دمشق - جورج الشامي
قالت مصادر في التلفزيون السوري حسب مواقع إلكترونية مقربة من دمشق أنّ الفريق الشاب الذي يدير محطة «تلاقي» الفضائية الوليدة حديثاً، لم يقبض حتى الآن فلساً واحداً من مستحقاته المالية، رغم مرور أشهر على العمل في المرحلة التأسيسية، علماً بأنّ القناة تدفع لمقدمي البرامج حوالى 3500 ليرة سورية (حوالى 22 دولاراً) عن كل حلقة.
مما دفع بعض المذيعين الشباب الذين راهنت عليهم وزارة الإعلام السورية
لإنجاح القناة، لإعلان نيتهم تقديم استقالاتهم تباعاً.
الموقع الإلكتروني اعتبر أن القناة الوليدة سقطت في فخّ الإعلام الرسمي واصطفت إلى جانب بقية القنوات الرسمية في تبنّي لغة خشبية، وعقلية تطغى عليها المغالاة في الرقابة والجهل في تقويم الموقف. وذلك في تقرير صحفي نشره اليوم.
ورغم تصريح مدير المحطة ماهر الخولي عن الميزات الخاصة للقناة، رغم تبعيتها لوزارة الإعلام، إلا أن تلك الميزات بدت سريعاً أنّها مجرد مجافاة لشكل الإعلام المعاصر، ومحاولة حجب الشمس بأصابع بعض القائمين على هذا المشروع التلفزيوني.
وضربت الفضائية الجديدة عرض الحائط بكل ما تخلّفه الأزمة الخانقة في البلاد، ليصبح سهلاً أن تطلّ علينا مذيعات جديدات في البرامج الصباحية ليتحدثن عن الموضة والأزياء في استديوهات أنيقة مطلية بألوان زاهية تعبّر عن الفرح، ولا ضير من فقرات موسيقية خاصة كونها غذاء الروح. لكن الطامة الكبرى كانت عندما خصّصت المحطة قبل أيام في برنامج «جريدة الصباح» حوالى ربع ساعة للحديث عن المغنية البلجيكية الكندية لارا فابيان، المعروفة بدعمها للكيان الصهيوني!.
لكنّ ذلك لم يمنع فريق البرنامج من الاستفاضة في الحديث عن أغنيات الفنانة التي سبق أن دعت «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل (لبنان)» إلى مقاطعة حفلتها في «كازينو لبنان» في عيد العشاق العام الماضي.
ومر التقرير على الشاشة الرسمية من دون محاسبة. وبعد انتهاء الحلقة، انتبهت مقدمة البرنامج تهاني عبود لخطأ البرنامج الفادح، فطلبت من زملائها إعداد اعتذار للمشاهدين. لكن أحداً لم يشجعها. مع ذلك، خرجت لتقدم اعتذاراً صريحاً للمشاهدين عن الزلة التي لا تغتفر، وخصوصاً أنّ المحطة أعطت لنفسها الحق في تشويه مسلسل «نزار قباني» (2005) لقمر الزمان علوش، وباسل الخطيب، كونها بدأت بعرض حلقاته، لكن من دون الشارة التي برعت أصالة نصري في أدائها. ليس ذلك فحسب، بل بالغت «تلاقي» في عقلية القص العشوائي وحذفت صوت المطربة نفسها عن المسلسل الكرتوني «حكايات عالمية»!.
هكذا، يبدو أنّ إدارة المحطة الرسمية التي سبق أن أعلنت أنّها ستعمل جاهدة لتطبيق شعارها «دعوة لنلتقي ولو في منتصف الطريق»، سرعان ما طبقت فيتو على صوت أصالة نصري كونها ذات مواقف مناهضة للنظام السوري، فيما اختارت الاحتفاء بالمغنية المناصرة لإسرائيل. من جانب آخر، تخلّت المحطة عن وعدها بعدم تكرار بث البرامج ذاتها لأكثر من مرتين، وراحت تعيد الحلقات ذاتها مرات ومرات بسبب عجزها عن تأمين ساعات بث كافية. وسجّلت «تلاقي» سابقة في تاريخ البث الفضائي عندما استهلت الأيام الأولى لبثها ببرنامج «سينما كافيه» الذي تقدمه بيلسان أحمد، وقدمت حواراً صامتاً مع المخرج الشاب وسيم السيد. على مدى أكثر من نصف ساعة، حكى السيد للمشاهدين عن مشاريعه المقبلة، لكن من دون صوت! ويبدو أنّ البرنامج ذاته وصل إلى طريق مسدود عندما غاب الثلاثاء الماضي عن موعد بثه من دون مبرر. في المقابل، أوقفت القناة برنامج «محكومون بالأمل» بعد ثلاث حلقات استضافت فيها سامر عمران ومأمون الخطيب.
ورغم أنّ البرنامج يقدم حوارات سجالية عن المسرح السوري، وطبيعة علاقة الدولة في المسرح، ويستضيف مخرجين سوريين مقيمين في دمشق، إلا أنّ ما حصل بحسب معدّ البرنامج الشاعر والصحافي سامر إسماعيل هو إيقاف البرنامج بأمر من مدير المحطة. جاء ذلك على خلفية حلقة ساخنة مع المخرج مأمون الخطيب، قال فيها «نحن السوريين تلاميذ الخوف، والآن صرنا تلاميذ الموت».
لعلّ هذا ما أثار حفيظة الرقابة التي أوعزت بشكل خفي لإدارة المحطة بإيقاف الجزء الثاني من الحلقة. هذا ما يخبرنا به إسماعيل، مضيفاً إنه «لدى سؤاله عن السبب، أجاب الخولي بأنّ مأمون الخطيب لا يستحق جزءاً ثانياً. وعندما أبديت استعدادي لتجهيز حلقة بديلة، رغم تبليغي القرار قبل يوم واحد من موعد البث، كان الرد بإيقاف البرنامج كاملاً». ربما كان من الأجدى بوزارة الإعلام السورية التخلي عن إطلاق محطات جديدة تكرّس نظرية الفشل الدائم التي تلاحقها بسبب عجزها عن الإفادة ولو قيد أنملة من كل الأعاصير التي تضرب من حولها!.