لندن - كاتيا حداد
نشر متطرفون ينتمون إلى "تنظيم "داعش" على شبكة الإنترنت، صورًا تظهر مجموعة من النساء على أنهن مقاتلات مدججن بالسلاح، ولكنهم يريدونهن فقط كدمية للتعذيب وسوء المعاملة.
وتظهر هذه الصور، النساء في مناطق سيطرة "داعش" في العراق وسورية، وهن يرتدن ملابس سوداء من الرأس إلى أخمص القدمين والبرقع الأسود ويحملن السلاح، ويطلقن الرصاص من مسدسات نصف آلية أو يحملن بنادق من طراز إيه كي 47، وبدت قوية وخطيرة ومقدامة وكان تجاهل هذه الصور "الدعاية المتطرفة" أمر حتمى في الغرب لأنها غريبة بعدة طرق – والتي انتشرت بشكل كبير في مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية مثل "تويتر" و"فيسبوك".
وصُممت هذه الصور عن عمد وبسخرية لمناشدة الفتيات المسلمات الأوروبيات الساخطات واللاتي يحتقرن المجتمع الغربي ولكن ما زالن يعتبرن أنفسهن على قدم المساواة مع الرجال، وتعد هذه الدعاية مهمة بدرجة كبيرة لأنها تضع المرأة على الساحة - على عكس الدعاية التقليدية التي تركز حصرًا على الرجال وتعامل المرأة على أنها غير مرئية، ولكن الأهم من ذلك كله أنها غير عادية بسبب عمق الخداع لأنها مضللة: فهي العكس تمامًا للحقيقة، وذلك لأنه ليس للمرأة أي دور في المناطق التي يسيطر عليها "داعش" المتطرف وينحصر دورها كأداة للمتعة الجنسية لإشباع نزوات الرجل، ومصير الفتيات البريطانية اللاتي خدعن بدعاية "داعش"المتطرف في الشرق الأوسط هو أنهن رق بصورة أو بأخرى.
وتجد مراهقة من مانشستر أو غلاسكو الهاربة من المنزل على أمل الانضمام إلى التنظيم، نفسها زوجة وهو الطريق إلى العبودية، وليس هذا من الاستعارات: لأن العبودية الجنسية متوافقة مع فتوى أو مرسوم في هذه الخلافة (وهي دولة تزعم أنها تحكم بالشريعة الإسلامية).
وأوضح كتيب نشره تنظيم "داعش" في كانون الأول/ديسمبر الماضي القواعد الملتوية لهذه الفتوى ومتى يحق للرجال الاغتصاب أو بيع الجواري.
وينبغي توضيح هذه الحقيقة المروّعة للعالم أجمع وإلا فلن يدرك الناس حقيقة حملة "داعش" الدعائية الفعّالة وتلاعبها بشبكات التواصل الاجتماعي، فربما يرجع السبب في عدم الاستيعاب هو أنه أمر فظيع جدًا وصعب تصديقه أو لأننا اعتدنا في الغرب التشكيك في الأدلة التي نراها بأعيننا، وخصوصًا عندما نأخذه من وسائل الإعلام.
واقترح المعلقون أن بعض الصور ومقاطع الفيديو لأعمال داعش الوحشية - الأسرى في أقفاص والطواف بهم داخل معتقل داعش أو الرمي من فوق المباني – أنها مجرد "دعاية سوداء" تشنها وكالة الاستخبارات المركزية - عممت وهذا لتشويه سمعة الحركة، فإن كان الأمر كذلك، فإنها حيلة جاءت بنتائج عكسية سيئة، لأن تنظيم "داعش" يتغذى على الدعاية، وكلما زادت بشاعتها كان أفضل.
وذكر صحافي في صحيفة بريطانية، أنه قلق بشكل طبيعي حيال جميع الادعاءات العارية من البرهان وخاصة تلك الأكثر ترهيبًا، على سبيل المثال، بعض التقارير حول الفظائع التي تجعلني أشك في مصداقيتها حيث يزعم راديو 4 هذا الأسبوع أن هناك عقوبات وحشية ومتسلطة على المرأة التي تحاول إرضاع أطفالهن في الأماكن العامة، حيث وضعت صدورهن في فخاخ ذات أسلاك شائكة حادة، أنا لا أشك في أن العنف الجنسي حدث يومي في "داعش"، لكنني أعرف أيضًا أن الرضاعة الطبيعية في الأماكن العامة غير موجودة عمليًا في جميع الدول الإسلامية، كما لا يجدي أن يزعم بعض ما يسمى بالخبراء في المجموعة الإرهابية بأن للمرأة دور هام في بناء تنظيم "داعش".
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية هذا الأسبوع - كما لو كانت حقيقة - بيانًا عن المتشدد السابق أيمن العميد مفاده بأن داعش أمر النساء بالعمل في المستشفيات والمدارس ومكاتب الضرائب، فضلًا عن رفع التربية الأسرية، وهذا هراء لأنه بحسب قوانين "داعش" لا يسمح للنساء الخروج إلا في ظروف محدودة للغاية، ومع وجود أكثر من ثمانية ملايين شخص تحت سيطرتهم، فليس لدى المقاتلين مصلحة ملحة في تعزيز الأمومة.
وفي هذه الدوامة من المفاهيم الخاطئة والأكاذيب، لاتزال هناك حقيقة صارخة واحدة وهي انضمام أكثر من 500 شابة من أوروبا الغربية لـ"داعش" في العامين الماضيين، وهناك الكثير اللاتي تركن حياتهن المريحة للانضمام لـ"داعش" في كل أسبوع، ما ينتظرهن يفوق الوصف، في مارس/آذار توجه الصحافي في زيارة لإعداد تقرير حول نساء داعش لمعهد رويترز في أكسفورد لمخيم لاجئين في محافظة دهوك، كردستان، على مقربة من الحدود التركية، فوجدت أن أكثر من 18000 يزيدي يعيشون هناك، الذين أجبرهم مقاتلو داعش على الفرار من ديارهم في شمال العراق، وليس لديهم ما يعودون من أجله – حيث نهب المتطرفون ممتلكاتهم وقتلوا الشيوخ والمرضى غير القادرين على الهرب وفي كثير من الأحيان، عندما يهاجم الدواعش قرية ما يقتلون كل الذكور فوق سن 14 عامًا، ويجردون النساء من ملابسهن ويفحصون أجسادهن لمعرفة حجم الثدي وجاذبيته قبل أخذهن في حافلات إلى أسواق النخاسة.
وروى أحد لاجئي دهوك، معون 38 عامًا الذي كان يعمل مترجمًا مع القوات الأميركية في الموصل في العراق بعد الحرب ضد صدام حسين الفظائع التي تتعرض لها المرأة اليزيدية عند أسرها.
وذكر أنه شاهد امرأة قد رفضت ممارسة الجنس تشاهد طفلها يقتل أمام عينيها وأجبرت على أكل لحمه، وهذا زعم غير عادي على الإطلاق - ولكن، ما يثير الصدمة، أنه يتفق مع تقارير أخرى، وفي الأسبوع الماضي، ظهرت قصة أخرى وهي أنه قبل وفاة كايلا مولر البالغة من العمر 26 عامًا موظفة إغاثة أميركية في وقت سابق من هذا العام كانت إحدى جواري أبو بكر البغدادي، القيادي البارز لـ"داعش" وعرف المسؤولون الأميركيون هذا الاعتداء بعد إجراء مقابلات مع فتاتين يزيديتين في عمر 16 و 18 عامًا، اللاتي هربن من نفس المخيم وكانتا جواري.
وذكرت الممثل الخاص للأمم المتحدة زينب بانغورا بشأن العنف الجنسي، أنه تم إضفاء الطابع المؤسسي الاستعباد الجنسي الداعشي كتكتيك إرهابي وبلغت درجة من القسوة لم تشهد حتى في الحروب الأهلية لا في البوسنة والسودان ولا الصومال، وأضافت "لا أستطيع أن أفهم هذه الوحشية المرضية وسمعنا عن حرق فتاة تبلغ من العمر 20 عامًا لأنها رفضت ممارسة الجنس.
وبالنسبة للجواري اليزيدية، فإن المهرب الوحيد أمامهن هو عادة الموت إذ انتحر العديد من النساء وصدر قانون جديد أخيرًا يحظر عليهن ارتداء الحجاب وذلك لمنعهم من شنق أنفسهن.
