أبوظبي ـ سعيد المهيري
أكد عددٌ من المعلمين في المدارس الحكومية والخاصة في أبوظبي، أن مادة الروبوت التعليمي التي أدرجها مجلس أبوظبي للتعليم ضمن مواد المرحلة التعليمية الأساسية قبل أربع سنوات، أسهمت في تشجيع الطلاب على التوجه لدراسة المواد العلمية، خاصةً أن القطاع العلمي في الإمارات يواجه مشكلةً كبيرة لتوجه ما يزيد على 70% من الطلاب للقطاع الأدبي .
وأشاروا إلى نجاح هذه المادة في استقطاب أعدادٍ متزايدةٍ من الطلاب المهتمين، نظرًا للحاجة الماسة لتدريس التكنولوجيا المتقدمة في سن مبكرة لتطوير جيل قادر على استيعابها وتطويرها .
ولفت المعلمون إلى أنه على الرغم من دعم المجلس للمدارس الحكومية والخاصة بالأدوات اللازمة والوحدات الأساسية لتصميم الروبوتات، مازالت مشكلة غياب المنهج المحدد الذي يمكن للمعلم الاعتماد عليه قائمةً.
يضاف إلى ذلك قلة المواد المتوفرة لتصميم الروبوتات بالقياس مع أعداد الطلاب في كل مدرسة، وغلاء أسعارها، إلى جانب نقص كوادر المعلمين المؤهلين والمختصين بتدريس هذه المادة، ما يشكل عبئًا على المعلم الذي يتحمل تدريس جميع الصفوف في المدرسة وحده .
كما يشكو عددٌ من الطلاب من عدم اهتمام ذويهم بتشجيع مواهبهم والإطلاع على المشاريع التي يشاركون بإنجازها في المدرسة.
في حين يرى طلاب جامعيون مختصون بعلوم التكنولوجيا أن تعلم طلاب التعليم الأساسي للروبوت في عمرٍ مبكر من شأنه أن يساعدهم مستقبلًا في قطع أشواطٍ كثيرة، إضافةً إلى تنمية مهارات وذكاء الطلاب لخلق جيلٍ مفكر يواكب التطور العلمي الذي تعيشه الإمارات .
وللوقوف على الإنجازات التي حققها طلاب التعليم الأساسي في مجال الروبوت والمشاكل والتحديات التي تواجه معلمي المادة، أوضح عدد من المعلمين والطلاب في المدارس الحكومية والخاصة في أبوظبي، أن البداية كانت في مدرسة البشائر الخاصة التي تدرّس أساسيات هذه المادة لطلاب الرابع والخامس، ليدخل الطالب إلى عالم الروبوت في صفوف السادس والسابع والثامن والتاسع.
كما أوضحت المهندسة إسلام شاهين معلمة المادة، أن طلاب الرابع والخامس يبدأون بتعلم مبادئ الليغو التي هي عبارة عن قطع بلاستيكية ملونة تتخذ أشكالًا عدّة، وتستخدم في بناء أجسام كسيارات أو بنايات أو آلة صغيرة لرفع الأثقال الخفيفة.
ويهدف ذلك إلى تعليم الأطفال بهذا العمر مهارات الفك والتركيب، وتشكيل الأشياء بحسب ما يخطر في بالهم، ما يحفز الخيال عندهم للتفكير بالشكل الذي يريدون صناعته .
ولايعني هوس بعض الأطفال بفك وتركيب كل ما يقع بين أيديهم، أن الطفل يميل إلى التخريب والعدوانية كما يعتقد الأهل لقلة وعيهم، بل هو مفتاح الدخول إلى عالم الروبوت.
ويعجب الأهل في الغرب باكتشافات أطفالهم، ويطلقون عليهم لقب "المخترع الصغير"، وهنا يبرز الفرق الشاسع في أساليب التعامل مع الأبناء وفهمهم بين المجتمعات الغربية والشرقية، إضافةً إلى الأثر الذي تتركه المصطلحات الإيجابية أو السلبية في نفسية الطفل .
ويبدأ الطلاب في صفوف السادس والسابع بدراسة الروبوت وبرمجته، أما في الصف الثامن فيكون المجال مفتوحًا أمامهم للإبداع والابتكار، إذ تعتمد هذه المرحلة على تنفيذ كل مجموعة من الطلاب لمشروع روبوت خاص بها .
