تونس - حياة الغانمي
اكدت رئيسة الإتحاد الوطنى للمرأة التونسية راضية الجربى أن مسؤولين كبارا في الوظيفة العمومية تحرشوا بمسؤولات في وظائف عليا بنفس مقرات العمل ..وقالت إنه وصلت اليهم أربع تظلمات من إطارات عليا مما يدعو إلى ضرورة مراجعة التشريعات وإصلاح العقليات خاصة أن هذه الأفعال لم يكن متوقعا أن تصدر من مسؤولين ضد مسؤولات اذ إنه كان منتظرا ان تحدث في الطريق
العام أو في وسائل نقل..وليس في الإدارة.وأضافت رئيسة الإتحاد أنه في مجال تنقيح قانون الوظيفة العمومية تعد الكفاءة هي الوسيلة الوحيدة للترقية وفي نفس الوقت فإن بعض المسؤولين يقومون تجاه الموظفات اللاتي يرجعن إليهن بالنظر بممارسات وضغوطات ترقى إلى التحرش الجنسي من لمس وإيحاءات وهو ما يجعل تقييم الموظفات وكفاءتهن في الغالب يتأثر بمدى إستجابتهن لهذه الإغراءات.
ورغم أن عدد قضايا التحرش الجنسي كبير ومفزع، إلا أن ما يتم الإبلاغ عنه إلى السلطات المختصة لا يتجاوز نسبة ضئيلة مقارنة بالحالات الحقيقية نتيجة حالة السرية والصمت التي تحيط بهذا النوع من الإعتداء وهو ما يؤكّد أنّ الارقام والإحصائيات لا تمثل إلا جانباً بسيطاً من تلك المعاناة التي تعيشها المرأة اليوم.ولعل سبب عدم اللجوء الى القضاء هو حساسية الموضوع، وأن
كثيرا من ضحايا التحرش يخفن من الفضيحة ، اذ أن أصابع الإتهام ستشير إليهابالدرجة الاولى، لذلك فالمرأة تفتقد الجرأة والشجاعة في التحدث عن معاناتها، فتظل التجربة السلبية راسخة في ذهنها، تاركة ترسبات وآثارا نفسية عميقة، قد لا يحمد عقباها لخصها طبيب وأستاذ مختص في علم النفس بقوله "في حال كانت المرأة، الطالبة أو العاملة، ذات شخصية هشة غير متماسكة
أو ضعيفة فسيؤثر عليها ذلك كثيرا مستقبلا، وقد يصل الأمر بها إلى رفض الروابط الزوجية لأنها سترى في ظل الرجل صورة سلبية مماثلة لصورة الرجل الذي تحرش بها، حتى وإن استطاعت تكوين أسرة فقد لا ينفع معها تغيير المكان، أي أن تغيير الوضعية لن يؤدي بها الى تغيير فكرتها وإنطباعها. وترك المرأة العمل نهائيا من أبرز آثار التحرش.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أثرا بالغا على سير العمل وقوّته، فالقبول لن يكون على أساس الكفاءة والمؤهلات، بل هناك عناصر جديدة في أولوية التوظيف، فالجمال وحسن المظهر هما أهم الصفات المطلوبة في المتقدمة عند المصاب بهذا السلوك المشين، فضلا عن المحسوبية في الأداء الوظيفي فيما بعد، مما يؤثر سلبا على سير العمل.
وعن إمكانية إثبات التحرش فإنه يتم عادة الرجوع إلى وسائل الإثبات العامة في المادة الجزائية من شهادة شهود وإعتراف وغيره، إلا أن هذه المسالة تطرح إشكالية على مستوى صعوبة الإثبات وذلك في صورة وقوع التحرش الجنسي بالأقوال. ففي هذه الحالات يمكن اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة من تصوير وتسجيل صوتي، ويبقى الأمر خاضعا لإقتناع وجدان المحكمة في كل الأحوال.ويعتبر إثبات حدوث التحرش من أصعب الأمور على المرأة.
ويعرّف الفصل 226 ثالثا من المجلة الجزائية مفهوم التحرش الجنسي بـ «الإمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شانها أن تنال من كرامته وأن تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو ممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات».وبناء عليه يعتبر التحرش الجنسي إنتهاكا لحرمة المرأة
الجسدية والمعنوية، ولذلك جرّمه القانون التونسي. إن التعريف القانوني للتحرش الجنسي واسع النطاق ولكنه في نفس الوقت يحدد المعايير الضرورية لإثبات الجريمة وهي: التكرار في المضايقة. والتصرف بالأفعال والأقوال وحتى الإشارات. والغاية الجنسية لإشباع رغبة الشخص المتعمّد التحرّش أو رغبة الغير. ويعتبر التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن بعام أو بخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار