الطيران الروسي


أثير جدل كبير حول أهداف الطيران الروسي، حيث إنه لو أراد الروسي أن يقصف "داعش" ويواجه الإرهاب لكان بدأ من العراق أو الرقة وليس من ريف حماة، حيث مقرات تجمع العزة،  هذا الفصيل الذي يعرف بأنه من تشكيلات "الجيش الحر" الذي تم تأسيسه أوائل عام 2013 من قبل عناصر وضباط انشقوا عن النظام.ووفق المعلومات فإن الطائرات الروسية قصفت مقر التجمع عند الساعة العاشرة صباحًا في مدينة اللطامنة، حيث لاحظ المقاتلون في سماء المدينة 4 طائرات حديثة، وعلى الرغم من الفورة الإعلامية والدبلوماسية التي حصلت أمس في الأمم المتحدة جراء قصف مقرات "الجيش

الحر"، واصل الطيران الروسي عملياته وعاد واستهدف مقرات التجمع، في المرة الثانية عند الثانية بعد منتصف ليل الأربعاء، وفي الثالثة عند الساعة 11 من قبل ظهر اليوم، ما أدى إلى سقوط 8 جرحى، فيما الأضرار الكبرى كانت مادية".

وكان "للنهار" تواصل مع قائد التجمع الرائد جميل صالح، الذي أكد أن "عمليات القصف الروسية هدفها القضاء على الجيش السوري الحر والثورة السورية"، مشدداً على أن "قصف مقرات تجمع العزة لا يعني نهايتنا فنحن شعارنا واضح " مستمرون حتى آخر قطرة من دمنا، اتخذنا إجراءاتنا العسكرية المناسبة".

وتجمع العزة المعتدل، بحسب صالح، مع حل يضمن حق دماء الشهداء التي أريقت في

هذه الثورة سواء كان عسكرياً أو سياسياً، ويقول "لـلنهار": "كل العالم يعلم أن النظام السوري يستخدم السلاح الروسي للقضاء على الشعب والثورة، والآن بدأ التدخل المباشر للمحافظة على نظام ظالم قتل الآلاف من الأبرياء".

كما أن رؤية صالح لمستقبل سوريا ليست ضمن مهمة التجمع، حيث أوضح أن "هذا الشيء لا

نحدده نحن بل الشعب الذي ضحى وقاوم، ونحن فصيل عسكري مهمته القضاء على بشار الأسد ونظامه وليس لنا أي علاقة بشكل الدولة المستقبلية".

أما عن موقف التجمع من تنظيم "داعش"، قال: "روسيا تدعم داعش سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وداعش هو الوجه الآخر للنظام"، معتبراً أن "روسيا تعمل على ضرب الجيش الحر ممثلًا بتجمع العزة وغيره من أجل أن يخلوَ الجو في ساحة الصراع لطرفين هما النظام و "داعش" وبالتالي تكسب من العالم شرعية بقاء بشار الأسد كونه يحارب الإرهاب".

مدير المكتب الإعلامي للتجمع عبادة الحموي، شدد "لـلنهار" على أن "التجمع فصيل عسكري مستقل ولا يتبع أحداً، يقاتل في ريف حماة وريف إدلب، وهو مكوّن من عدد من الضباط والعناصر المنشقين عن النظام، وبعض الشبان الذين تخلفوا عن الخدمة الإلزامية والتحقوا بصفوفنا"، موضحاً أن "أهم مناطق تواجد التجمع في ريف حماه الشمالي، حيث يسيطر على غالبية المناطق المحررة هناك، ويرابط على جميع جبهات القتال في ريف حماة الشمالي ضد قوات النظام، وقام التجمع بعمليات عسكرية كثيرة منها تحرير مورك وخان شيخون، والمشاركة

في تحرير أماكن في قمحانة وتحرير حواجز كثيرة في ريف حماة".

وفي حمص، لم يستهدف الروس "داعش"، فلا مقرات لها في الريف الشمالي ويوضح

الناطق باسم مركز حمص الإعلامي محمد الحمصي "لـلنهار" أن "الريف الشمالي لحمص خالٍ تماماً من أي عنصر أو مقر لتنظيم الدولة الاسلامية، لأن الثوارقاموا بطرد التنظيم من هناك نحو الريف الشرقي، منذ أشهر طويلة"، ولفت إلى أن "القصف الروسي لم يستهدف أي منشأة عسكرية للجيش الحر أو الكتائب الإسلامية بل طال المدنيين".

ونفذ الطيران الروسي أولى غاراته في الريف الشمالي لحمص، ولدى المركز الإعلامي الإثباتات على قصف المدنيين من طائرات روسية، وفق الحمصي الذي أوضح أن "لدينا معطيات ومؤشرات تظهر أن الطيران الروسي هو من قام بقصف مناطق مدنية على أطراف حمص الشمالية كتسجيلات صوتية للطيارين الروس أو عن طريق مشاهدة ثلاث طائرات مقاتلة تقوم الأولى بالقيادة والثانية والثالثة بمهمة القصف، عن طريق الصواريخ هائلة الانفجار التي تضرب بها المدينة للمرة الأولى محدثة دماراً كبيراً".

أما الأماكن التي قصفها الطيران الروسي في حمص وفق المركز الإعلامي، فهي:

- تلبيسة وأطرافها (17 قتيلاً)، الزعفرانة ( 11 قتيلاً)، المدخل الجنوبي لبلدة الرستن (6 قتلى)، قرية الفرحانية التابعة لتلبيسة، بلدة المكرمية (قتيل واحد)، الغنطو (قتيل واحد).

ويبدو أن الطيران الروسي فتح شهية النظام، فأقدم الأخير على قصف المناطق نفسها مرة أخرى بالبراميل المتفجرة بحسب ما ذكر الحمصي "ما تسبب بحالة كارثية لا توصف وبحركة نزوح كبيرة جداً إلى مناطق مجهولة، واستطعنا توثيق نحو ثلاثين اسماً من الضحايا وبقيَ ستة أشخاص مجهولي الهوية بسبب تحوّلهم أشلاءً، واكتظت المشافي الميدانية بالجرحى الذين تجاوز عددهم المئة وهناك جرحى مهددون بالموت نتيجة نقص المستلزمات والكوادر الطبية".

وفي ظل مواصلة روسيا قصفها المعارضة السورية، يتبادر إلى أذهان السوريين السؤال: هل ستقف السعودية وقطر وتركيا وأميركا وكل الدول "الصديقة" للشعب السوري مكتوفة الأيدي أمام ما يجري أم ستدخل لتضرب مواقع النظام رداً على روسيا؟، هل ما قامت به موسكو هو للدفع نحو حلٍ سياسي بوجود الأسد أو نحو حرب عالمية ثالثة مسرحها سورية؟.

والمجال الجوي السوري مكتظ، بين المهام الجوية لدول التحالف الدولي العربي بقيادة أميركية وغارات الطيران السوري ثم سلاح الجو الروسي الذي نشر 50 طائرة ومروحية، في وقت دفعت روسيا أسطولها البحري إلى العمليات الجوية في سورية التي وسعت أمس نطاق غاراتها لتشمل عناصر دربتهم الاستخبارات الأميركية بالتزامن مع طرح مشروع قرار دولي لتشكيل تحالف ضد

«الإرهاب» وبدء التنسيق بين الجيشين الروسي والأميركي لـ «تجنب أي صدام» بينهما، في وقت طالبت السعودية بـ «الوقف الفوري» للعمليات العسكرية الروسية في سورية وضمان عدم تكرارها.

وليلة أمس، شن الطيران الروسي غارات استهدفت خمسة مراكز لتنظيم «داعش»، وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف: "إن الطائرات أغارت على مراكز للتنظيم في محافظتي حماة وإدلب"، وأفاد المتحدث العسكري أن الطائرات استهدفت مجدداً منطقة اللطامنة في ريف حماة.

كما أعلن الجيش الروسي قصف «معسكر تدريب تابع للتنظيم في معرة النعمان في محافظة إدلب و«مركز قيادة» شمال جسر الشغور.

وأعرب مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي، في كلمة المملكة أمام مجلس الأمن عن «القلق البالغ جراء العمليات التي قامت بها القوات الروسية في حماة وحمص الأربعاء، وهي أماكن لا تتواجد فيها داعش»، وأكد أن محاولات الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وإذكاء النزاعات الطائفية، مثل ما تفعله إيران في العديد من دول المنطقة،

هي ممارسات أثبت التاريخ مأسويتها وأظهر الحاضر إخفاقها.
 
وكانت روسيا شنت أمس ضربات جديدة في سورية، مؤكدة أنها تسعى إلى ضرب تنظيم «داعش»، لكنها ركزت على المجموعات المعارضة التي تهدد النظام.

واستهدفت الغارات الروسية مقرات لـ «جيش الفتح» في جسر الشغور وجبل الزاوية في ريف إدلب كما استهدفت أهدافاً للجماعات المسلحة بينها مقرات ومخازن أسلحة في قرية الحواش عند سفح جبل الزاوية بريف حماة الغربي، وفق مصدر أمني سوري.

وقال السناتور الأميركي جون ماكين: "إن الغارات الروسية استهدفت معارضين دربتهم ومولتهم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)".

