واشنطن ـ عادل سلامة
طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس الأميركي باراك أوباما بتفسير، بعد تصاعد التوتر الدبلوماسي، عقب تقارير تفيد بأن عملاء المخابرات الأميركية قد رصدوا مكالمات هاتفية للمستشارة الألمانية. وتحدثت ميركل مع رئيس الولايات المتحدة بشأن هذه المزاعم الليلة الماضية، بينما استدعت حكومتها ،الخميس، سفير الولايات المتحدة جون بى
ايمرسون إلى برلين لإجراء محادثات .
ويعتقد أن تتسبب الفضيحة في أن يفقد القادة الأوروبيين حماسهم لمناقشة اتفاقية التجارة الحرة قيد البحث بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة التي بدا من المرجح أن يتم بحثها العام المقبل.
ومن المرجح أن يبحث القادة الأوروبيين عن توضيح حول مدى العلاقة بين أوروبا والولايات قبل عقد أي اتفاق من هذا القبيل.
وقالت ميركل أنها تتخذ هذه المزاعم "على نحو جدي للغاية" بعد أن قالت تقارير لوسائل الإعلام أن وكالة الأمن القومي اخترقت هاتفها المحمول لسنوات.
بينما نفى البيت الأبيض أن يكون قد تم رصد اتصالات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من قبل، إلا أنه لم ينفى أويؤكد ما إذا كان يمكن قول نفس الشىء بشأن ميركل.
ولكن بريطانيا لا يمكن أن تأمل أن يتم تجنبها فى هذا الأمر – وتشير تقارير إلى أن كلا من أجهزة استخبارات المملكة المتحدة والولايات المتحدة كانت تقوم برصد الاتصالات في إيطاليا، ولا سيما اتصالات الحكومة والشركات والجماعات الإرهابية.
وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم ميركل "أرسلنا بسرعة لشركائنا الأميركيين لطلب توضيح فوري وشامل . وإذا كان هذا صحيحا ، يجب أن تتوقف هذه الممارسات فورا" .
وأضاف أن السيدة ميركل أوضحت لأوباما أنه إذا ثبت أن المعلومات صحيحة سيكون ذلك" غير مقبول تماماً وانتهاكاً خطيراً للثقة.
وقال زايبرت : "إن جمهورية ألمانيا الاتحادية ، كحليف وثيق للولايات المتحدة الأمريكية ، تتوقع اتفاق تعاقدى واضح حول أنشطة الأجهزة الأمنية لكلا البلدين و مدى تعاونهم" .
وكانت الأنباء التي تفيد بأن حكومة أقوى رجل في العالم تتنصت على رسائل الهاتف لأقوى امرأة في العالم - وحليفته القوية – ضربت أجراس الإنذار فى كلتا القارتين .
وكالة التجسس الألمانية BND تحقق في ما جرى ، لكن حقيقة أن الحكومة طلبت علنا توضيح للأمر يعنى أن هناك اعتقاداً قوياً بأن موضوع القرصنة صحيح، كما يقول الخبراء.وقال البيت الأبيض إن أوباما وميركل تحدثا هاتفياً الليلة الماضية حول هذه المزاعم.
وطالبت ميركل الرئيس الأمريكي بتفسير، وبتأكيد على أن هذه المزاعم ليست صحيحة، وتعهد لها أوباما أن المخابرات الأميركية لم تكن تستمع لرسائلها، ولن تفعل ذلك حتى في المستقبل .
لكن البيت الأبيض لم يستبعد صراحة إمكانية أن تكون رسائلها قد تم رصدها في الماضي .
وقال وزير الدفاع الألماني توماس دي مايتسيره،لتلفزيون ARD انه لو تم التأكد من وقوع هذه المراقبة المزعومة سيكون ذلك "أمراً سيئاً حقاً".
وأضاف دي مايتسيره ، الذي كان في السابق وزيرا للداخلية في ألمانيا، "أن الأميركيين يظلوا أفضل أصدقاء لنا، ولكن هذا بالقطع ليس صحيحاً" .
