أبوظبي ـ صوت الإمارات
من دون شك استفادت وسائل الإعلام الجديد من القديم والعكس صحيح، لكن الجديد هو أن الحدود الفاصلة بين فيسبوك مثلا والصحف التقليدية، تتلاشى عمليا بصورة ما.
يبشر بذلك اتفاق أبرمته شركة فيسبوك مع عدد من كبريات الصحف في العالم لنشر مقالاتها وتقاريرها مباشرة على شبكة التواصل الاجتماعي.
وحتى أوائل الشهر الماضي كان المتاح على فيسبوك مجرد روابط للمواد المنشورة بالصحف، بالضغط عليها، يذهب المتصفح إلى موقع الجريدة او المجلة لقراءة المادة المرغوبة.
الآن ولى هذا العهد. فمن الآن فصاعدا، سيظهر المقال نفسه على فيسبوك مباشرة، بناء على اتفاق رسمي مع صحف ومجلات مثل "نيويورك تايمز"، و"بازفيد"، و"ناشيونال جيوغرافيك"، و"ذا آتلانتيك"، و"إن بي سي نيوز"، و"الغارديان" و"بي بي سي نيوز" البريطانيتين، و"بيلد" و" شبيجل أولاين" الألمانيتين.
واليوم، إن نظرنا إلى الاتفاق الجديد من وجهة نظر وسائل الإعلام الشريكة فهو يبدو كسماء زرقاء تسبح فيها الجميع، وإن كان أيضاً ممكنا تمييز بعض الغيوم، عند بُعد.
وكان الذهاب إلى موقع الصحيفة من رابط فيسبوك يزيد عدد زوار موقعها، ويدر عليها، بالتالي، دخلاً إعلانيا كبيرا. ولكن دور وحضور فيسبوك في استضافة الصحافة الرقمية ظل أيضاً يتنامى مع مرور الوقت.
وعلى سبيل المثال فقد كانت نسبة الزيارات الآتية من الموقع تمثل ما بين 14% و16% من حركة تصفح موقع "نيويورك تايمز". وهو رقم تضاعف أيضاً خلال الأشهر الأخيرة. وفي فرنسا يقدّر الموقع الإخباري 20 Minutes (عشرين دقيقة)، أن نسبة الزيارات الآتية من مواقع التواصل الاجتماعي، تصل إلى 15%. وتصل هذه النسبة في حالة صحيفة لوموند 10% معظمها قادم من زوار روابطها في موقع فيسبوك تحديداً.
ويمكن أن تكون هذه النسبة أكثر ارتفاعاً بما لا يقارن بالنسبة لوسائل الإعلام ذات عدد الزيارات الأقل كثافة. وفي المقابل أيضاً بالنسبة لتلك التي راهنت كثيراً على مواقع التواصل مثل موقع الأخبار والإعلان "بازفيد" الذي سجل رقماً قياسياً في استقطاب الزوار القادمين من روابط مواقع التواصل، بتسجيله نسبة 75%.
وفي سياق متصل، يرى القائمون على موقع فيسبوك أن من شأن مبادرة "مقال اللحظة" تسريع عملية النشر وتغذية الموقع إلى حد بعيد. وثمة رهان حاسم خاصة بالنسبة للهواتف الذكية التي كانت في العادة تستغرق وقت انتظار مزعجاً عند الضغط على رابط في حالات التحميل المشترك، على سبيل المثال. وحسب فيسبوك فلن يستغرق الآن تحميل أي مقال أكثر من 8 ثوان.
وسيتيح النشر بآلية " مقال اللحظة" للمستخدمين سرعة فائقة "تصل أحياناً إلى 10 أضعاف". وفي شبكة الموقع ستكون هذه فرصة لزيادة "خبرة المستخدمين"، واستقطاب محتوى جيد، وبالتالي الاحتفاظ بالمتصفحين كزوار دائمين لمنصة فيسبوك. وفي المقابل ستضمن هذه المبادرة للمطبوعات الشريكة أيضا نسبة قراءة أكبر بكثير من منافسيها في الصحف والمطبوعات الأخرى.
وللتغلب على تردد الناشرين الشركاء في هذا الاتفاق لم تتوان شركة مارك زويكربيرج -فيسبوك- عن التقدم بعرض مغرٍ بكل المقاييس: أن يكون من حق وسائل الإعلام الشريكة أن تبيع بنفسها الإعلانات المصاحبة لما تنشر من المقالات والمواد والقصص الخبرية المرفقة في فيسبوك.
ومن حقها أيضاً الاحتفاظ بنسبة 100% من إيرادات العائد المالي من وراء ذلك. وعندما يكون موقع فيسبوك هو من باع الإعلان، من حق وسائل الإعلام الشريكة أيضاً الحصول على نسبة 70%من إيرادات الإعلان المصاحب لموادها على الموقع. كما يسمح لها أيضاً بجمع بيانات قرائها علي فيسبوك، بوسائلها المعهودة. وهذا أمر جوهري، بالنظر إلى الأهمية المتعاظمة لقواعد البيانات في مجال الإعلان والترويج والدعاية المستهدفة ذات الجمهور المعيّن.
كما وافق موقع فيسبوك أيضاً على إعطاء وسائل الإعلام الشريكة في هذا الاتفاق خيار الاحتفاظ بحق تخصيص ما تنشره كـ"مقال لحظة" على الموقع.
"إننا لا نسعى لجعل الفيسبوك بديلا للصحف، أو الإذاعات والقنوات التي تحبونها. إننا نستطيع أن نكون مكمّلين لأدوارها" فقط، هكذا اختصر كريس كوكس، مسؤول الإنتاج في فيسبوك، رؤية موقعه لحدود الشراكة والتكامل مع الإعلام التقليدي، بحسب ما نقلت عنه صحيفة " نيويورك تايمز".
وفي علاقات وموازين القوى التي ترتسم الآن، يزداد وزن موقع فيسبوك، على كل حال، ويتعاظم دوره وتأثيره، بصفته مستضيفاً للناشرين، وأيضاً كطرف فاعل في مجال الدعاية والإعلان.