الطالبة عالية سليم

تعرضت الطالبة عالية سليم، 15 عامًا، للطرد علنًا من مدرسة "جامع الهدي" الداخلية، لامتلاكها كاميرا، وهو ما يعدّ جريمة نرجسية، وبلغ الإذلال ذروته خلال دراسة استمرت 5 أعوام في المدرسة الداخلية الإسلامية للبنات في شرق ميدلاندز، حيث خضعت لمنهج إسلامي وقواعد مستوحاة من الشريعة.

وتعلّمت سليم في المدرسة أنه يُسمح للرجال بضرب زوجاتهم وأن بعض العلماء يعتقدون أن الإعدام عقوبة مناسبة لمثلي الجنس من الرجال وأن اليهود والمسيحيين أغضبوا الله، ولم تدرس سليم الجغرافيا أو التاريخ البريطاني أو الفن أو الموسيقى أو الرياضة، وتمت إزالة الصفحات التي تتناول التكاثر والتطور في كتب العلوم، وساهمت مغادرة سليم للمدرسة في إنقاذ تعليمها والأن بفضلها يتم إغلاق مدرسة جامع الهدى هذا الشهر.

وخشيت سليم، الانتقام من داخلها لمجتمعها وتعرضها للرفض من قبل عائلتها عندما قررت التحدث إلى التايمز منذ عامين، لكنها وافقت في النهاية شريطة استخدام الاسم المستعار "ليلى حسين"، وتبدو مدرسة جامع الهدى كما لو كانت في الشرق الأوسط وليست فوق تلال نوتنغهام، وفتحت المدرسة أبوابها عام 1996 وضمت نحو 200 طالبًا مقيمًا، وتدار وفقا للخطوط الديوبندية الأصولية، وتركز المدرسة بشكل كبير على تعلم اللغة العربية، كما تبرعت السعودية ببعض الكتب للمدرسة، ويشير موقع المدرسة إلى بداية اليوم الدراسي من 8:30 صباحًا وحتى 12:30 مساءً حيث تدرس الفتيات القرآن والحديث وبعد الغداء والصلاة هناك فقط ساعتين ونصف مخصصة للمنهج الوطني.

وتلزم المدرسة الفتيات بارتداء الحجاب والجلباب طوال الوقت، وتهدف المدرسة إلى تحويل الفتيات المسلمات في عمر 11 عامًا إلى علماء مسلمين وفقًا لما ينص عليه موقع المدرسة بهدف "تطوير الشخصية الإسلامية لدى طلابنا حتى يمكنهم تطبيق القرآن والسنة في حياتهم اليومية والعمل من أجل قضية الدين "العقيدة" في أوروبا"، ويدفع التلاميذ الذين يأتون من جميع أنحاء بريطانيا رسوم دراسية وفقًا لإمكانياتهم تصل إلى 3500 أسترليني سنويًا، وحصلت فقط نسبة 25% من الطلاب هذا العام على 5 درجات A* إلى C GCSE مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 53%.

ووصلت سليم إلى المدرسة منذ 2001 من مدرسة ابتدائية حكومية مختلطة حيث كانت تحب العلوم ولم ترتدِ الزي الإسلامي، وتقول سليم "شعرت أن كل شئ ممنوع"، حيث منعت المدرسة استخدام الماكياج وأجهزة الراديو والآلات الموسيقية والهواتف المحمولة والصحف والمجلات وارتداء الجينز دون جلباب، ومُنعت الفتيات من مشاهدة مباريات كرة القدم ربما لأن اللاعبين يعرضون أطراف جسدهم حيث يرتدون "الشورت" أثناء اللعب وفقا لما تعتقده سليم، كما تمت مصادرة بعض الكتب القليلة في المدرسة مثل روايات هاري بوتر، وتم حجب الفتيات عن المجتمع حيث لا يُسمح لهم بدخول المدينة إلا لزيارة الطبيب أو طبيب الأسنان، وتناولت الدراسة بشراسة من يشتبه في كونهم مثلي الجنسية.

