كابل - أعظم خان
كشف المسؤولون وشهود العيان، عن أنّ مقاتلي "طالبان"، اشتبكوا مع القوات الأفغانية في طريقهم إلى وسط مدينة قندوز، شمال أفغانستان، الاثنين، وأطلقوا سراح المئات من زملائهم المسلحين من السجن، في واحدة من أكبر التجاوزات الأمنية الأكثر خطورة، خلال 14 عامًا من الحرب.ويعتبر هذا الهجوم الثاني، خلال العام، حيث حاصرت الحركة الإسلامية المتشددة مدينة قندوز، وقاتلت القوات الأفغانية دفاعًا عن المدينة من دون دعم دول حلف شمال الأطلسي، بعد أن سحبت قواتها العام الماضي، وشن المسلحون هجومًا مفاجئا من ثلاثة جوانب على المدينة ليلًا، ومع حلول وقت الظهيرة؛ رفعوا العلم الأبيض في الساحة الرئيسة، وسط قندوز، على بعد 200 متر من مقر الحاكم، وذلك وفقًا لما ذكره شهور العيان.
وأوضح أحد شهود العيان، أنّ المعارك تدور في منطقتين قريبتين، وأشار اثنان من مسؤولي الأمن إلى أنّ مقاتلي "طالبان" المسلحين بالقذائف الصاروخية؛ فاجئوا حراس الأمن واقتحموا السجن الرئيس للمدينة، وحرروا مئات المقاتلين والمسلحين.
وأخلت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة، مجمع قندوز، صباحًا، بعد بدء الهجوم، وأبرز المتحدث باسم الأمم المتحدة دومينيك ميدلي، أنّه تم ترحيلهم داخل أفغانستان؛ لكنه رفض الكشف عن أي تفاصيل تخص كيفية ترحيل الموظفين وتوقيت ترحيلهم والمكان الذي توجهوا إليه.
وبيّن نائب حاكم قندوز عبد الله دانيشي، من مطار المدينة، بعد فراره من مكتبه، أنّ المسلحون ضيقوا الخناق على المدينة، مضيفًا أنّ هناك معارك شرسة مستمرة في حديقة "سبين غار" التي تقع على بعد نصف كيلو متر من مجمع الحاكم؛ لكنه أصر على أنّ مركز المقاطعة لن يسقط، مشيرًا إلى وجود تعزيزات أمنية مقبلة من مناطق ثانية؛ للتصدى لـ"طالبان".
ويمثل الهجوم على قندوز؛ تطورًا مقلقًا لتمرد "طالبان"، فعلى الرغم من نجاح القوات الأفغانية في طردهم من معظم الأراضي التي سيطروا عليها؛ إلا أنّ الحركة المتمردة ربحت هذا العام، من خلال هذا التصعيد في العنف.
ولفت كبير المحللين لمجموعة الأزمات الدولية غرايم سميث، إلى أنه بالتأكيد أول اختراق كبير للعاصمة منذ عام 2001، حاصروا القوات الأفغانية من جميع الجوانب، ومع مجرد دخولهم إلى المناطق الحضرية؛ يصبح استخدام المدفعية أقل فائدة بكثير، وربما تساعد التعزيزات الأمنية في استعادة السيطرة على مناطق وسط قندوز من أيدي "طالبان"؛ إلا أنّه يصعب طرد المتمردين.
وتمت الإطاحة بـ"طالبان" في العام 2001، بعد حملة قادتها الولايات المتحدة؛ لإعادة فرض حكمهم في اشتباكات متفرقة منذ ذلك الحين، وصعّدت الحركة هجومها هذا العام، بعد أن سحبت قوات حلف "الناتو" جنودها، ولم يبق منهم سوى بضعة آلاف من الجنود.
وروى أحد شهود العيان، في تصريح صحافي، أنّه شاهد النيران تشتعل في المباني جنوب المدينة، ورأى مقاتلي "طالبان" يقتحمون مستشفى تديره الحكومة يضم 200 سرير، وفرّ عشرات السكان المذعورين إلى مطار المدينة الرئيس؛ إلا أنّ قوات الأمن أعادتهم إلى منازلهم.
وأفاد المتحدث باسم الشرطة الأفغانية سيد سروار حسيني، أنّ طائرات "الهليكوبتر" العسكرية أطلقت صواريخ على المتمردين، في ثلاث مناطق على مشارف المدينة، وأمكن سماع دوي المدفعية وإطلاق النيران وسط المدينة ليلًا، مبيّنًا، أنّه في الوقت الراهن، القتال العنيف ومستمر في مناطق خان آباد وشاردارا وإماما صاحب، المداخل الرئيسة للمدينة، وأردف: "لدينا قوات كافية وسنطردهم قريبًا".
وأشار حسيني إلى مقتل 20 من مقاتلي "طالبان"، وإصابة ثلاثة رجال من الشرطة الأفغانية في الاشتباكات، وذكر قائد شرطة مقاطعة بلخ المجاورة، أنّ قوات خاصة من الشرطة والجيش في طريقها للمساعدة في الدفاع عن قندوز، من جانبه حث المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، سكان قندوز على البقاء في الداخل، وغرد على "تويتر": "يحاول المجاهدون تجنب إحداث أي ضرر للسكان".
وشدد مسؤول في المستشفى رفض ذكر اسمه، على أنّ مقاتلي "طالبان" دخلوا المستشفى لفترة قصيرة؛ بحثا عن مقاتلي الحكومة الجرحى، وزاد: "دخلوا الغرف ولم يصيبوا أحدًا ولم يحطموا أي شيء ثم غادروا المستشفى، بعد فترة وجيزة".
وعانت قندوز من قتال عنيف في نيسان/ أبريل، حيث سعت "طالبان" إلى الحصول على المدينة، بعد انتهاء مهمة "الناتو" القتالية فى نهاية عام 2014، على الرغم من غارات الطائرات الأميركية من دون طيار التي لا تزال تستهدف زعماء المتمردين، فضلًا عن وجود قوة أميركية لمكافحة التطرف تعمل في البلاد.