وأعلنت مجموعة «صقور الجبل» المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة أنها تعرضت لصواريخ الطيران الروسي في محافظة إدلب، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «الجيش الحر» ليس «منظمة إرهابية» وهو «جزء من الحل السياسي».

وقال لافروف رداً على سؤال لـ"الحياة" إنه اتفق مع وزراء الخارجية في مجلس التعاون الخليجي الذين التقاهم أمس على «عدد من القضايا بما فيها ضرورة محاربة الإرهاب والحاجة إلى التوصل إلى تسوية سياسية في سورية بناءً على الامتثال الصارم لما جاء في بيان "جنيف١" الذي ينص على أن تتم المرحلة الانتقالية على أساس موافقة الطرفين، لكنه أكد في الوقت نفسه أن روسيا لا توافق على الدعوات التي تنحي الأسد عن السلطة كجزء من تنفيذ بيان جنيف.

ورد الرئيس الروسي أمس قائلاً: «في ما يتعلق بالمعلومات الصحافية التي أشارت إلى ضحايا في صفوف السكان المدنيين، نحن مستعدون لهذه الحرب الإعلامية»، مؤكداً أن هذه الاتهامات أعدت حتى قبل أن تقلع الطائرات الروسية في الأجواء السورية، وذكر دبلوماسيون أن لافروف قدم نصاً من خمس صفحات إلى أعضاء المجلس الـ15 الأربعاء يدعو «جميع الدول إلى المشاركة بالقدر الممكن في هذه الجهود، وتنسيق جهودها بموافقة الدول»، وهو مشابه لنص قدمته موسكو سابقاً ورفضه الأميركيون لاشتراطه «موافقة الدول».
 
وقال الكرملين أمس: إن هدف الغارات هو مساعدة قوات الرئيس بشار الأسد في محاربة الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق تواجه فيها القوات الحكومية صعوبات.

ورداً على سؤال عما إذا كان هذا هو هدف روسيا، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: «الهدف هو في الحقيقة مساعدة القوات المسلحة السورية في مواقعها الضعيفة».

وكشف مصدر عسكري سوري عن أنه سيتم إلحاق قوات خاصة بمشاة البحرية الروس إضافة إلى قوات تابعة لفرقة الإنزال الجوي الجبلية السابعة، وأفادت «إنترفاكس» نقلاً عن مصادر مطلعة، بأنه شوهدت في البحر الأسود السفينتان الحربيتان «كورولوف»، و«ألكسندر أوتراكوفسكي» وهما تعبران مضائق البحر الأسود في طريقهما إلى المتوسط.

وأشارت نقلاً عن مصدر عسكري مطلع، إلى أنه سيتم إشراك ناقلات كبيرة تتبع لأساطيل البحر الأسود والبلطيق والشمالي لتزويد الطائرات الحربية الروسية بالوقود اللازم لها في عملياتها في سورية، وقال كوناشنكوف: "إن مجموعة من مشاة البحرية الروسية متواجدة في سورية لحماية القاعدة الجوية هناك.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أمس أن المحادثات الروسية- الأميركية بدأت لمنع الاصطدام في الأجواء السورية بعدما أعلن أمس عن شن قوات التحالف غارات شمال سورية. وقال الكولونيل ستيف وارن: إن موسكو أبلغت واشنطن بأن “هدف الحملة هو ضرب "داعش" في سورية ونتوقع منهم القيام بذلك”. ولم يؤكد وارن أو ينفي توجه قوات إيرانية إلى سورية، إنما شدد على عدم وجود أي اتصالات عسكرية أميركية مع النظام السوري، واصفاً الأسد بـ ”حاكم الشر” وأن “أيديه ملطخة بالدماء.

وقال وارن في مؤتمر متلفز من مركزه في بغداد: "إن السلطات العسكرية الروسية والأميركية بدأت أمس محادثات تجنباً لأي حادث بين القوات المسلحة للبلدين في سورية. وأضاف: «إنها بداية المحادثات تجنباً لأي صدام».

من جهة أخرى، قال قائد «الجيش السوري الحر» في جنوب سورية بشار الزعبي: إن «التدخل الروسي اعتداء سافر على سورية وإجهاض للعملية السياسية».

وأضاف: «نطالب الأمم المتحدة بموقف توضيحي على الصعيد الأممي كونه أصبح بمثابة عدوان واحتلال، ونحن ذاهبون لتجميد العمل السياسي كمعارضة مسلحة وسياسية وتجميد أي محادثات».

وفي أنقرة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن بلاده لن تسمح للإرهاب بأن «يتجذر» فيها أو أن «يفرض أمراً واقعاً» بمحاذاة حدودها بعد يوم على بدء الغارات الروسية.