وأضافت سليم "تم طرد 4 فتيات أتُهموا بكونهم مثليات خلال فترة وجودي، وناقش المعلمون والمعلمات الأمر علنًا، ورأيت فتاتين تحزمان حقائبهم بعد أن زعم شخص أنه رآهم يقبلون بعضهم البعض"، وتلقت مدرسة جامع الهدي تقارير ناقدة من منظمة أفستد والتي أشادت باتساع العلوم الإسلامية في 2007، إلا أن الأمر يختلف تمامًا بالنسبة للدراسة الدينية، وأوضحت سليم أنها أخبرت أوفستد عندما غادرت المدرسة لكن المنظمة لم تفعل شئ. وأضافت "يبدو أن الحكومة البريطانية تعتقد أنه أمر عادي أن تتلقى فتيات مسلمات تعليم رديء، ولكن لماذا نتعلم عن العالم أو نعد أنفسنا لأي وظيفة باستثناء تدريس القرآن أو العمل في دار رعاية مسلمين، إنه شكل رهيب من النسبية الثقافية".

وتعدّ المدارس الدينية الداخلية غير ملزمة بتعليم المنهج الوطني لكنها فقط ملزمة بضمان معرفة القراءة والكتابة والحساب فقط، ويحاسب مراقبو أوفستد المدارس الدينية الخاصة على قضايا الحماية مثلا الصحة والسلامة كما أن المدارس الإسلامية يفتش عليها إخوانهم المسلمين أيضا، وعندما علمت وزيرة التعليم البريطانية نيكي مورغان بتجربة سليم صُدمت من عدم وجود تدقيق رسمي قائلة "ربما يمكننا فعل المزيد في هذا الشأن".

وأمرت مورغان بعد بضعة أسابيع بتفتيش طارئ على المدارس الدينية الخاصة في شرق لندن، وفي الأشهر التي أعقبت نشر حكاية سليم في التايمز توجه مفتشو أفستد إلى مدرسة جامع الهدى واعتبوا وقيموها بأنها "غير مناسبة"، فيما تم إغلاق منظمة The Bridge Schools Inspectorate في يونيو/ حزيزان 2015، وأشار فريق مفتشو أفستد إلى أن مدرسة جامع الهدى تستخدم عددًا قليلًا من الكتب في المكتبة، كما أن كتب الأديان تركز فقط على الدين الإسلامي كما تقتصر كتب التاريخ على الإسلامي.

وذكر مفتشو أفستد "يحد هذا من فهم الطلاب لمختلف الأديان والتاريخ والتقاليد البريطانية"، وانتقدت المدرسة بسبب تدريبها للفتيات ليصبحن معلمات دين فقط، فيما أشارت سليم إلى صديقاتها اللاتي تزوجن في سن صغير وعدم السماح للمعلمات المسلمات بالعمل في محاكم الشريعة مثل نظرائهم المسلمين، مضيفة "إنهم غير مستعدات تمامًا للعالم الخارجي فالتعليم الديني الصارم يحول دون معظم المهن، وأعرف واحدة من الفتيات التي بدأت في التدريب لتصبح قابلة، لكنها تخلت عن وظيفتها لأنها أثناء ولادة الأطفال كان عليها أن تكشف عن ذراعيها".

وأعربت أفستد عن خشيتها من أن الفتيات تم إدخالهم في وقت مبكر للعلوم والرياضيات (GCSE) ما جعل النتائج لا تعكس قدرتهم الحقيقية، حيث أخذت سليم الرياضيات وعمرها 13 عامًا وحلصت على درجة B، وبينت سليم " كنت سأقدم أداءً أفضل لاحقا ولكن المدرسة تريد أن يأخذ الطلاب مواد أساسية بحيث يمكن التخلص من المناهج الدراسية لقضاء مزيد من الوقت في دراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية"، وتم تفقد المدرسة مرة أخرى في أبريل/ نيسان، وتبين قصور في حماية التلاميذ بما في ذلك نقص التدريب الكافي للموظفين، وذكرت أفستد أن "الطلاب ينقصهم فرص التعلم والتقدم والحصول على الإعداد الجيد للفرص والمسؤوليات وتجارب الحياة في المجتمع البريطاني، ويصل الطلاب إلى كتب لكُتاب مثيرين للجدل وغير مسموح لهم بدخول البلاد".

