أبوظبي - صوت الإمارات
أكدت الأستاذة المشاركة في قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، الدكتورة مريم سلطان لوتاهأن المرحلة شديدة التعقيد والخطورة، ليس على الوطن العربي فقط، كونه يمثل الساحة الأساسية لإدارة ذلك الصراع، وكان نصيبه من تداعيات تلك الحالة غير المستقرة كبيراً، نظراً لمركزية موقعه وأهميته الاستراتيجية والاقتصادية من جهة، وحالة الضعف والهشاشة وهامشية الدور من جهة ثانية، مما عظّم فرص الاختراق الإقليمي والعالمي لهذه المنطقة .
جاء ذلك في ورقة عمل، بعنوان "حالة النظام العربي: القواعد والفاعلون"، قدمتها الباحثة، في الجلسة الأولى من أعمال المؤتمر السنوي الخامس عشر، المنعقد تحت عنوان "النظام الإقليمي العربي ومعادلات القوة العالمية"، والتي أدارها محمد حسين الشعالي .
وأضافت إن تطورات الأوضاع في بلدان الربيع العربي، لا تمثل قلقاً قُطريا خاصا، بقدر ما تمثل خطرا قوميا، يستدعي قراءته ومعالجته والتصدي له بشكل جماعي، باعتبار أن حالة الفوضى قد أضعفت أداء الفاعلين التقليديين "الدول"، وأفسحت المجال لفاعلين جدد، مثل الجماعات المسلحة والهجينة، والتي تنامى دورها سواء داخل بلدان ما عرف بالربيع العربي، إلى جانب دورها العابر للحدود السياسية للدول العربية، الأمر الذي يتطلب، تضافر الجهود العربية من أجل تطويقها ومواجهتها .
وصرحت أن طرح فكرة المنظومة شرق الأوسطية والدفع باتجاهها، لا ينطلق من كونها تمتلك قواعد، تبرر قيامها بقدر ما ينطلق من وجود مصالح دولية وإقليمية من جهة، وضعف أداء النظام الإقليمي العربي من جهة ثانية .
واستعرضت محاور أساسية، أسهمت في بروز فاعلين جدد في قواعد اللعبة ونمط التفاعلات، أولها محور النظم الإقليمية مراجعة للجدل الفكري حولها، موضحة أن الأمر متعلق بما إذا كانت الدولة مازالت تمثل الفاعل الأساسي القادر على إدارة مصالحه على المستوى الخارجي، أم أن إدارة تلك المصالح عبر منظمات دولية أو نظم إقليمية، تقدم ضماناً أفضل لتحقيق المصالح المتبادلة للدول .
وأشارت إلى أن التعاون الإقليمي، جاء نتيجة نظرية التكامل، التي تعتمد على فكرة أن الدول في إقليم معين تكون أقل قدرةً وتأثيراً في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، من خلال اعتماد كل دولة على نفسها، بل إن هذه الأهداف تتحقق بشكل أكبر في حالة التعاون بين دول الجوار الإقليمي من خلال التكامل في منظومة .
وحول بروز الإقليمية الجديدة، أشارت إن هناك مجموعة من العوامل، التي أسهمت في بروزها، منها حدوث تغيرات اقتصادية وتجارية، بعد انهيار نظام بريتون وودز، وصعود قوى اقتصادية إقليمية، وبروز منظمات إقليمية ناجحة، وبناء هوية أمنية وثقافية مشتركة، نتيجة حدوث أزمات مالية، وعجز المؤسسات المالية عن حلها، كذلك المطالبة بتفعيل دور المنظمات الإقليمية في مجال الدبلوماسية الوقائية، وتراجع القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة عن التدخل المباشر في الأقاليم نتيجة التكاليف الباهظة لذلك التدخل .
أما بالنسبة للعناصر الأساسية، المتوجب توفرها لقيام أي نظام إقليمي، فذكرت أنها تتضمن ارتباطها بمنطقة جغرافية معينة، باعتبار أن حجم التفاعلات بين الدول المتقاربة جغرافياً عادة ما يكون أكبر وأكثر كثافة مقارنة بالدول غير المتجاورة، كذلك ألاّ يقل أعضاء النظام الإقليمي عن 3 دول، وألاّ يضم في عضويته أيّاً من الدول العظمى تفاديا لربطه بالنظام الدولى مباشرة .
وأضافت إن وحدات النظام الإقليمي، تمتد خلف شبكة معقدة من العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالنظام، والتي تملك تسييرها ذاتيا، وفقا لحركتها المنبثقة من هذه التفاعلات باستقلال عن النظام الدولي أو نفوذ الدول الكبرى .
وأكدت أن النظام الإقليمي العربي، يمتلك من الشروط والمقومات، ما لا تمتلكه أي منظومة إقليمية أخرى، سواء فيما يتعلق بالتقارب الجغرافي بين أعضائه، كونه يمتد على رقعة جغرافية متصلة من الخليج العربي وحتى المحيط الأطلسي، وهو يمثل حقيقة راسخة، قبل أن يكون إطاراً مؤسسيا ممثلاً في جامعة الدول العربية، إضافة إلى الخبرة السياسية المتقاربة والمصير المشترك، حيث إن الأبعاد الثقافية والتنظيمية والأمنية حاضرة وبقوة في النظام الإقليمي العربي، جنباً إلى جنب مع الاعتبار المصلحي .