دمشق - نور خوام
شرف العائلة وسمعتها ومستقبل جميع البنات فيها أصبح معلقا بسلامة غشاء عذريتي، بغض النظر عن أي شيء قد أكون قد فعلته في الماضي، هم يريدون أن أكذب عليهم حتى تبقى رؤوسهم مرفوعة، إذا احتفلوا بعذريتي الكاذبة وفتلوا "شواربهم" فرحا.
لم تخفي"ريم" دموعها وهي تقول "اغتصبت تحت تهديد السلاح، ولأخفي آثار اغتصابي الأول اغتصبت ثانية بإرادتي، لكي يغتصبني ثالث وسط احتفال أهلي بي". بهذه الكلمات لخصت "ريم" حكايتها التي بدأت على الطريق الدولي "دمشق/ حمص" عام 2014 حين أوقف مسلحون سيارة تستقلها مع 3 من زميلاتها في جامعة البعث وأجبروهن على الترجل منها واغتصبوهن تحت تهديد السلاح، وقالت "ريم" (لم يفعلوا ذلك للمتعة أوللانتقام، كان الفعل سريعا ومؤلما، فعلوا ذلك فقط لأنهم يستطيعون).
ولأن المجتمع السوري لا يرحم الفتاة الجريحة في شرفها، بل يزيد في إذلالها وقد ينتهي بها الأمر مذبوحة على رصيف بارد فقط لإرضاء ألسنة الناس وحفظ سمعة رجل قد يكون أبعد ما يكون عن الرجولة؛ لذلك قررت "ريم" وصديقاتها التزام الصمت وعدم تبليغ الجهات الأمنية والبحث عن (طبيب) كي يعيد رمز الشرف إلى مكانه الطبيعي. وقالت "ريم" " لم يختلف شعوري وأنا في عيادة الطبيب عن شعوري يوم اغتصبني ذلك الذئب المسلح، بل ربما هو أسوأ، فقد كان يتفحص جسدي العاري ويتحسس أجزاءه بعد أن اتخذت وضعية الاغتصاب بإرادتي وسمحت له أن يغتصبني بيديه وأدواته لكي أخفي آثار أغتصابي الأول، والمفارقة أني لا أستطيع أن اشتكي منه بل كنت مجبرة على دفع النقود له مقابل ذلك".
ليست "ريم" حالة استثنائية ففي ظل الفلتان الأمني في أغلب المحافظات السورية نتيجة الحرب الدائرة وانتشار الميليشيات المسلحة وقطاع الطرق انتشرت حاﻻت الاغتصاب والاعتقال والخطف أو الاحتجاز في أماكن الاشتباكات أوالوقوع كـ(سبايا ) في أيدي عناصر التنظيمات المتطرفة، وتعرضت آلاف الفتيات السوريات للاغتصاب مما جعل عملية ترميم غشاء البكارة تصبح من العمليات الشائعة في مجتمع سورية بعد الحرب. وأكد اختصاصي أمراض النساء الطبيب أيمن أبو أسعد أن عملية ترميم غشاء البكارة ممنوعة في سورية ويحاسب الطبيب الذي يجريها (لغير ضحايا الحوادث سيما الأطفال وبعلم الأهل، ويعطي تقريرا طبيا مصدقا عن سبب التمزق) وتسحب شهادته ويمنع من ممارسة المهنة لمدة معينة بغض النظر عن الجانب الأخلاقي لما تحمله العملية من نية الخداع والغش.
لكن حالة الحرب التي تعيشها البلاد غيرت القواعد الأخلاقية لإجراء عملية ترميم غشاء البكارة، فقد كان بعض الأطباء قبل الحرب ربما يجرون عملية واحدة في الشهر والقصد منها هو إخفاء الفتاة لماضيها الجنسي عن عريس المستقبل، وعادة ما تجري العملية قبل ليلة الدخلة بأيام قليلة. أما في ظل ازدياد حالات الاغتصاب بأصبح بعض الأطباء مجبرين أخلاقيا على إجراء عملية الترميم لقناعتهم أن الفتاة فقدت عذريتها في ظروف خارجة عن إرادتها وليس بقصد الاحتيال.
وأضاف أن العملية بحد ذاتها سهلة جدا وتعتمد على خياطة الأجزاء الداخلية الممزقة من المهبل لضمان حدوث النزف عند أول إيلاج، لكنها ليست مضمونة ويجب الكشف عليها خلال أسبوعين من العملية للتأكد، مشيرا إلى أنه من الصعب على الرجل العادي اكتشاف أن شريكته أجرت عملية ترميم غشاء البكارة بنفسه، ويجب عليه عرضها على طبيب نسائية والذي سيكتشف ذلك بسهولة وسيكون مجبرا أخلاقيا على إخباره أن شريكته سبق أن أجرت تلك العملية، أما خلال الجماع فمن المستحيل أن يميز الرجل بين العذراء والتي أجرت عملية ترميم غشاء البكارة؛ كون عملية تمزيق الغشاء تتم بسرعة أغلب الأحيان وتترافق بمشاعر ورغبة قوية.
ومن ناحية لون أو شكل تدفق الدم بعد عملية الإيلاج وتمزيق الغشاء قال الدكتور أيمن إنه لا فرق بين دم الفتاه العذراء وغيرها كون مصدره واحد وهو تمزق أغشية رقيقة في منطقة المهبل. وأكد أن تمزق غشاء البكارة لا يمكن أن يحدث أثناء ممارسة الفتاة (للاستمناء) أو المداعبة الخارجية، وأن الغشاء موجود على بعد 2 سم داخل فتحة المهبل وتمزقه سيحدث فقط بإدخال (قضيب ذكري -إصبع - شيء قاسٍ) لهذه المسافة، كما أن سقوط الفتاة على مقعدها لا يسبب تمزق الغشاء إلا في حال سقوطها على شيئ مدبب قاسٍ.
وتباينت آراء الشباب عند سؤالهم عن قبولهم الزواج من فتاه سبق وأجرت عملية ترميم غشاء البكارة، فرأى بعضهم أنه لا يمكن أن يثق بها وأنه غير مضطر للزواج بها، وإن اكتشف ذلك بعد الزواج فسيطلقها فورا؛ وأشار آخرون إلى أنه لا يمكن أن يتحقق الشاب من أن الفتاة كانت ضحية عملية اغتصاب أو كانت تمارس الجنس مع شاب قبله بإرادتها، ومن الضروري أن يذهب الخطيبان لزيارة طبيب مختص قبل الزواج للتأكد من عذرية الفتاة.
في ما لم يمانع بعض الشبان من الارتباط بفتاة ليست عذراء، وقالوا إن عملية ترميم غشاء البكارة دليل غش وسوء نية الفتاة؛ إذ بإمكانها مصارحة شريكها بوضعها إن كانت واثقة من حبه وثقته بها دون اللجوء للأساليب الرخيصة. أما عن ضحايا الاغتصاب المؤكدين فقد أعرب معظم الشبان عن تعاطفهم معهن وعدم تحميلهن المسؤولية عن ذلك، بل مساعدتهن على تجاوز تلك المحنة، ولم ير معظم من سئلوا مانعا من الارتباط بفتاه تعرضت للاغتصاب في حال حصل توافق وتفاهم ومصارحة.