واتهم الأصوليين الإسلاميين اليزيدين بالوثنية وعبدة الشيطان، لأنه وفقًا لدينهم القديم يصلون لسبعة ملائكة وهذا من المفترض أن يعطي المتطرفين الحق في أخذ السجينات وبيعهن في أسواق النخاسة، ولكن ليست اليزيديات فقط يؤخذن كجواري بل وعد "داعش" أن يكون لكل مقاتل داعشي جاريتين أو ثلاثة، ويجب عليهم الحفاظ على التوريد للأسواق وجذب المجندين من كل مكان - أوروبا وأميركا والدول الإسلامية مثل باكستان، وتباع الرق كالماشية وقد وضعت قائمة بالأسعار وفقًا للعمر والجاذبية، والشئ الأكثر قيمة هم الأطفال، بعضهم لا يتجاوز سن التاسعة.
ويتم بيع الفتيات قبل سن البلوغ بمبلغ 110 جنيه استرليني ويتراوح سعر المراهقات ما بين 80 و 85 جنيه استرليني والنساء في سن العشرينات بحوالي 60 جنيه استرليني – أو أقل من ذلك إن كانت لا تتمتع بصدر جذاب - في حين أن المرأة البالغة أكبر من 40 عامًا امرأة تباع بحوالي 25 جنيه استرليني، ولتوضيح تدني هذه المبالغ فإن العائد اليومي من تهريب النفط والضرائب والابتزاز وبيع الآثار في الأسواق السوداء في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش يتراوح ما بين 650.000 جنيه استرليني و1.3 مليون جنيه استرليني.
وتظهر أشرطة فيديو على الإنترنت شباب "داعش" المجندين وهو يتطلع بحماس في النساء داخل قفص في الأسواق، وفي إحدى المقاطع تسخر مجموعة من الشاب متطرف على وشك الحصول على أول جارية له.
فقال أحدهم ضاحكًا "اليوم سوق واليوم هو يوم توزيع الجواري إن شاء الله." وقال أصدقاؤه "هل تستطيع التعامل مع واحدة؟" ولن يترك له الخيار في البداية بل يختار القادة السياسيين المحليين وبعد ذلك الأمراء ثم الضباط ثم الجنود. بدأت إعادة العبودية مع رجل الدين الوهابي السعودي الشيخ محمد العريفي، داعية تويتر وذلك بحث النساء في سورية للشروع في "الجهاد الجنسي"، وتقديم أنفسهم للمقاتلين في الحرب على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان المنطق اللاهوتي هو أنه على الرغم من أن القرآن الكريم حرّم ممارسة الجنس قبل الزواج، إلا أنه ينبغي أن يسمح به إذا زاد من قدرة الرجل على القتال في أرض المعركة.
فانتشرت الفتوى واعتمدت حتى يمكن للرجال "الزواج" من امرأة لبضع ساعات في كل مرة، وهذا للتمتع بممارسة الجنس وفقًا لتعاليم القرآن بزعمهم، وكان من المتوقع أن تمارس المرأة التي تشارك في هذا التحريف الديني الجنس مع 20 رجل أو أكثر وعادة ما تكون قبل عودتها إلى القرية إما حامل أو تعاني من التهابات جنسية.
وأطلق على هذا النوع من المتعة اسم "جهاد النكاح" وقد أدان العديد من علماء المسلمين هذه الفتوى لكونها دعوة للبغاء، ولكنها كانت حافزًا قويًا للشبان الذين يقطنون قرى مسلمة صارمة حيث محرم فيها المواعدة بين الشباب والفتيات وجذب هذا بالإضافة إلى الاغتصاب غير المحدود والمتغاضى عنه آلاف الرجال لتنظيم داعش الذين أصابهم هوس الجنس لأنها بنيت على الاغتصاب والإباحية، وتعتبر كل امرأة يأسرها داعش سبية أو عبدة، وواجهت مئات الفتيات الأوروبيات اللاتي انضممن لداعش نفس المصير.
ويتم التغاضي عن فاحشة ممارسة الجنس مع العبيد حيث يتلاعب أئمة داعش بآيات القرآن الكريم التي أمر الله عز وجل فيها الرجال بحفظ الفروج 'إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم"- أي عبيدهم، وعلى هذا التفسير المشين للشريعة الإسلامية يمكن اغتصاب الفتيات دون البلوغ أو إذا كانت صغيرة جدًا، فيمكن الاعتداء عليها جنسيًا بطرق أخرى.
