الرياض - صوت الإمارات
تُوفي عميد الصحافيين السعوديين تركي بن عبد الله السديري، عن عمر يناهز 73 عامًا، بعد معاناة مع المرض. وأجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اتصالًا هاتفيًا بأسرة الراحل، وقدم تعازيه ومواساته في وفاة فقيد الصحافة السعودية.
ونعى الراحلَ، عدد من الأمراء والوزراء ومسؤولون وسفراء وشخصيات إعلامية سعودية وعربية، إضافة إلى محبيه في السعودية ودول الخليج. وأعرب الدكتور عواد بن صالح العواد، وزير الثقافة والإعلام السعودي، عن تعازيه ومواساته لأسرة الفقيد. واعتبر الزميل الإعلامي والكاتب السعودي، عثمان العمير، الذي رافق الراحل في بداية رحلتهما مع الكلمة، أن "رحيل تركي السديري، يعد خسارة حقيقية للإعلام في المنطقة".
وقال مازن السديري، نجل الراحل تركي السديري، إن والده رحل بهدوء وراحة، مبينًا أن والده كان يعاني من مشاكل صحية، ومرهقًا، إلا أنه كان يتسلى دائمًا بتصفح جريدة الرياض، وكان يدعو، ويقرأ ما تيسر له من القرآن. وأوضح مازن أنه لم يكن حزينًا، قائلًا "وجودنا بقربه ونحن بخير يمده بالقوة للتغلب على المرض".
وكان مازن نعى والده اليوم بتغريدة عبر "تويتر" كتب فيها، "الحمد لله على قضائه، خسرت اليوم أحب الناس إلى قلبي، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، الاثنين ستكون الصلاة عليه في جامع الملك خالد بعد العصر".
والسديري المولود في محافظة الغاط، عمل كرئيس تحرير جريدة الرياض منذ عام 1394هـ وحتى قبول استقالته بتاريخ 16 شوال 1436هـ. لا يختلف اثنان على أن تركي بن عبدالله السديري، يعتبر أشهر من النار على "علم"، ورمزًا من رموز الصحافة السعودية والخليجية وحتى العربية، وخير دليل على ذلك هو استمراره رئيسًا للتحرير لمدة 41 عامًا في جريدة الرياض، التي شهدت قفزات نوعية وتطوراً في عهده فأصبحت خلال تلك السنوات تتربع على عرش الصحافة السعودية، ولعل اللقب الشهير الذي أطلق فيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في إحدى لقاءاته مع الإعلاميين السعوديين على تركي السديري، لقب ملك الصحافة دليل قاطع على ذلك التفرد الذي يتمتع به.
وتقلد السديري مناصب عدة في مؤسسة اليمامة الصحافية، وطريقه لرئاسة تحرير جريدة الرياض لم يكن سهلا بطبيعة الحال، فقد تدرج السديري من محرر رياضي إلى محرر سكرتير المحليات، ومن ثم أصبح سكرتيراً للتحرير، وأخيرا رئيسا للتحرير. وعن ذلك تحدث في إحدى الحوارات الصحافية التي أجريت معه، بأنه قد تم اختياره كمرشح ثالث لتولي رئاسة التحرير في الصحيفة، ولكن الاختيار قد وقع عليه ليتولى ذلك المنصب الكبير والمهم، ولا يخفي السديري أنه قد تفاجأ بذلك القرار الذي يقف وراء ذلك وجود من هم كانوا أقدم منه.
وإلى جانب مقالاته الرياضية الإبداعية والمتميزة التي اكتست بالثوب الأدبي الجميل، تتجلى المهنية الخلاقة لتركي السديري، من خلال حواراته الصحافية الخالدة التي التقى فيها مع شخصيات سياسية ومسؤولة رفيعة، وزاويته شبه اليومية (لقاء) التي استحقت أن يطلق عليها الزاوية الأطول عمرا في الصحافة السعودية، حيث استمرت 43 عاماً.
وفي عام 1392هـ، كانت ولادة زاوية (لقاء) التي رأت النور على صفحات جريدة الرياض في العدد 2300، ومنذ ذلك الحين أصبحت بمثابة النافذة التي يطل من خلالها العالم على التحولات والانكسارات والنجاحات والتطورات التي حدثت في المجتمع السعودي والعربي حتى اليوم، وقد وصفها الباحث عبدالله السمطي بالوثيقة التاريخية التي تتضمن صوراً شتى من الأحداث والوقائع والتحليلات المتعددة وخاصة على المستوى السياسي، وكما وصف السديري بالشاهد على العصر. وفي عام 1991م شرعت صحف من لندن، والأيام من البحرين، والراية من قطر، بنشر زاوية (لقاء) يوم صدورها في جريدة الرياض. وبشهادة الكثيرين فإن السديري أثرى الساحة الإعلامية السعودية، وبذل فيها عطاءه الجزيل وأسهم في تطور الصحافة السعودية التي تقود ركب الصحافة العربية، وللسديري بصمة واضحة في نمو وتقدم وتطور الشباب السعودي في المجال الإعلامي، وحتى أصبحت الصحافة السعودية يشار لها بالبنان في العديد من الدول العربية والإسلامية والعالمية.