و عندما سئل عن الآثار المحتملة لذلك على العلاقات الأميركية / الأوروبية والعلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا قال "هناك ادعاءات في فرنسا أيضا"
وقالت مصادر دبلوماسية ألمانية انهم لايزالون غير راضين، وسيطالبون بمزيد من التوضيح بشأن هذه المزاعم.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني : "إن الولايات المتحدة لم ترصد ولن تراقب اتصالات المستشارة انجيللا ميركل".
لكن مجلة دير شبيجل قالت أن المتحدث باسم وكالة الأمن القومي لم يقل ما إذا كان هذا التطفل قد وقع في الماضي .
ووفقا لصحيفة "التلجراف"، قال مصدر ألماني : ' أود فقط أن أحثكم على النظر فى الأزمنة التي يستخدمها البيت الأبيض .
' إنهم يتحدثون فقط عن الحاضر والمستقبل ، ولكن ليس عن الماضي . بينما التوضيح الذى نسعى إليه حول القضية هو توضيح عام " .
وأضافت الصحيفة أن، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي كاتلين هايدن، أكد أن الولايات المتحدة لم ترصد أبداً أي اتصالات لديفيد كاميرون .
"ساديتشر تسايتونج" اليومية، قالت ان هذه الادعاءات "أكبر إهانة"، ووصفت ذلك بأنه هجوم على البلد في قلبها السياسي.
ويأتي هذا الجدل بينما يضغط الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من أجل مناقشة القضية في قمة وشيكة للاتحاد الاوروبي في بروكسل.
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، من المرجح أن يتم استخدام القمة للمطالبة بمزيد من الشرح والتوضيح من أميركا للعديد من الزعماء الأوروبيين .
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، استدعت الحكومة الفرنسية سفير الولايات المتحدة في باريس للمطالبة بتفسير وسط تقارير بأن وكالة الأمن القومي رصدت 70% من الاتصالات الفرنسية في شهر واحد فقط.
وقد تم الكشف عن حجم التجسس الذي مارسته أميركا على الأفراد والشركات الفرنسية في الوثائق المسربة من قبل إدوارد سنودن، "الواشي" والذي كان متعاقداً من قبل في وكالة الأمن القومي (NSA) .
وإذا كان هذا الأمر قد تكرر كل شهر، فإن سيكون قد تم رصد أكثر من 843.6 مليون مكالمة في العام في بلد يبلغ عدد سكانه 65 مليون نسمة فقط .
في التقرير الذي نشرته صحيفة لوموند، وشارك في كتابته جلين غرينوالد الذي كشف في الأصل برنامج NSA للمراقبة، وجد أنه عندما يتم استخدام أرقام معينة، يتم تسجيل المحادثات تلقائياً.
نقلا عن وثائق سربها سنودن، تقول لوموند إن أي صلات بالإرهاب لا تفرض بالضرورة حدوث مثل هذه الأعمال التجسسية.
وكان سنودن قد ادعى سابقا أن العديد من القوى الكبرى في الغرب ، بما في ذلك ألمانيا، في نطاق عمل وكالة الأمن القومي.
ونقلت مجلة دير شبيجل عنه قوله في تموز/يوليو الماضي "إن بعض الدول الأوروبية تعمل مع وكالة الأمن القومي على أساس "لا أسئلة".
وذكرت مجلة دير شبيجل في وقت سابق انه في يوم عادي، رصدت وكالة الأمن القومي نحو 20 مليون اتصال هاتفي في ألمانيا، بالإضافة إلى اختراق بيانات 10 ملايين جهاز على الإنترنت، ويرتفع الرقم إلى 60 مليون اتصال هاتفي في الأيام المزدحمة.
والألمان حساسون بشكل خاص حول التنصت بسبب المراقبة المتطفلة التي اجتاحت جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشيوعية ( GDR) خلال الحقبة النازية .
كما اٌتهمت وكالة الأمن القومي باختراق اتصالات الرئيس المكسيكي.