وبإمكان الداعشي بيع عبدته وفقًا لهذا التفسير الذي يقول بأنهن "مجرد ممتلكات يمكن التخلص منها طالما أن لا تسبب أي أذى أو الضرر" والاستثناء الوحيد هو إذا كانت الرقيق حاملًا بطفل من سيدها – فحينها تبقى حتى تنجب.
قد تتعرض الرقيق للضرب بغية التهذيب وألا يكون الضرب مبرحًا حتى "يكسر لها" عظم أو يصيبها بالشلل ولا يجوز تعذيبها وكذا غير مسموح بالضرب على الوجه، وليس هناك عقاب على الأمة الهاربة، وأما التوبيخ فهو متروك لرب الجارية وينبغي أن يكون بمثابة رادع وبالقسوة الكفاية لمنع غيرها من الجواري التفكير في الهروب، هذا هو الجحيم الذي ينتظر المرأة الغربية التي تتخيل بأنها ستحصل على بنادق هجومية وخوض الحرب المقدسة جنبًا إلى جنب مع الرجال عندما ينضممن إلى تنظيم "داعش" المتطرف.
وقد تروق هذه الفكرة الحربية للمرأة الغربية وليس للمرأة الشرق أوسطية التقليدية، وبالتالي ستنتهج دعاية داعش طرق أخرى لجذب المرأة الشرقية، لأن ما تطمح به الفتيات الشرقيات، في كثير من الأحيان، هي العادات التقليليدية المثلي وهى أن يكون لديها زوج ومنزل وأطفال على درجة من الجمال وهذه هي تطلعاتهن.
قد يعملا التوأم الزهراء وسلمى هالاني، 16 عامًا، اللتان هربا من مانشستر إلى سورية العام الماضي للانضمام إل التنظيم كرقباء تجنيد، وتظهر على حساباتهن على موقع التواصل الاجتماعي تويتر صورًا لنساء يرتدين النقاب الأسود ويحملن بنادق ويطلقن النار بمسدسات لإصابة الهدف.
وجاء في إحدى المقتطفات "كان يوم تدريب الدفاع عن النفس في "داعش" مع الأخوات ممتعًا' ومن غير المعروف عما إذا كانت إحدى التوائم قد كتبت هذه العبارة أم لا أو ربما يفعل ذلك الرجال، ولكن بالتأكيد لايمكن للمرأة في داعش أن تنشر أي صور دون موافقة الذكور وتخضع جميع وسائل الإعلام الاجتماعية للرقابة عن كثب وأي سوء استخدام يؤدي إلى العقاب الشديد.
وتفرض الميليشات النسائية، المعروفة باسم لواء الخنساء، عقوبات على أي أنثى تنتهك مبادئها التوجيهية التي اتسمت بالقمعية الفائقة والتي نشرت في مطلع هذا العام. وما يثير التساؤل صدور هذا البيان، الذي يطلق على المرأة، باللغة العربية فقط؛ من شأنه أن يكون دعاية سيئة في هذا البلد، وعلى النساء إرتداء ملابس باللون الأسود فقط، بما في ذلك الأحذية، ويجب تغطية كل جزء من جسدها، ويجب ارتداء القفازات في جميع الأحوال ويحظر محلات الأزياء بوصفها أنها من عمل الشيطان.
ويمكن للفتيات أن تتزوج في سن التاسعة ويجب ألا تظل عانسًا بعد بلوغ سن 17 عامًا في حين أنها لا تزال "شباب ونشطة"، ويتم تقليل دور المرأة في هذا المجتمع لشيء واحد ألا وهو توفير المتعة الجنسية للرجال سواء كانوا أمهات أو عرائس، فهي ليست من بني الإنسان بل ببساطة كائنات تواجه الازدراء مدقع وعديمة القيمة، ويعتبر العنف الجنسي أحد وسائل الحياة في داعش.
لكن تتوق العديد من النساء الشابات في بريطانيا وأماكن أخرى للإثارة المتمردة والرومانسية، وستقع في شباك الدعاية الداعشية التي تستهدف بشكل خاص النساء الغربيات بإغراق وسائل الاعلام الاجتماعية بهذه الحملة، ولكن لن يدركن هذه الحقيقة المثيرة للاشمئزاز إلا بعد فوات الأوان.