تيسير خالد

أعرب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تيسير خالد عن قلقه بشأن المشروع، الذي تنوي فرنسا  طرحه على مجلس الأمن الدولي لتسوية  الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأكدّ خالد خلال لقاء مع وسائل الإعلام، صباح اليوم الأثنين، في رام الله، أنه لا توجد ضرورة في الوقت الحالي لإشغال أنفسنا كـفلسطينيين بهذا المشروع باعتباره المشروع المخلص، وقال :"هناك مشروع قرار فرنسي لكن الفرنسيين أنفسهم لا يستعجلون  الذهاب إلى مجلس الأمن لطرحه عليه" .

ولفت خالد إلى أن طرح المشروع على مجلس الأمن مؤجل بسبب الأحداث الساخنة في المنطقة والأولويات الإقليمية والدولية في معالجة قضايا المنطقة، إذ يتصدر الملف النووي الإيراني والحرب على المنظمات المتطرفة مثل ( داعش ) وأخواتها جدول الاهتمامات في الإقليم وعلى المستوى الدولي كذلك.

وتابع "حتى اللحظة لا يوجد مشروع فرنسي متبلور بصيغة واضحة ونهائية، ولا يوجد اتفاق على التحرك الفرنسي حتى مع الأوروبيين، والإدارة الأميركية لا تبدي حماسًا لذلك، مبينًا أنه بناء على معلومات من مصادر أوروبية " فإن المشروع غير مطروح الآن لعدم وجود اتفاق عليه، مع الإدارة الأميركية وحتى بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وألمانيا غير المهتمين بالملف، فالقضية الفلسطينية ليست من الأولويات على جدول أعمال تلك الدول.

وعبّر تيسير خالد عن قلقه مجددًا بشأن المشروع الذي وصفه بمشروع "سيء وخطير جدًا"، وقال :" حسب التقديرات  التي وصلتنا من أوساط أوروبية فإن المشروع مؤجل وغير مطروح حاليًا."

ووصف صيغة المشروع بأفكاره الفرنسية بأنه "هابط سياسيًا" ولا يمكن لأي جهة سياسية فلسطينية أن توافق عليه، "فهو يطرح العودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة في وقت يعلم فيه الفرنسيون أن حكومة بنيامين نتنياهو بتشكيلتها الراهنة والالتزامات التي قطعها نتنياهو على نفسه أمام "البيت اليهودي"، وقادة المستوطنين أغلقت الطريق تمامًا أمام إمكانية العودة إلى المفاوضات."

وأكدّ خالد، أن وجود غموض كبير في نصوص المشروع( وفقًا لمعلوماته) حول قضايا لا يمكن دون حلها التقدم في مسيرة التسوية، كالقدس. واللاجئين والاستيطان وغيرها من قضايا الحل الدائم.

وذكر أن المشروع يتحدث عن القدس باعتبارها عاصمة للدولتين، وهو ما وصفه بـ "اللغم الكبير"، قائلًا:" نحن لا نريد القدس عاصمة لدولتين نحن نريد القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين"،مضيفًا أن " الغموض هنا مدمر ويعطي الفرصة لحكومة إسرائيل للعب على الغموض".

ورفض خالد، طرح المشروع الفرنسي حول قضية اللاجئين وفقًا لحل "reasonable"، وهو ما يعني "منطقي أو معقول"، وليس حلًا عادلًا، الأمر الذي يحرف الملف عن قرارات الشرعية الدولية المتعلقة في قضية اللاجئين، أي القرار 194 الذي ينص على حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها والتعويض."

وشدد خالد على رفضه بما يتحدث عنه المشروع بشأن الاستيطان، وتبادل الأراضي ما يعني التسلم بالكتل الاستيطانية والانطلاق من حق إسرائيل في ضم الكتل الاستيطانية، بإجراء احادي الجانب يفرض نفسه على طاولة المفاوضات وفي الحل النهائي، رافضاً بالمطلق قبول ذلك. وقال:" قرارات المجلس المركزي واضحة في هذا الشأن".

ودعا خالد المسؤولين الفلسطينيين إلى عدم الترحيب أو إعطاء أي إشارة إيجابية بشأن المشروع الفرنسي. وقال بلغة التأكيد :" هذا مشروع لا يمكن قبوله". مستغربًا الحديث بلغة ناعمة عن مشروع يمس بشكل جوهري المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية الأساسية.

ونفى تيسير خالد، صحة الأخبار التي تتحدث بأن اللجنة التنفيذية بصدد الطلب من رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الدعوة لعقد دورة جديدة للمجلس المركزي للبحث في الخيارات السياسية في ضوء نتائج انتخابات الكنيسيت الإسرائيلي وتشكيل بنيامين نتنياهو حكومة هي الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل وأكد ضرورة الإسراع في تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني في دورة انعقاده الأخيرة مطلع آذار/مارس الماضي، لأن ذلك يحرر الجانب الفلسطيني من العودة إلى خيارات جرى اختبارها ولم تعد على الفلسطينيين بأية منافع أو مكاسب ويفتح خيارات جديدة يعيد من خلالها بناء العلاقة مع إسرائيل باعتبارها دولة احتلال استيطاني ودولة تطهير عرقي ودفع المجتمع الدولي للتعامل معها على هذا الأساس .

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أعلن الثلاثاء الماضي في تونس أن الفرنسيين يريدون ان يقدموا باسم الفلسطينيين مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي من دون أن يحدد مضمون المبادرة الفرنسية.

وقال أبو مازن في تصريح مقتضب للصحافيين في القصر الرئاسي في قرطاج إثر لقائه نظيره التونسي الباجي قائد السبسي، "هناك أفكار لدى الفرنسيين بأنه لا بد أن يتقدموا بقرار إلى مجلس الأمن باسمنا للقضية الفلسطينية، نحن نرحب بهذه الجهود ولكن هناك لجنة عربية من خمس دول هي المكلفة بمتابعة هذا الأمر مع فرنسا ومع غيرها من الدول".

وكانت فرنسا أعلنت  في شهر آذار/مارس الماضي أنها تخطط للبدء في مشاورات على نص مشروع يضع الإطار العام لإنهاء أزمة "الشرق الأوسط"، في الوقت الذي بدأت فيه نيوزيلندا العضو غير الدائم في مجلس الأمن، في صياغة مشروع قرار، قالت إنها تأمل  أن يعطي دفعة قوية لعملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وتأمل فرنسا بأن يحظى المشروع بقبول من الولايات المتحدة التي في العادة تقف في وجه أي مشروع ضد حليفتها إسرائيل في مجلس الأمن، لكنها أعلنت قبيل وعقب الانتخابات الإسرائيلية في 17  آذار/مارس الماضي، أنها ستعيد تقييم خياراتها بشأن العلاقات الأميركية الإسرائيلية وكذلك بشأن دبلوماسيتها في مسألة "الشرق الأوسط"، وذلك بعد الموقف الذي تبناه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الحملة الانتخابية ضد الدولة الفلسطينية.

ونقل عن فرانسوا ديلاتريه المندوب الفرنسي القول إلى مجلس الأمن"إنها مسؤولية هذا المجلس أن يتبنى مشروعًا متوازنًا يحظى بالإجماع ويضع الأطر للحل النهائي وجدولًا زمنيًا للمفاوضات."