ولقد اختارت لين رسلان ومرح عودة ويسرا ماهر، طالبات الصف الثامن إنجاز مشروع الروبوت العنكبوت ليحاكي شخصية الرجل العنكبوت الشهيرة في تسلق الجدران.
وتجد لين الكثير من المتعة بتحقيق هذا الإنجاز بالنسبة لها، لأن الروبوت يخلصها من جمود المواد النظرية ويتيح لها المجال لإطلاق العنان لقدراتها العقلية بما يحويه من مسائل رياضية معقدة خاصةً في مرحلة البرمجة .
أما مرح فتحبذ فكرة العمل المشترك مع زميلتيها، لأنه يشكل لها فرصةً للتواصل مع الآخر، وتبادل الأفكار، والتعاون لتحقيق نتائج ملموسة تعتزّ بها لاسيما أمام والديها.
كما أن الأمر لا يخلو من الصعوبة والتعقيد في مراحل عدّة كما تقول يسرا، لكن ذلك يقودها إلى تملك موهبة السرعة في إيجاد الحلول ليس فقط في هذا المجال، وإنما في المواقف الحياتية التي تعيشها وتصادفها كل يوم، لأن عقلها اعتاد على أن يبقى بأهبة الاستعداد للتفكير والبحث والاكتشاف على حد تعبيرها .
وتفخر رشا عادل معلمة الكمبيوتر والمعلوماتية في المدرسة بإنجاز الفتيات بالمعطيات والإمكانات البسيطة المتاحة بين أيديهن، وبتفاعل الطلاب مع مادة الروبوت.
ولقي برنامج "لم" الذي قدمته لجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا قبل شهرين في المدرسة، اهتمام الطلاب حتى صغار السن منهم، خاصةً القسم الثاني منه وهو "ورشة عمل تحدي روبوتات الليغو"، الذي يعلمهم كيفية برمجة روبوتاتهم الخاصة.
وطالبوا معلمتهم بعمل روبوتات متطورة كالتي يشاهدونها في التلفاز أو تلك التي تشارك في المسابقات، على حدّ قولها .
وأكد ماجد أحمد عبدالرحيم "الثانوية التقنية" أن الابتكار العلمي والعمليات الحسابية المعقدة التي تدخل في الروبوت، دفعاه لدخول هذا المجال الذي يستطيع الإنسان أن يبدع فيه إذا كانت لديه الرغبة في الخوض فيه والطموح لتحقيق الإنجازات.
وتوجه بالنصح قائلًا "لذا على الطالب الذي يجد لديه هذه الرغبة والحماس لدخول عالم الروبوت عدم إضاعة الوقت أبدًا، وعلى الأهل أيضًا أن يقدموا لأبنائهم الدعم بما يسهم بإبراز مواهبهم وطاقاتهم العقلية .
أما زميله عماد حسن الياسي، فيؤكد أن مسابقات الروبوت تشهد منافسةً كبيرة في مختلف الفئات، ما يستدعي من المشاركين بذل مجهود كبير لإثبات أنفسهم.
وقال عماد إن العمل على برمجة روبوت يستغرق وقتًا كبيرًا، وجهدًا لا يستهان به لكن الأمر لا يخلو من المتعة، لذلك على طلاب التعليم الأساسي التدرب جيدًا لخوض مثل هذه المسابقات .
وأشار إلى أن الروبوت يعدّ منصةً مميزة لتعلم مهارات القرن الحادي والعشرين، إذ تنمي تحديات حلول الروبوت وبرمجته الإبداع والابتكار ومهارات حل المشكلات عند الطلاب .
وذكرت مريم علي المزودي، جامعة أبوظبي بوليتكنك: "أن مادة الروبوت تحاكي عددًا من مواد الدراسة وتدخل في مجالات الرياضيات والعلوم والهندسة، وركيزتها الأساسية برمجة الكمبيوتر.
وأضافت "من أهم مميزات مسابقات الروبوت هو أن الطلاب يستمتعون بوقتهم ويعملون معًا كفريق ويتبادلون المعرفة والمعلومات، ويستشيرون بعضهم بعضًا في حال حدوث خللٍ ما، ويستطيعون تجاوزه بسرعة بفضل تعاونهم وعملهم المشترك".
وأشادت بدور المؤسسات التعليمية في دعم مواهب الطلاب وابتكاراتهم وتزويدهم بكل الأدوات اللازمة وتمكينهم ومتابعة مراحل العمل .