذا كان بعض الفتيات يعانين بعض الأمراض التي تؤدي إلى كبر هذه الأعضاء والاحتياج إلى جراحة، فهو خطأ جسيم، فمثل هذه الأشياء هي أمراض نادرة الحدوث لها أعراض أخرى تظهر في سن الطفولة وتشخص مبكرا ويتم العلاج عن طريق الأدوية والتدخل الطبي".
وتؤكد مديرة مشروع "مناهضة ختان الإناث" في النوبة فردوس محمود لـ"مصر اليوم" : أن "أصعب فئة يستحيل إقناعها بتجريم ختان الاناث، هم النوبيون، لأنهم يتمسكون بالعادات والتقاليد، والقانون وحده لا يكفي لمنع الناس من ممارسة هذه العادة التي يؤمنون بها، ولابد أن يقتنعوا بضررها وأنه لا فائدة منها"، موضحة أن المشروع سيبدأ العمل خلال الفترة المقبلة مع جامعة جنوب الوادي لتوعية الشباب داخل الجامعة، وستكون أول جامعة في مصر تعلن مناهضتها لختان الإناث.