غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
أدى اشتداد الحصار المفروض على قطاع غزة، إلى تدهور الأوضاع الإنسانية للمرأة الفلسطينية، وحرمانها من التمتع بكامل حقوقها الإنسانية، والتي تتلاشى كلما اشتد الحصار على مليون وثمانمائة ألف إنسان فلسطيني، لاسيما وأن قطع الكهرباء المتواصل على القطاع
فاقم من معاناة النساء، ودفع بهن إلى وصف الحياة بالجحيم الذي لا يطاق.
وأكد المرصد "الأورومتوسطي" في دراسة أعدها أخيرًا، وصل "مصر اليوم" نسخة منها، أن "القانون الدولي أقر حماية خاصة للنساء تمكنهن من العيش بعيدًا عن الترهيب والاعتداء، وتوفير الاحتياجات الصحية والنفسية والاجتماعية كافة للمرأة، وهو ما باتت نساء غزة يفتقدنه في الوقت الراهن"، لافتًا إلى أن "حال المرأة في القطاع جراء الحصار الإسرائيلي القائم منذ العام 2007، والذي اشتد منذ تموز/يوليو الماضي، تسبب في أن تدفع المرأة الفاتورة الأعلى تكلفة في أوقات الأزمات".
وأجريت الدراسة على عينة عشوائية من 1100 سيدة في قطاع غزة، تتراوح أعمارهن بين 24-50 عامًا، نصفهم من سكان مدينة غزة، والنصف الآخر من بقية المحافظات، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 14-27 أيلول/سبتمبر من العام 2013 الجاري".
وأكَّدت المنظمة الحقوقية الأوروبية، أن "32.7% من السيدات المستطلعة آراؤهن ضمن الدراسة المسحية، والتي رصدت آراء عينة عشوائية، أفدن أن معيل الأسرة فقد عمله، ومصدر رزقه، عقب إغلاق الأنفاق، وتداعيات الأحداث المصرية الأخيرة عقب عزل الرئيس محمد مرسي، في الثالث من تموز/يوليو الماضي".
وذكرت، أن "31.3% من السيدات المستطلعة آراؤهن أن مصدر دخل أسرهن تناقص خلال الأشهر الأربعة الماضية، وأفادت 54.4% من السيدات بأن أسرهن باتت تعاني من تراكم الديون، وأظهرت النتائج في السياق ذاته أنّ نسبة 59% من الأسر اضطرت إلى بيع بعض من مقتنياتها لسداد أعباء المعيشة".
وأضاف "المرصد الأورمتوسطي"، أن "تأزم الوضع الاقتصادي انعكس بالسلب والضرر على الحياة الأسرية، والوضع الاجتماعي، والصحي، والنفسي، لنساء القطاع، إذ عبر 58.9% من السيدات عن اعتقادهم أن معدل العنف ضد النساء داخل الأسرة ازداد في فترة الحصار، بينما أعربت 61.3% منهن عن الاعتقاد أن العنف ضد الأطفال زاد بفعل ضغوط الحصار، وقالت 90% من النساء، أن مستوى العصبية والقلق والتوتر داخل الأسرة ارتفع بشكل ملحوظ".
وخلف الفقر وانعدام الأمن الأسري، بحسب الدراسة، معاناة زادت من سوء الوضع الإنساني للمرأة في القطاع، فقد كشفت 24.6% من السيدات عن ارتفاع حالات الطلاق داخل العائلات لسبب عائد إلى تفاعلات الحصار، وعبرت 23.1% من السيدات عن أن أسرهن اضطرت إلى تزويج إحدى بناتها زواجًا مبكرًا للتخفيف من الأعباء المادية للأسرة، بينما اضطرت 61.2% من الأسر المستطلعة إلى تأجيل زواج أحد شبانها لعجزها عن الإيفاء بتكاليف الزواج".