وعلى الرغم من أنه لم يصدر إشعار لإغلاق المدرسة إلا أن وزارة التعليم أمرت إدارة المدرسة بإغلاق العملية السكنية وهناك نحو 85 % من الطلاب المقيمين في المدرسة، واعترفت في خطاب لأولياء الأمور أن ذلك يعني إغلاقها، وأخبر أولياء الأمور أن يصطحبوا فتياتهم في 18 أكتوبر/ تشرين الأول، فيما زعمت المدرسة أن القرار منحاز تمامًا وغير عادل ويعدّ جزءًا من الأجندة السياسية  فيما يتعلق بعمليات التفتيش على المدارس إلى حد كبير، وأضافت المدرسة "نحن مستعدون لاتخاذ موقف ضد هذا"، وطالبت المدرسة بتبرعات للتمويل تصل إلى 300 ألف استرليني، وناشدت المدرسة المسلمين في بريطانيا وأوروبا للاتحاد بشأن هذه المسألة، وتم التواصل مع المدرسة لكنها امتنعت عن التعليق.

وقيل فيما سبق أن سليم طردت من المدرسة بسبب ما وصف بكونه سلوك تخريبي، ونفت المدرسة تعليم الطلاب أن الإعدام يعدّ عقوبة مناسبة لمثلي الجنس من الرجال، وأعلنت المدرسة أن محدودية الوصول إلى الإنترنت كانت بسبب محدودية موارد المدرسة ولم تطعن المدرسة حتى الأن ضد الحكم، وفقدت سليم العديد من أصدقائها بعد أن روت قصتها للتايمز عام 2014، ووصفت بكونها كاذبة وأنها تدعم الخوف من الإسلام "الإسلاموفوبيا"، وألقى المعلمون باللوم عليها بسبب المقال لأنه أدى إلى مزيد من التدقيق الرسمي، وتصالحت سليم مع والديها اللذان يندمان حاليًا على إرسالها هناك وبعد حصولها على المركز الأولى في الإنجليزية من جامعة برونيل تعمل حاليًا كباحث في مجلس اللوردات.

وواصلت سليم " إنه أمر محبط أن تريزا ماي ملزمة بإنشاء المزيد من المدارس الدينية في هذا البلد التي تعاني بالفعل من انقسامات عميقة، حيث تفصل المدارس الدينية الأطفال وفقا لانتماءاتهم العرقية، وسيخلق هذا أجيال من الأطفال البريطانيين الذين ليس لديهم أي تواصل مع أشخاص من مناحي الحياة المختلفة"، وأوضحت سليم أنها تشعر أن إغلاق مدرسة جامع الهدى لها ما يبرره، ولكن من المحبط أنها ستُغلق فقط بسبب قضايا الحماية وليس بسبب الأيديولوجية الدينية الضيقة".

 وأشارت إلى أنها تعتقد أن القواعد المترهلة في المدارس الدينية الخاصة الإسلامية أو المسيحية الإنجيلية تسمح للأصوليين بتعليم التعصب وفرض قواعد صارمة على الأطفال، وتابعت سليم "إغلاق المدرسة يبدو مثل نقطة في المحيط لأن هؤلاء الفتيات سيذهبن إلى مدارس دينية إسلامية مماثلة حيث يتلقون تعليمًا ضيق الأفق، أنا أستحق الأفضل وكل هؤلاء الفتيات يستحقون الأفضل".