وفي سياق التعليم، عبرت 28.4% من السيدات عن اعتقادهن أن الحصار وتداعياته تسبب في رسوب أطفالهن في مادة دراسية أو أكثر، في حين أن 7.9% من الأسر المستطلعة، شهدت حالة تسرب واحدة على الأقل من مقاعد الدراسة
وعن أثر الحصار على الوضع الصحي للمرأة في غزة، أعربت 49.9% منهن عن عدم قدرة أسرهن على توفير التكاليف العلاجية بصورة مريحة.
ونقـلت الدراسة شهادات لربات البيوت عن انعكاس وتداعيات تشديد الحصار على حياتهم اليومية، حيث أكدن أن أزمة الكهرباء انعكست بالسلب على تفاصيل حياتهم اليومية كافة، وتسببت لهم بالأرق، لاسيما عندما تستخدم الشموع، إذ تتذكر أغلب الأمهات حالات اشتعال المنازل وموت الأطفال حرقًا.
وتعيش النساء في غزة على جدولة حياتهن، وفق ساعات وصل الكهرباء، التي لا تتجاوز الست ساعات يوميًّا، ويقمن باستغلال هذا التوقيت للقيام بالواجبات المنزلية، وتتراكم الأزمات على الأسر إذ تعاني معظمها من شح شديد في المياه المنزلية، ما يدفعهم إلى شراء المياه من شركات خاصة وضخها في الخزانات.
من جهتها، بيَّنت وكيل وزارة شؤون المرأة، أميرة هارون، أن "الحصار المفروض على القطاع يدفع ضريبته جميع فئات الشعب، ولاسيما المرأة؛ كونها الأكثر تأثرًا بما يدور حولها، ولأنها تشعر بالاستحقاقات التي تدفعها الأسرة، ولصلتها المباشرة بالاحتياجات الضرورية للأسرة، والتي يهددها الحصار"، وفق قولها.
وتابعت هارون، إن "المرأة أخذت على عاتقها أدوارًا كثيرة، والحصار تسبب في التضييق على حاجاتها، وحاجات أسرتها، مما زاد في تفاقم وضع المرأة سوءًا"، لافتة إلى أن "الوزارة تتواصل مع كل المؤسسات الإغاثية في الداخل والخارج؛ لتوفير الدعم المناسب لها".
وأكَّدت على أن "الوزارة تعمل بكل جهدها للوقوف إلى جانب المرأة ودعمها اقتصاديًّا وقانونيًّا واجتماعيًّا عبر الكثير من المشاريع التي تؤهلها لمواجهة الأزمات".
وأوضح الباحث في "المرصد"، رمضان الحايك، أن "الدراسة التي صدرت بلغات عدة، وأجريت على عينة عشوائية، تتكون من 1100 سيدة خلال شهر أيلول/سبتمبر من العام الجاري، بينت أن "المرأة الفلسطينية في قطاع غزة تدفع الفاتورة الأعلى تكلفة في أوقات الأزمات، وأن الحصار المفروض على القطاع أثّر بشكل سلبي على الأوضاع الإنسانية للمرأة الفلسطينية لاسيما في ظل تفاقم أزمة الكهرباء واشتداد الحصار في الأشهر الأربعة الأخيرة بصورة كبيرة".
وأشار الحايك إلى أن "المرأة في غزة تواجه معظم تحديات وتداعيات الحصار، والتي تعود آثارها عليها بالدرجة الأولى، إضافة إلى تحملها الكثير من الضغوطات النفسية والاجتماعية الناتجة عن أضرار الحصار وتبعاته".
وأضاف الحايك أنهم "بصدد إعداد تقارير حقوقية وتنظيم أنشطة متنوعة لتوعية المواطنين بحقوقهم ومراسلة المجتمع الدولي للوقوف عند مسؤولياته، والضغط على الجهات التي تنتهك حقوق الإنسان لوقف أنشطتهم ضد المواطنين".
ودعا المنظمات والهيئات المعنية بشؤون المرأة إلى "أخذ دورها الأساسي القائم على منح المرأة حقوقها الأساسية والثانوية في ظل غياب دورها الحقيقي تجاه المرأة".